منتجع شرم الشيخ ألقت حادثة سقوط الطائرة الروسية التي أسفرت عن مقتل ركابها وعددهم 224 شخصا، بظلال كئيبة علي قطاع السياحة في مصر، خاصة بعد دخول بريطانيا علي الخط وقرارها المفاجئ بسحب سياحها من منتجع شرم الشيخ، وترديد ادعاءات بأن سبب سقوط الطائرة الروسية عملية إرهابية مستبقة نتائج التحقيقات، لتوجه ضربة قاصمة للسياحة المصرية في وقت يعد ذروة النشاط السياحي، لتواجه السياحة شتاء قارسا فيما علت الكآبة والحسرة وجوه العاملين في القطاع، الذين بات أملهم الوحيد في تنشيط السياحة الداخلية علها تعوض بعض خسائرهم. تتوالي إعلانات دول غربية وشركات سياحية كبري عن وقف رحلاتها إلي المدن السياحية في مصر، مع تواصل الحملة التي تشنها وسائل الإعلام البريطانية للتأكيد علي فرضية انعدام الأمن في المطارات المصرية، بشكل مبالغ فيه ويكشف عن سوء نية، أدت إلي حالة من الهلع وأثرت سلبا علي السياحة المصرية المهددة بالشلل التام بعد إلغاء العديد من الحجوزات المسبقة، وسط توقعات بانهيار موسم السياحة الحالي، بما يلقي بظلاله علي الاقتصاد بشكل عام، إذ تمثل السياحة 20% من دخل البلاد من العملة الصعبة، وتوفر 11% من فرص العمل. لكن الضربة القاصمة للسياحة جاءت مع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقف الرحلات الجوية الروسية إلي شرم الشيخ، مع اتخاذ التدابير اللازمة لاستعادة السياح الروس من شرم الشيخ، حيث يقضي ما يقارب ال 50 ألفا من الروس عطلاتهم في مصر حاليا، وهو الأمر الذي يصيب شرم الشيخ بالشلل التام قبل أسابيع من احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة، خاصة أن 50% من قوام السياحة في شرم الشيخ يعتمد علي السياحة الروسية، ويزور مصر 2.8 مليون سائح روسي سنويا. ورغم سوداوية المعطيات علي واقع السياحة إلا أن هناك أكثر من بصيص أمل، ففي مقابل إجراءات الحكومات الغربية يصر السياح الروس والإنجليز علي البقاء لاستكمال إجازاتهم، فيما أطلقت عدة شعوب عربية حملات غير رسمية ترويجا للسياحة المصرية، فأطلقت تونس فيديو لدعوة العرب لزيارة مصر بعنوان "زوروا مصر" الذي شارك فيه مجموعة من الفنانين التوانسة علي رأسهم صابر الرباعي ودرة، فيما دشن الجزائريون عدة صفحات وحسابات علي مواقع التواصل الاجتماعي لزيارة مصر وإنعاش سياحتها، بينما أطلق أهل الكويت حملة لدعم السياحة المصرية تحت شعار "معًا ضد مؤامرة ضرب اقتصاد مصر"، وتحدثوا عبر وسائل التواصل عن روعة المنتجعات المصرية خاصة شرم الشيخ، وطالبوا العالم كله بزيارة المدينة المطلة علي البحر الأحمر. الأوضاع الصعبة تفرض علي الجميع التكاتف لعبور هذا المنعطف الخطير والعمل علي تقليل خسائر السياحة، استطلعت "آخرساعة" رأي مجموعة من المتخصصين والعاملين في مجال السياحة لطرح مجموعة من الأفكار القادرة علي إنقاذ واحد من أهم قطاعات الاقتصاد، وقال ناجي عريان، عضو مجلس إدارة الفنادق باتحاد الغرف التجارية، إن الموقف صعب لأن معظم شركات السياحة البريطانية ترفض استكمال حجوزاتها أو إرسال سياح إلي مصر قبل الانتهاء من تحقيقات الطائرة الروسية المنكوبة وإعلان سبب سقوطها. وأضاف عريان ل"آخرساعة" أن القرار الروسي الخاص بتعليق الرحلات إلي مصر زاد من متاعب السياحة، لأن روسيا تورد إلي مصر 2.8 مليون سائح سنويا، فيما لا يقل عدد السياح الإنجليز عن مليون شخص سنويا، ويأتي من ألمانيا من 500 إلي 600 ألف سنويا، وأعداد أقل من فرنسا وهولندا وبقية الدول الأوروبية، وهي كلها أرقام تبخرت، وستسبب عدة آثار كارثية علي السياحة المصرية، ولا مفر من تدخل الحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، عبر محاورة الأطراف المصدرة للسياح، والسماع لمطالبهم والعمل علي حل أي مشكلة تواجه السياح لجعل البلاد بيئة جاذبة للسياحة. من جهته، أعطي باسم حلقة، نقيب السياحيين، بارقة أمل بقوله إن هناك بعض السياح الروس الذين وصلوا إلي مدينة شرم الشيخ عبر رحلات شارتر علي الرغم من التحذيرات الغربية، فضلا عن عدة رحلات من جنسيات أخري وصلت إلي مدن الأقصر والغردقة والقاهرة، متوقعا أن يتأثر سوق السياحة في مصر بنحو 30% علي الأقل خلال الشهرين المقبلين، متوقعا أن تسهم نتيجة تحقيقات الطائرة الروسية في عودة السياحة لاستعادة جزء من معدلاتها الطبيعية. وأشار حلقة إلي ضرورة العمل في إطار خطة متكاملة لإنقاذ السياحة، تتضمن تحركات حكومية لتوفير بنية تحتية جاهزة لاستقبال السياح، والعمل علي مواجهة الظواهر التي "تطفش" السياح من مصر، وعلي رأسها ظاهرة الباعة الجائلين الذين ينتشرون في الأماكن السياحية تحت أعين المسئولين، بالتوازي مع الاهتمام بالسياحة الداخلية. وأكد نقيب السياحيين أن دعوة المصريين المقيمين في الخارج لقضاء إجازاتهم في الداخل المصري تمثل أحد أوجه الحل لأزمة السياحة الحالية، خاصة أن المقيمين في الخارج يمتلكون القدرة علي ضخ عملة صعبة. من جهته، ذهب الدكتور زين الشيخ، الخبير السياحي، إلي أن الأمل معقود علي السياحة الداخلية لإنعاش الفنادق والمنتجعات، خاصة أن السياحة بين الدول تقدر بنحو مليار سائح سنويا، فيما تقدر السياحة الداخلية بنحو 5 مليارات، فإذا كانت مصر تستقبل نحو 10 ملايين سائح سنويا فهي قادرة علي أن تصل بالسياحة الداخلية إلي 50 مليونا، وهو رقم ضخم لتحقيقه نحتاج إلي خطة تسويق في الداخل، والاعتماد علي عروض جاذبة لنجعل من السياحة الداخلية أحد مكونات الحياة لدي غالبية المصريين، وكذا تقديم عروض للمصريين المقيمين في الخارج، فبدلا من توجه المصري إلي دولة أوروبية يمكن أن نقدم له عروضا تنافسية لكي نقنعه بالعودة وإنفاق مدخراته في الداخل. وأشار الشيخ، في تصريحات ل"آخرساعة"، إلي أن حادث الطائرة الروسية وتداعياتها علي السياحة يمكن أن تتخذ كنقطة انطلاق حقيقية لمواجهة أوجه القصور في المنظومة السياحية، والعمل خلال الفترة المقبلة علي خطة عمل تنتهي العام 2025، يكون هدفها تنظيف البيت من الداخل ومعالجة جميع المشاكل المزمنة في قطاع السياحة حتي نبدأ الانطلاق علي أسس سليمة.