الكل مشغول بالوجوه والأحزاب التي ستسيطر علي أول برلمان بعد ثورة 30 يونيو، بينما تؤدي كل المقدمات الموجودة حالياً إلي أنه لن يكون هناك معارضة واضحة المعالم. المعروف، أن المقاعد الموجودة علي يمين المنصة يجلس بها الأغلبية، أما المقاعد الموجودة علي يسار رئيس المجلس فتجلس فيها المعارضة، وهذه عادة برلمانية قديمة أخذها البرلمان المصري من البرلمان الفرنسي، واعتاد عليها المجلس منذ القدم. ومع إعلان العليا للانتخابات النتائج النهائية للمرحلة الأولي، بعد الانتهاء من جولة الإعادة التي جرت بين 418 مرشحًا علي النظام الفردي، وفوز 213 مرشحًا علي النظام الفردي، إضافة إلي 60 مرشحًا علي نظام القوائم ينتمون لقائمة "في حب مصر"، وبالقراءة في النتيجة النهائية، فهناك 5 سيدات حصلن علي عضوية مجلس النواب من بين ال213 نائبا علي النظام الفردي، و12 من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا، و108 منتمين للأحزاب السياسية المختلفة، و105 مستقلين. وبالنسبة للمقاعد ال108 التي حصلت عليها الأحزاب فتصدر فيها المشهد حزب المصريين الأحرار الذي حصل علي 36 مقعداً، ثم حزب مستقبل وطن الذي حصد 21 مقعدا، ثم حزب الشعب الجمهوري الذي حصد 11 مقعدا، وحزب الوفد 11 مقعدا، وحزب النور 8 مقاعد، والمؤتمر 5، وحماة وطن 4، والمصري الديمقراطي 3، والسلام الديمقراطي 2، والحركة الوطنية 1، والحرية 1، والحزب الناصري 1، وحزب الصرح المصري 1، والمحافظين 1، ومصر الحديثة 1، ومصر بلدي مقعد واحد. وبالتالي فإن الأغلبية الآن في يد حزب المصريين الأحرار ويأتي بعد ذلك قائمة في حب مصر التي حصدت 60 مقعدا في القطاعين لكنها لا تمثل الأغلبية لأن أغلبها من المستقلين والقليل منها موزع علي عدد من الأحزاب وبالتالي فإن الالتزام الحزبي سيكون سيد الموقف فوفقا للنص الوارد بقانون انتخابات مجلس النواب الذي يحظر علي عضو البرلمان تغيير الصفة التي اتجهت إرادة الناخبين إلي اختياره وفقًا لها، وفرض عقوبة علي ذلك بإسقاط العضوية عن النائب بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس. ونصت المادة علي أن: "يشترط لاستمرار عضوية أعضاء مجلس النواب أن يظلوا محتفظين بالصفة التي تم انتخابهم علي أساسها، فإذا فقد أحدهم هذه الصفة، أو إذا غير العضو انتماءه الحزبي المنتخب عنه أو أصبح مستقلا أو صار المستقل حزبيًا أسقطت عنه العضوية بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس". وبالتالي فإن الالتزام الحزبي هنا أصبح العمل به إجبارا وليس بالهوي كما يشاء النائب فلن يتكرر ما فعله الحزب الوطني في 2005 عندما قام بضم المستقلين حتي يستطيع أن يسيطر علي البرلمان وقتها. عدد من الخبراء والمحللين السياسيين أكدوا صعوبة تكوين تحالف بين الأحزاب والقوي السياسية التي استطاعت أن تحصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان في المرحلة الأولي من الانتخابات، نظرًا للخلافات الأيديولوجية والصراعات المشتعلة بينها في الفترة التي سبقت إجراء العملية الانتخابية، حيث بلغ عدد المقاعد التي حصدتها الأحزاب حسب المؤشرات الأولية 108 مقاعد. وقال الدكتور وحيد عبد المجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه من الصعب أن تتحالف الأحزاب التي حصدت معظم مقاعد البرلمان، لتصبح كتلة الأغلبية، وبالتالي تقوم بتشكيل الحكومة، نظرًا للخلافات بين الأحزاب الثلاثة التي حصدت أعلي المقاعد حتي الآن. وأوضح عبد المجيد أن حزبي مستقبل وطن والمصريين الأحرار لا يمر أسبوع دون أن يتراشقا إعلاميًا، كما أن حزب الوفد تجمعه عداوة مع حزب المصريين الأحرار بعد خطف أكثر من مرشح من الحزب قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية بأيام قليلة، مشيرا إلي أن التحالف قد يصبح مستحيلا، لافتا إلي أن التنسيق في بعض القضايا أو لتمرير بعض القوانين يظل ممكنا ولكن بشكل محدود. وقال عبدالمجيد إن عدد نواب الأحزاب مجتمعة لا يسمح بتشكيل كتلة الأكثرية داخل البرلمان، حتي إذا أضفنا إليهم الناجحين منهم في المرحلة الثانية، مؤكدًا أن تيار الأكثرية يحتاج 300 نائب علي الأقل، وهو ما لا يتوافر حتي الآن. وأشار عبد المجيد إلي أنه من المرجح أن تلك الأحزاب سوف تعمل علي التنسيق فيما بينها، فنحن أمام برلمان بلا أغلبية وإذا كان من الصعب تشكيل كتلة أغلبية من الحزبيين، فسيكون من الأصعب تشكيلها من المستقلين. وقال باسل عادل، البرلماني السابق والمرشح الحالي لانتخابات مجلس النواب، إن المستقلين أهم عنصر في البرلمان القادم.وأضاف عادل إن عدم انتماء المستقلين لأي حزب سياسي خاصة مع زيادة عددهم، سيؤدي إلي احتلالهم وضعا أبرز تحت القبة، والاهتمام الأكبر سيكون لهم، وإقناعهم مثلا بالحكومة ورئيسها، وبالتالي سيشكل المستقلون رمانة الميزان في البرلمان القادم. من جانبه، يري الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن النظام الانتخابي سبب إشكالية كبيرة للجميع، لافتًا إلي أنه من الصعب تحالف الأحزاب التي حصدت أكبر عدد من المقاعد تحت قبة البرلمان، بينما سيشكل كل حزب كتلة برلمانية مستقلة بذاته، وسيكون التنسيق في أمور محدودة. وأضاف أن بعض هذه الأحزاب يعتقد أنه يمتلك القدرة علي خوض الانتخابات بشكل منفرد لحصد الأغلبية داخل البرلمان، لافتا إلي أن هذه الأحزاب ستسعي للتحالف مع النواب المستقلين تحت قبة البرلمان، نظرًا للخلافات الدائرة فيما بينها.