احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي وعوائد اقتصادية مغرية، كانت البوابة التي دخلت منها منطقة شرق البحر المتوسط دائرة اهتمام الدول التي تتشارك حدودها البحرية في هذه المنطقة، وتعد مصر إحدي هذه الدول التي يحق لها الاستفادة من الاكتشافات الكبيرة للغاز الطبيعي، إلي بعدما وصلت الاحتياطيات الأخيرة في حوض شرق المتوسط إلي نحو 345 تريليون قدم مكعب، ليأتي الاكتشاف الأخير ليكون بمثابة التتويج للتحركات المصرية وانتصارا لها، في أعقاب تحركات عدة للرئيس عبدالفتاح السيسي، علي المستوي الإقليمي للحفاظ علي حقوق المصريين في مواجهة الأطماع الإسرائيلية والتركية. تجلي التحرك المصري في القمة التي عقدها الرئيس السيسي، مع نظيره القبرصي، نيكوس أناستاسيادس، وأنتونيس ساماراس، رئيس وزراء الجمهورية اليونانية، في القاهرة 8 نوفمبر الماضي، والذي خرج عنه بيان القاهرة الذي تضمن إشارة صريحة لمستقبل اكتشافات الغاز الطبيعي يمكن لها"أن يمثل حافزاً للتعاون علي المستوي الإقليمي"، وهو ما يكشف عن التحرك المصري للاستفادة من الاحتياطيات الضخمة التي يمكن أن تدرّ علي مصر ما لا يقل عن 20 مليار دولار سنوياً علي أقل تقدير وفقاً لدراسات عالمية. "اكتشاف حقل شروق أول الغيث، و250 تريليون متر مكب احتياطي مؤكد، 345تريليون متر مكعب احتياطي غير مؤكد، في منطقة شرق المتوسط معظمها في مياه مصر الإقليمية"، هكذا قال إبراهيم زهران، خبير الطاقة الدولي، ل"آخرساعة"، مضيفاً: "كميات الغاز الطبيعي الهائلة المكتشفة في البحر المتوسط قادرة علي تحويل مصر إلي دولة صناعية كبري علي مستوي العالم، والأمر يحتاج إلي سرعة تحرك من جانبنا لحماية حقوقنا في تلك الثروة الهائلة التي تقع معظمها في المياه الإقليمية المصرية. ويوضح زهران أن أكثر المناطق الواعدة لتحقيق اكتشافات ضخمة تُضاعف حجم المخزون الاستراتيجي المصري من الغاز الطبيعي، تتركز في منطقة "مخروط الدلتا" الواقعة في المياه العميقة بالبحر الأبيض المتوسط. وأشار زهران إلي التلاعب الإسرائيلي في منطقة شرق المتوسط للسيطرة علي آبار الغاز الطبيعي، ما يكشفه الإعلان عن بدء استخراج الغاز من حقل "نافاثان" العملاق والذي يقع علي بعد 235 كيلومترًا من حيفا وعلي بعد 190 كيلومترا من دمياط، بينما يقع حقل "شمشمون" الإسرائيلي علي بعد 114 كيلومترا من دمياط فقط، بما يعني أن هذه الحقول تابعة لمصر، وتبلغ إجمالي احتياطيات الحقلين بنحو 20 تريليون قدم مكعب أي بقيمة 200 مليار دولار، وهي الحقول التي حولت إسرائيل من دولة تستورد من مصر نحو نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي إلي دولة مصدرة تسعي لبيع الغاز المصري لمصر. من جهته، أكد اللواء بحري يسري قنديل، رئيس استطلاع القوات البحرية في حربي الاستنزاف و6أكتوبر، أن منطقة شرق المتوسط غنية بالموارد الطبيعية بما فيها من آبار بترول وغاز طبيعي، وهي تقع في منطقة تتوسط الحدود البحرية لأربع دول في المنطقة وهي مصر وتركيا واليونان وقبرص، ما يعني ضرورة رسم الحدود البحرية بين هذه الدول حتي يتم استغلال هذه المصادر، وفقًا لما تحدده اتفاقات ترسيم الحدود بين جميع الأطراف. وأشار قنديل ل"آخر ساعة" إلي أن الحكومة المصرية حققت عدة مكاسب للحفاظ علي حقوق مصر التاريخية، خصوصا تحركات الرئيس السيسي الذي طرح وجهة النظر المصرية بكل وضوح علي دول المنطقة، بعدما كان صوت مصر خافتا لا يسمع خلال الفترة السابقة، فهناك نحو 200 ميل بحري محل خلاف بين مصر وتركيا وقبرص واليونان، ولن تحل هذه المشكلة إلا من خلال الجلوس علي طاولة المفاوضات للوصول إلي اتفاقية حول ترسيم الحدود البحرية بين تلك الدول. في المقابل، طالب السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية الأسبق ومنسق حملة "لا لبيع الغاز للكيان الصهيوني"، الحكومة بالمزيد من الحركة للحفاظ علي حقوق مصر في مياه البحر المتوسط التي توجد فيها آبار الغاز الطبيعي، وشدد في تصريحات ل"آخر ساعة" علي ضرورة الاستمرار في خط المواجهة مع مختلف دول منطقة شرق المتوسط للتأكيد علي حقوق مصر في غاز المتوسط.