ونيللي كريم تسقط في دائرة الإدمان! العام الماضي كان هناك شبه إجماع علي أن مسلسل سجن النساء، وبعده السبع وصايا علي رأس أهم ماقدم في رمضان 2014، ولكن هذا العام لم يجمع الناس علي مسلسل بعينه، فالمعروض كثير، والمتميز قليل، وقد يكون "لهفة"، رغم بساطة مستواه، يغرد بمفرده بعيداً عن الطرح التقليدي لمسلسلات الفساد والجرائم الإنسانية والسياسية، والتعقيدات الدرامية، ويقف مسلسل «العهد الكلام المباح» في تحد سافر للمشاهد متوسط الذكاء، فطلاسمه كثيرة، وفي حاجة لفك شفرته، ويحتاج إلي وقت وتركيز شديد، حتي تستطيع أن تمسك بخيوطه المتشابكة، ولكنه ممتع علي كل حال فقليلة هي الأعمال التي تخاطب عقلك ووجدانك معاً. ويفقد عادل إمام الكثير من جمهوره، مع مسلسله أستاذ ورئيس قسم إخراج وائل إحسان، الذي يخلو من الكوميديا، أو حتي لحظات مرح، وكأن ذكاء عادل إمام قد تخلي عنه في الاختيار، ويبدو أن ثقته الشديدة في مؤلفه الملاكي يوسف معاطي، قد أوقعته في المحظور، فانصرف الجمهور عن متابعته، أو فلنقل نسبة كبيرة من الجمهور، ويتكشف لنا أن دور المخرج في بعض المسلسلات لاعلاقة له، بفهم وإستيعاب السيناريو، ولكن في خدمة النجم وتلبية طلباته، ممايؤدي إلي سقوط ثلاثتهم النجم والمخرج والمسلسل! حققت نيللي كريم، قفزات هائلة في العامين الماضيين، بداية من «ذات»، ثم «سجن النساء» وكانت كاملة أبو ذكري، أحد أسباب نجاحها وكشف موهبتها، وهذا العام تقف نيللي كريم، ومسلسلها تحت السيطرة، مع المخرج تامر محسن، وكاتبة السيناريو مريم ناعوم، وشخصية صعبة ومعقدة، لامرأة شابة تعاني من الإدمان، ومحاولات متكررة، للاقلاع عنه، ثم الاستسلام له مرة ثانية، طبعا أداء تلك الشخصية يحتاج إلي مجهود عصبي ونفسي فوق الاحتمال، ولكن مشكلة المسلسل أن معظم الشخصيات التي يقدمها تشارك في نفس الحالة، فبمجرد أن ينتهي مشهد لنيللي وهي تضرب حقنة، حتي يبدأ مشهد لأحمد وفيق وهو يضرب أخري، ثم مشهد للوجه الجديد جميلة عوض وهي تفعل نفس الشيء بمفردها أحيانا، أو مع محمد فراج، ثلث الشهر الكريم نتابع نفس الموقف المتكرر، بدون أن يتصاعد الموقف، أو يتطور، يادوبك اكتشفنا أن نيللي كريم حامل، وهو اكتشاف أصابها بالذعر والحزن، لأنها كانت ترفض الحمل، وهي علي هذه الحالة، يشهد المسلسل أداء متميزا من معظم أبطاله، ولكن المشكلة هو تكرار المشاهد، بشكل خانق، وهو عيب في السيناريو بلاشك لم يحاول المخرج علاجه، فإذا كنت تناقش قضية الإدمان في مسلسل 30 حلقة، فهذا لا يعني أن تقدم 30 شخصية مدمنة تمر بنفس المراحل ونفس المحاولات للشفاء! أما غادة عبد الرازق، فقد زعق لها نبي، حيث كادت تسقط نهائيا بعد مسلسل السيدة الأولي الذي قدمته في رمضان السابق، فقد مل الناس نموذج المرأة القوية، التي تدمر كل من حولها، وتسيطر عليهم بقوة أنوثتها وسحرها، وهو النموذج الذي يطلق عليه femme fatal وكانت نادية الجندي قد احترفت تقديمه طوال ثلاثين عاما، قبل ان تسقط نهائيا، ولسبب ما، كانت غادة تعتبرها مثلها الأعلي، لبعض الوقت، ولكن يبدو أنها إستشعرت الخطر، وأدركت أنها لايجب أن تسجن موهبتها في تلك الشخصية، وفي لحظة تمرد واضحة، غيرت جلدها تماما، وتعاملت مع السيناريست هالة الزغندي، والمخرج إسلام خيري، وكل منهما صاحب موهبة بكر، تدور الأحداث في جو من الغموض، والطرح الاجتماعي، لحالة سيدة شديدة التعلق بابنها، وقد أسرفت في تدليله وحمايته، رغم سقوطه الأخلاقي، وتفاجأ بمقتله، بشكل بشع، مما أوقعها في حلقات من الكوابيس، تحول حياتها إلي جحيم وخاصة أن قاتل ابنها، لم يتم التوصل له، وتحاول أن تبحث بطريقتها عن الأسرار التي كان يخفيها ابنها"كريم قاسم" حتي تزيلها، قبل أن يكتشفها البوليس، أو أي شخص آخر، فهي حريصة علي أن تظل سمعة ابنها نقية، وتحارب باستماتة، من أجل ذلك، إن شخصية الأم المكلومة، سوف تضع غادة عبدالرازق في حلبة التنافس، بعد أن كادت تخرج منها، ويتميز بين طاقم الممثلين كل من كريم محمود عبدالعزيز، بأداء هادئ رزين، وآيتن عامر، ومحمد شاهين وبيومي فؤاد، ولايزعجني إلا أغنية التتر، التي تشرح الأحداث وتركيبة شخصية البطلة، في تجربتها الأولي المنفردة تؤكد هالة الزغندي أنها جواد أصيل، المخرج إسلام خيري، يقدم حالة الهذيان بين واقع الشخصية والكوابيس التي تداهمها بحرفية، واضحة، وإيقاع لاهث لايعطي المشاهد أي فرصة للملل، بل تزيد رغبته كل يوم في المتابعة.