يُضاهي قيمتها شيء آخر، هي المشروع الأهم والأضخم لمصر في العصر الحديث، إنشاؤها يشبه المعجزة، خصوصاً بعد المُدة المُحددة للانتهاء منها، والتي قررها الرئيس عبدالفتاح السيسي بعام واحد فقط، لكن المعجزة تحققت في موعدها بسواعد المصريين وأموالهم، وبات حلم قناة السويس علي وشك الاكتمال في غضون أسابيع قليلة تفصلنا عن موعد افتتاحها. دشن الرئيس عبدالفتاح السيسي، العمل في حفر القناة الجديدة في 5 أغسطس الماضي، ووقع الوثيقة التاريخية لإعلان بدء تنفيذ المشروع في احتفالية غمرتها أجواء الحماسة والوطنية، وسط تقديم الطائرات الحربية لعروض رائعة، ووعد الرئيس السيسي بأن تكون القناة الجديدة مصدراً لرخاء مصر كلها. السيسي قال "باسم شعب مصر العظيم، ووفاء بالعهد والوعد، متوكلاً علي الله، واستكمالاً لمسيرة أجدادنا العظماء، نأذن نحن عبدالفتاح السيسي ببدء حفر قناة السويس الجديدة، لتكون شرياناً لخير مصر ولشعبنا العظيم وللعالم أجمع حفظ الله مصر وشعبنا العظيم وتحيا مصر". البداية لم تكن سهلة، فالرئيس عبدالفتاح السيسي، أمر بالانتهاء من حفر قناة السويس الجديدة خلال عام واحد فقط، رغم أن افتتاح القناة الأصلية عام 1869، جاء بعد أعمال حفر استمرت عشر سنوات، ووعد الرئيس السيسي المصريين بافتتاحها خلال احتفالات الذكري الثانية لثورة 30 يونيو، ما حمل العاملين في مشروع القناة الجديدة مسئولية كبيرة، لكنهم جميعاً كانوا علي قدر تلك المسئولية الملقاة علي عاتقهم، وتمكنت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وهيئة قناة السويس الجديدة، والشركات العاملة في المشروع، وجميع العاملين بالمشروع من الانتهاء منه في الموعد المحدد، وباتت القناة الجديدة جاهزة للافتتاح في شهر أغسطس المُقبل. وفي كلمته للشعب معلناً بدء تنفيذ المشروع، قدم الرئيس رؤية استراتيجية متكاملة، شملت تحديد مدي زمني لإنجاز المشروع، مراعياً اعتبارات الأمن القومي، وتفعيلاً لمبدأ الشراكة المجتمعية في عملية التدشين، وفي الاكتتاب الشعبي، كمشروع مستقبلي واضح الأهداف وتحددت المدة اللازمة لإنجازه بعام واحد فقط في تكليف مباشر لقادة العمل والبناء، وقال السيسي "معندناش وقت.. إحنا بنسابق الزمن ومتأخرين.. عايزين نبني بلدنا ومش هنبيع وهم للناس، وإن شاء الله العام القادم زي دلوقتي نكون مخلصين مشروع محور قناة السويس والطرق". الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وهيئة قناة السويس، تلقت الأمر الرئاسي بالإشراف علي كافة أعمال المشروع، والاستعانة في سبيل تنفيذه بأكثر من 80 شركة وطنية، وبدأت يوميات الإنجاز والإعجاز، حتي تحقق الحلم الكبير. قناة السويس، التي تربط بين البحرين الأبيض والأحمر، هي أسرع طريق ملاحي يربط أوروبا بآسيا، ويمر بالقناة 7% من التجارة العالمية، وهي أكبر مصادر العملة الصعبة لمصر، وتسمح القناة الجديدة بالسير الملاحي في اتجاهين متوازيين، مما يقلل فترات انتظار السفن، كما تزيد من سعة المجري الملاحي، وتزيد العائد منها ثلاثة أضعاف في أقل من 10 سنوات، ليزيد من 5.3 مليارات دولار في 2014 إلي 13.2 مليار دولار عام 2023. قناة السويس الجديدة أو "الحلم المصري العظيم"، أسهم المصريون في تمويله، رافضين أن تُسهم في إنشائه أي أموال خارجية أو مستثمرين أجانب، وجمعت الحكومة 8.5 مليار دولار من المصريين في صورة شهادات استثمارية بعد أيام قليلة من دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمواطنين للمساهمة في إنشاء القناة الجديدة عبر شراء شهادات الاستثمار. في الرابع من سبتمبر، أعلن محافظ البنك المركزي، هشام رامز، عن بدء طرح شهادات قناة السويس، وشارك في عملية طرح الشهادة كل من بنوك، الأهلي المصري، ومصر، والقاهرة، وقناة السويس. حيث صدرت الشهادات ذات العائد السنوي بمقدار 12% ويوزع كل 3 أشهر، بفئات 10، 100، 1000 جنيه ومضاعفاتها علي أن يصرف العائد كل 3 شهور، للشهادات فئة 1000 جنيه، وعائد تراكمي للشهادات فئة 10 و100 جنيه بعد انتهاء مدتها البالغة 5 سنوات، وهي النسبة التي كانت أحد الأسباب التي دفعت المصريين للإقبال الكثيف علي شرائها. وفي 15 أغسطس من العام 2014، أعلن محافظ البنك المركزي، أن حصيلة بيع شهادات استثمار قناة السويس بلغت 61 مليار جنيه، منذ بداية الطرح عن طريق البنوك، وهو ما يزيد علي المبلغ المطلوب لحفر القناة الجديدة، معلنًا بذلك نجاح المصريين في تحقيق أول خطوة في طريق حفر القناة الجديدة. وصلت معدلات التنفيذ للمشروع بعد مرور 7 أشهر إلي 215 مليون متر مكعب من ناتج أعمال الحفر الجاف بنسبة تنفيذ 93.5% من إجمالي الكمية المخطط حفرها، وبنسبة تنفيذ 107% من المخطط تنفيذه خلال هذه الفترة التي تضمنت حفر القناة الرئيسية بطول 35 كيلو مترا، من علامة الكيلو 60 ترقيم القناة شمالا، وحتي علامة الكيلو 95 ترقيم القناة جنوبًا، وحفر 4 قنوات اتصال عند علامة الكيلو (65 - 76 - 84 - 89) ترقيم القناة بطول 4 كيلو مترات، وبإجمالي 180 مليون متر مكعب من أعمال الحفر الجاف، وهو ما انتهي تنفيذه بنسبة 100%. وفي 11 يونيو 2015، أي قبل 56 يوماً من موعد الافتتاح، كان قد انتهي علي أرض الواقع حفر 230 مليون متر مكعب من أعمال الحفر الجاف بنسبة تنفيذ 100% للقناة الرئيسية بطول 35 كم من علامة الكيلو 60 ترقيم القناة شمالا حتي العلامة 95 ترقيم القناة جنوباً. وفي يوم الخميس 26 يونيو 2015، وقبل موعد افتتاح القناة الجديدة بنحو 40 يوماً، أعلن الفريق مهاب مميش، انتهاء العمل بالقناة الجديدة بنحو 95% من المشروع. رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، أكد أن قناة السويس الجديدة، هي ميلاد جديد لمصر، وأن القوات المسلحة قادرة تماماً علي تأمينها". كما أكد رئيس هيئة قناة السويس الجديدة، أن المشروع دخل مراحله النهائية، وهي مراحل ليست سهلة، وتتطلب جهداً كبيراً للانتهاء منها في المواعيد المُحددة، وتجهيز المجري الملاحي من جميع الوجوه لإبحار السفن.. مميش، شدد علي أن حفل افتتاح القناة الجديدة لن يُكلف ميزانية الدولة أي أموال، حيث سيتم تمويل الحفل بمساهمات من المؤسسات وتبرعات رجال الأعمال، وتم بالفعل الإعلان عن حسابات مصرفية بالجنيه والدولار لتمويل الحفل، كما أكد مميش تبرع العاملين بالهيئة براتب شهر كامل لتمويل حفل الافتتاح.. وزير الاستثمار، أشرف سلمان، قال إن افتتاح قناة السويس الجديدة في موعدها المحدد يُساهم في عودة الثقة العالمية مُجدداً تجاه مصر، بعد أن أثبتنا للعالم كله أن مصر ملتزمة بتنفيذ المشروع في موعده المُحدد، كما أن القناة الجديدة، ستُعيد وضع مصر علي الخريطة إلي مكانتها الطبيعية.