في مثل هذا الأسبوع منذ عامين وبالتحديد في يوم 30 يونيو المجيد خرج الشعب المصري البطل ليقول لا للاحتلال الإخواني، ويعلن رفضه لديكتاتورية الجماعة، وإرهاب أعضائها، وتسلط وزرائها، وطغيان مرشدها وعصابته. خرج الشعب في مشهد عبقري أدهش العالم، ومن أفضل التعليقات كان تعليق الصحافة الألمانية التي قالت لو فعل الشعب الألماني ما فعله المصريون ما كان هناك هتلر في التاريخ!. عبقرية الشعب المصري تجسدت في خروجه السلمي لإسقاط الشرعية التي منحها لرئيس لم يكن يستحق أن يكون رئيسا، رئيس كان يريد في آخر أيامه أن يحكمنا بالعافية، وبالإرهاب والتخويف، ولكن ليس الشعب المصري الذي يمكن أن يرهبه أحد أو يخاف من أحد غير الله سبحانه وتعالي. نعم الشعب طيب ومتدين ويجنح دائما إلي السلم لأنه مسالم بطبعه، ولكنه ليس جبانا أو غبيا يمكن أن يضحك عليه أحد.. وإذا استغل أحد طيبته وعفويته فلا يمكن أن يستمر هذا الاستغلال طوال العمر، والذين هم مصرّون علي لي الحقائق دائما، مازالوا يرددون نغمة أن مرسي كان رئيسا منتخبا ديمقراطيا.. نعم كان منتخبا ديمقراطيا بطريقة صنعها المصريون ونفذها المصريون، وأرادها المصريون.. وهؤلاء يتناسون أن من يستطيع أن يمنح، لديه نفس القدرة علي أن يمنع، والشعب سيد قراره، فكما منح الشعب مرسي لقب رئيس بانتخابات ديمقراطية، فلقد عزله أيضا ومنحه لقب المعزول في مظاهرات سلمية ديمقراطية لم يكن بها حادث واحد، ولم يعتد فيها أي شخص علي الآخر، وبأعداد تجاوزت ال 30 مليون نسمة، وهو عدد فاق عدد الأصوات التي أوصلته لكرسي عرش مصر، التي لم تتجاوز ال 12 مليونا.. إذن فنحن أمام رغبة جارفة في العزل تجاوز عدد من فيها 3 مرات عدد من انتخبوه رئيسا.. أليست هذه ديمقراطية. أليست هذه هي الديمقراطية التي جاءت بالإخوان المحتلين لسدة الحكم.. بعد خروج الشعب العبقري يوم 25 يناير 2011 ليخلع مبارك في 11 فبراير من نفس العام. ويومها جاء بيان الإدارة الأمريكية ليقول لمبارك «الرحيل فورا.. والآن» ولكن مع الإخوان مازالت الإدارة الأمريكية تدعم الإخوان وتنفذ الديمقراطية بمزاجها وعلي طريقة مايخدم مصالحها الخاصة. وتسريبات (سعودي ويكيليكس) تؤكد صحة كلامي، فهذه الوثائق لم تكن لتخرج أو لتتسرب إلا لأن السعودية بدأت في التحرر من السير في ركاب الإدارة الأمريكية، منذ أن أعلن الملك عبدالله رحمه الله وقوفه بجانب الشعب المصري وانحيازه للخيار الشعبي المصري. ومن وقتها والإدارة الأمريكية تكيد للسعودية، مرة من خلال مايحدث في اليمن وعدم تدخلها كما تدخلت في ليبيا لأنها تريد زعزغة الاستقرار في هذا البلد الأمين، ولأنها رأت أن مصر والسعودية تقودان تحالف القوات العربية المشتركة وهي لاتريد ذلك، فكيف يكون للبلاد العربية رأي مغاير لما تريده أمريكا. وانظروا كم حادثا إرهابيا وقع في مساجد بالسعودية، في مشاهد لم تعتد عليها المملكة. وما أثار حفيظة أمريكا أكثر هو الاتفاق النووي السعودي الروسي، فرغم أنه سلمي بحت إلا أنه لا يعجب الولاياتالمتحدة. ولعل الحوادث الثلاثة الإرهابية التي وقعت في الكويت وتونس وفرنسا تؤكد وجهة نظري، فالتوقيت والطريقة تؤكد أن هناك عقلا مدبرا واحدا لهذه الحوادث يريد بث الرعب في قلوب دول إما نجحت ثوراتها أو دول تؤيد هذه الثورات أو دول غيرت موقفها واقتنعت بحق الشعوب في تحديد مصيرها. فتارة تزعزع أمن مصر بتأييد الأعمال الإرهابية التي تنفذها «الإخوان» من مصر.. وتارة تروج لشعار الإخوان أن مصر تُحكم عسكرياً، في حين لم نسمع أن أمريكا يحكمها العسكر عندما كان رئيسها أيزنهاور، وفرنسا كذلك التي كان رئيسها شارل ديجول، فالاثنان جنرالان، ولكن عندما يحكم مصر جنرال يكون الحكم عسكريا، فالحلال في أمريكا وفرنسا حرام في مصر والدول العربية. نحن أمام منظومة أمريكية تحاول جاهدة وبكل الطرق إعادة المفهوم القديم للعرب أنهم أحجار علي رقعة الشطرنج تحركها الإدارة الأمريكية علي هواها تسقط من تريد وتميت من تريد وتجعل من تريد فائزا. ولكنها هذه المرة لاتبعث جنودا، ولا جواسيس فالزمن تغيّر، فهي تستخدم أدوات أخري وتلعب الآن بالإخوان تحركهم كما تشاء وتستخدمهم وتتبناهم، وتؤذي بهم مصر، وتعرقل بهم مسيرتنا.. ونهضتنا واستقرارنا وأمننا.
لن تستطيع أمريكا ولا الإخوان و لا أي دولة أو جماعة أن تكسر إرادة المصريين أو ينفذوا ما يحلو لهم، فعندما هزمنا الهكسوس لم يعودوا، وعندما هزمنا الفرنسيين لم يعودوا، وعندما طردنا الإنجليز لم يعودوا، وعندما أسقطنا الإخوان لن يعودوا. رغم أنف أمريكا. آخر كلمة الشعب المصري سيظل سيد قراره، فلقد تربينا علي أن نكون أحرارا.