الارتفاع الجنوني في الأسعار، يضطر البعض إلي شراء اللحوم المستوردة، عوضاً عن اللحم البلدي، علي الرغم من الأمراض التي قد تسببها مثل هذه اللحوم حيث تسبب خللاً في الهرومونات وقد يصل الأمر إلي إصابة من يداوم علي تناولها بالعجز الجنسي والسرطان، ولكن في ظل غياب الضمائر ورغبة بعض القصابين في تحقيق ربح سريع فإن اللحم البلدي هو الآخر أصبح معرضاً للغش، حيث يتم بيع المستورد علي اعتبار أنه بلدي، وهنا يخسر المواطن "جيبه" وصحته. أما الطامة الكبري فهي حدوث هذه الخدعة بمباركة من هيئة الخدمات البيطرية التي أصدرت قراراً منتصف العام الماضي يسمح بختم العجول المستوردة بالختم البلدي.. وهكذا ودون أن يدري المواطن الغلبان أصبح "البلدي يوكل" وأيضاً المستورد، فلم يعد هناك فارق. بداية الجولة كانت من سوق "باب اللوق" الشهير ببيع اللحوم المستوردة المجمدة، حيث قالت أم حسن أشهر قصابة في هذا السوق: "أتاجر في البرازيلي فقط لأنه لحم بقري وأرخص أما الهندي فهو لحم جاموسي والاسترالي ضأن فقط وتصل إليّ اللحمة عن طريق كذا وسيط بدءاً من المستورد حتي تصل إلينا بحوالي 28 جنيها للكيلو ونبيعها ب 35 وفي بعض المحلات تباع ب 40 جنيهاً، لكن المشكلة فيمن يبيع المستورد علي أنه بلدي وهؤلاء كثيرون، فأي شادر يعرض لحمة كأنها بلدي طازجة تكون مستوردة يفك التجميد ويعلقها علي باب المحل باعتبارها بلدية". بينما قال أحمد حسن (قصاب في نفس السوق): "أي جزار لا يبيع اللحم المستورد علي أنه بلدي لا يربح، لأن تجارة اللحوم البلدي غير مربحة أصلاً فكيف يبيع كيلو اللحم الواقع عليه ب65 جنيهاً ب70 و80 جنيها فقط" ! لا يختلف الوضع كثيراً في منطقة السيدة زينب، حيث يقول جمال حسين (صاحب شادر لبيع اللحوم): أبيع الكيلو ب 65 جنيها علي أنه لحم بلدي، وأستطيع أن أقنع المستهلك بأنه لحم بلدي، علي الرغم من وجود فرق بين النوعين فالمستورد المجمد يميل لونه إلي الوردي ورائحته تكون زفرة أثناء الطهي، ومنزوعة الفائدة لأن دمها تمت تصفيته بعد فك التجميد". خلف سوق السيدة زينب يقع المدبح، وهناك تنتشر الشوادر التي تعرض اللحم معلقا علي الأبواب وقلما تري ثلاجة تؤوي هذا اللحم لحفظه، لا تعرف هوية هذا اللحم ومصدره ولا أين يذبح، فقط شوادر ضيقة لكل شادر قطعة خشبية "أورمة" لتقطيع اللحم، وبسؤال القصابين عن مصدر هذا اللحم قال أحدهم ويدعي أحمد الصادق: "أحضر اللحم عن طريق وسيط مستورد للحيوانات من البرازيل.. ثم تذبح في المجزر الآلي في البساتين ولكنني ذبحت في المدبح وختمت بخاتم اللحم البلدي بطريقة غير شرعية لأن العجول المستوردة تختم في ميناء العين السخنة وتذبح مباشرة بعد الخروج من الحجر الصحي وليس في المجزر الآلي". في المقابل، وبينما أنكر عدد من القصابين اتباعهم هذا الغش التجاري وأكدوا اتباعهم الطرق الشرعية فقط، كان علينا الرجوع في هذا الأمر إلي أحد المتخصصين في هيئة الخدمات البيطرية والذي كشف بالفعل عن أن الهيئة تسمح رسمياً بختم العجول المستوردة بختم اللحم البلدي، حيث يقول الدكتور لطفي شاور مدير التفتيش علي مجازر السويس: هناك ثلاثة أنواع من اللحوم الحمراء المستوردة، لحوم مبردة ولحوم مجمدة تباع في المحلات التجارية الكبيرة وتستخدم في المطاعم، وهناك لحوم طازجة تباع عند القصاب. ويوضح شاور أنه لا يمكن للمستهلك تفرقة اللحم المستورد عن البلدي، ومن هنا يجب أن تؤمن له الدولة أماكن بيع اللحم البلدي من خلال التفتيش علي اللحوم التابعة للهيئة العامة للخدمات البيطرية والتموين ووزارة الصحة.. وتابع: جميع اللحوم المصنعة من همبورجر وسجق وسوسيس، وحتي مطاعم اللحوم، تستخدم اللحوم المستوردة وعرض أي لافتة تفيد أن اللحم بلدي يعتبر غشا تجارياً، حتي وزارة الزراعة عندما تضع لافتات إنتاج وزارة الزراعة فهذا أيضا غش تجاري لأنها لحمة مستوردة، وحتي اللحم البلدي عند القصابين هو لحم مستورد وما يحدث الآن هو أن هذه الهيئة أصدرت قراراً رقم 489 بتاريخ 22/7/2014 بمقتضاه "تختم لحوم الحيوانات المستوردة بغرض التربية والتسمين بخاتم اللحوم المحلية واللون الأحمر بعد قضاء فترة الحجر البيطري (60 يوماً) علي ألا يقل وزنها عن 300 كيلوجرام عند الذبح، وبموجب هذا القرار يسمح للحوم المستوردة أن تختم بختم لحم بلدي وتباع عند القصابين كلحم بلدي يصل سعره إلي 80 جنيهاً والشرط الذي يتضمنه القرار غير منطقي لأن أي عجل وزنه لا يقل عن 700 أو ألف كيلو ومن ثم فإن اللحم المستورد يباع كلحم بلدي وهذا غش تجاري تحت مظلة الهيئة العامة للخدمات البيطرية. بينما أوضحت الدكتورة أميمة قنديل أستاذة تكاثر الحيوان في المركز القومي للبحوث أنه أثناء عملية التسمين لأي حيوان سواء أغنام أو عجول أو حتي دواجن يستخدم بعض المسمنين الهرمونات وثبت من الدراسات أن هرمونا "البروجسترون" و"الايستروجين" يحفزان علي النمو ويستمر مفعول الهرمون داخل جسم الحيوان لفترة معينة حسب نوع الهرمون فقد يبقي في جسم الحيوان لمدة ساعات فقط ثم يذهب أثره، وقد يستمر لعدة أشهر، ولكن الخطأ في أن يحقن الحيوان الهرمون وبعد أيام يتم ذبحه قبل التخلص من أثر الهرمون، ما يؤدي إلي انتقال الهرمون للإنسان. في حين يقول الدكتور عبدالهادي مصباح أستاذ الأمراض المناعية والوراثة، إن اللحوم التي تستخدم فيها الهرمونات بالتسمين أو بالتربية، تؤثر علي هرمونات جسم الإنسان وتحفز علي انتشار الأورام في الأعضاء التي تعتمد علي الهرمونات مثل سرطان عنق الرحم وسرطان الثدي.