لما وسوف يتجاهل السخفاء مميزات رأفت ويتوقفون فقط عند غرابة اسمها، وهو نفس الحال مع من اختار اسم زنقة ستات، ليكون عنواناً للفيلم الكوميدي الظريف الذي يلعب بطولته حسن الرداد، وإيمي سمير غانم ، ونسرين أمين وأيتن عامر، لقد وصم الفيلم بالتفاهة وتواضع المستوي قبل أن يشاهده أحد، خاصة أن زنقة الستات هو أيضا اسم واحد من أفلام فيفي عبده، التي لم تكن علي المستوي بطبيعة الحال! ترددت كثيراً قبل مشاهدة الفيلم، فكل ما حوله يوحي، ومايحيط به، يجعلنا لا نتوقع منه خيراً، بداية بالاسم، ثم "تريلر" الدعاية الذي ملأ القنوات الفضائية، والفيس بوك، واليوتيوب، وفيه أغنية لمحمود الليثي يشارك فيها بالرقص بطل الفيلم وبطلاته، مما يضعك حتماً أمام اعتقاد أنه "أي الفيلم" أحد توليفات السبكي الجاهزة، التي مللنا الهجوم عليها، دون فائدة، ولكن في نوبة شجاعة، كان لابد منها، قد تفكر أن هناك احتمالاً أن يكون "زنقة ستات"غير ماتتوقع، وأنه ربما يحمل شيئا يستحق المشاهدة، وهو كذلك فعلاً. شارك في كتابة سيناريو زنقة ستات كل من هشام ماجد، وكريم فهمي وهو أول تجربة لخالد الحلفاوي، وفي الحقيقة أن الأفلام الكوميدية، تحتاج لمخرج خاص، يستوعب طبيعة هذا اللون، بحيث لايصبح الأمر مجرد نكات وإفيهات لفظية، ولكن تلعب الصورة ومفرداتها دوراً رئيسياً، ومخرج الفيلم الكوميدي لابد أن يكون شديد الذكاء، مثقفا، بصرياً، ولديه خبرات تراكمية في مشاهدة الأفلام بنوعيها المصرية والعالمية، ولذلك فقد ضحكت كثيرا من استلهام مشهد من فيلم "طروادة"، الذي ينازل فيه،أخيلييس أو براد بيت، عملاقاً جبارا، فيرديه صريعاً في الحال بضربة واحدة في عنقه، نفس الموقف يتكرر مع نسرين أمين "سميحة العو" البلطجية عندما تهجم علي ثور بشري، وترديه قتيلا بضربة واحدة! ويتكرر موقف استلهام المشاهد من أفلام سابقة، ولكن هذه المرة من فيلم الراقصة والطبال بطولة أحمد زكي ونبيلة عبيد، واستبدالهما بحسن الرداد ومي سليم، وهو الأمر الذي يفجر الكوميديا سواء أدرك المتفرج ما يقصده السيناريو،أم لا، لان الموقف في حد ذاته طريف بما يكفي، ولكن بالتأكيد ان المتفرج الواعي سوف يستقبل تلك المشاهد بصورة أفضل! الفيلم ينقسم إلي ثلاثة فصول، يقود كل منها لما بعده، ويرفع من سقف طموح الفيلم، ويفجرعدداً من المواقف والمشاهد الضاحكة التي تعتمد في المقام الأول علي حُسن صياغة ورسم الموقف، وليس علي الإفيهات، في الفصل الأول نتابع حالة من التحدي الدائم، بين علي منير الجحش"حسن الرداد" وبين والده طبيب الأمراض النفسية"سامي مغاوري"،فكل منهما مولع بالنساء، وبالقمار، وطبعا تفوق قدرات الابن "نظرا لوسامته وشبابه" قدرات الأب الكهل، وتذكرنا هذه الحالة، بما كان يقدمه الفنان الخالد محمد فوزي في أفلامه المرحة، وعلاقته اللطيفة بوالده أو عمه "سليمان نجيب" في معظم الأفلام، حيث كانا يتنافسان علي الإيقاع بالنساء، ويفوز الابن طبعا، مما يثير حفيظة الأب، وهو تقريبا مايحدث في زنقة ستات، إلا أن الفصل الثاني من الفيلم، يقودنا إلي محاولة، علي منير الجحش"حسن الرداد"للإيقاع بثلاث فتيات مختلفات الطباع، كي يفوز برهان مع والده، وتساعده في تنفيذ خطته مساعده والدة "إيمي غانم" وتضع بين يديه كل المعلومات التي تخص الفتيات الثلاث المطلوب الإيقاع بهن، الأولي هي "أيتن عامر" وهي فتاة من عائلة متدينة، يتقرب لها"حسن الرداد" من خلال ادعائه التدين والالتزام، ومبالغته المضحكة في هذا الأمر، أما الثانية فهي شكرية"مي سليم" وهي تعمل ريكلام في أحد الملاهي الليلية، وحلم عمرها أن تصبح راقصة شهيرة، ويتقدم لها"حسن الرداد"بوصفه مدرباً، للرقص الشرقي، وإنه سوف يكتشفها، أما الفتاة الثالثة، فهي بلطجية وزعيمة عصابة"نسرين أمين"وحتي يتقرب منها يدعي أنه مخرج ، سوف يقدم عنها برنامجا ًللتليفزيون، أما الفصل الثالث فهو انشغال حسن الرداد بالفتاة الرابعة، التي لايعرف عنها شيئا، وينتظر وقوعها في شباكه كي يفوز بالرهان مع والده، المواقف التي تؤدي للضحك كثيرة ومتنوعة، وجديدة أيضا، وتعتمد علي أداء الممثل" حسن الرداد وإيمي غانم ونسرين أمين"والمونتاج السريع، وأفضل مايقدمه الفيلم هو إدراك أبطاله أن الإضحاك لايأتي من الاستظراف، بل من جدية الأداء والالتزام بحدود الشخصية، ومكوناتها، يؤكد حسن الرداد أنه لايعاني من عقدة الفتي الوسيم،ويقدم عدة شخصيات لكل منها مواصفات شكلية وطريقة مختلفة في الأداء بلغة الجسد، أكثرها وضوحاً "مدرب الرقص الشرقي"، إيمي غانم، تفطس من الضحك، بكل بساطة، وعفوية، وربما تكون الوحيدة التي يمكنها أن تقدم الكوميديا الاجتماعية، بدون تهريج، أما نسرين الامام فهي تفاجئنا مع كل دور تقدمه، إنها كائن معجون بالموهبة، منذ تجربتها في إحكي ياشهر زاد، ثم سجن النساء، والسبع وصايا، وليس انتهاء بزنقه ستات، أيتن عامر تقاوم محاولتها حصرها في أدوار الإغواء وليس الإغراء، في تجربته الأولي ينجح المخرج خالد الحلفاوي بتقدير جيد مرتفع!