انعقاد مؤتمر القمة العربية المقرر انعقاده في مدينة شرم الشيخ علي مدار يومي 28 و29 مارس الجاري، وسط العديد من التوترات التي تشهدها المنطقة العربية التي تفجرت فيها دوائر الصراع بعد انطلاق ثورات الربيع العربي، وتصاعد وتيرة الإرهاب والجماعات المسلحة، في وقت بدت ملامح التقارب وتوحيد الصف في التشكل لمواجهة التحديات الكبري، وعلي رأسها التصدي لخطر تنظيم «داعش» الإرهابي، والعديد من الملفات الأخري علي المستوي السياسي والأمني والاقتصادي. عودة بشار للمعادلة السياسية تمنع مشاركة الإئتلاف السوري المعارض ملفات عديدة علي أجندة جدول أعمال القمة العربية المرتقبة في منتجع شرم الشيخ، من أبرزها الملف السوري الذي يبدو وكأنه يأخذ منحي جديدا علي طاولة الاجتماعات العربية، وهو ما بدا خلال الاجتماع الأخير لمجلس وزراء الخارجية العرب بالقاهرة حيث فشلت محاولات المعارض السوري وعضو الائتلاف هيثم المالح في إقناع المجلس الوزاري العربي في منح مقعد سوريا للائتلاف ليكون ممثلا للشعب السوري بدلا من النظام في الجامعة العربية التي جمدت عضوية سوريا وعلقت مقعدها. وكان المالح جدد في تصريحات للصحفيين عقب لقاء جمعه نهاية الأسبوع الماضي مع الامين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، مطالبة الائتلاف السوري المشاركة في القمة العربية المقبلة، قائلا «طلبنا من الأمين العام للجامعة مشاركتنا في الاجتماعات التحضيرية لقمة شرم الشيخ وقد أبلغنا أنه باعتبار أن مصر هي رئيس القمة فمصر هي التي تقرر من تدعوه، وأنه سيتواصل مع القيادة المصرية بشأن حضور الائتلاف في مؤتمر القمة». وأشار إلي أنه كان مقررا مسبقا في الدوحة تسليم مقعد سوريا للائتلاف السوري وشغله معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السوري آنذاك ثم جاء بعد ذلك مؤتمر القمة العربية بالكويت وتم خلاله تعديل القرار وهو حضور الاجتماعات وليس استلام المقعد، قائلا «ونحن اختلفنا في هذه المسألة مع الجامعة العربية والقادة العرب باعتبار أننا من حقنا أن نستلم المقعد طبقا لقرار القمة العربية التي عقدت بالدوحة، مضيفا: «ناقشنا هذا الأمر والأمين العام وعدنا بتذليل العقبات» . وبحسب مصادر قريبة من تحضيرات القمة العربية فقد كان متوقعا فشل محاولات المالح والائتلاف حيث تغيرات المعادلة العسكرية والسياسية، فإذا كان الائتلاف لم يستطع الحصول علي مقعد سوريا عندما كان النظام السوري مهددا ومحاصرا من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية وقوي دولية وإقليمية وكانت ساعات الصفر لإسقاطه تنطلق الواحدة تلو الأخري، فكيف له أن يحصل علي مقعد سوريا والنظام الآن يعيد من جسور تواصله مع بعض تلك القوي التي حاصرته حتي بعض الدول العربية لم تعد تخفي رغبتها بإعادة وصل العلاقات مع الحكومة السورية وبحسب المصادر فإن دولا عربية هددت بمقاطعة القمة في شرم الشيخ في حال تم إعطاء مقعد سوريا للائتلاف. ووفقا لتقارير صحفية فإن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أبلغ وفداَ من الائتلاف أن دولا عربية عدة هي «العراق ولبنان والجزائر» هددت بمقاطعة قمة شرم الشيخ لو تم منح مقعد سوريا للائتلاف. وإذا كان ملف الأزمة اليمنية قد أصبح برمته في حوزة مجلس التعاون الخليجي.. ولم تعد تطورات الأوضاع في العراق علي جدول أعمال القمة سوي تقديم مزيد من الدعم السياسي خاصة بعد الانتصارات التي حققها الجيش العراقي بمساندة الحشد الشعبي لمواجهة الإرهاب المتمثل في تنظيم داعش.. كما أشار السفير أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة العربية خلال الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب الذي أكد أن الجامعة العربية علي تواصل دائم مع القيادات العراقية للوقوف علي آخر التطورات علي أرض الواقع وتدعم ما تقوم به الحكومة العراقية لاستعادة دور العراق علي الصعيد العربي والدولي.. ليظل ملف الأزمة الليبية مفتوحا أمام جدل كبير علي طاولة القمة العربية القادمة بين مؤيد لضرورة حل سياسي للأزمة وبين الدعوة لتدخل عسكري من خلال قوة عربية مشتركة من المنتظر أن يكون موضوع تشكيلها هو الملف الأبرز علي أجندة أعمال المؤتمر ولكن بعلامة استفهام كبيرة لن يجيب عنها إلا القادة العرب خلال اجتماعهم بالقمة هل ستكون تحت مظلة جامعة الدول العربية من خلال تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك؟ أم ستتشكل بمن حضر وهو البديل الذي تطرحه كل من مصر والإمارات والأردن بموافقة الحكومة الليبية المعترف بها دوليا؟ فهل تنجح الجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية في توحيد المواقف العربية إزاء مواجهة التهديدات الحقيقية للأمن القومي العربي.. أم سنظل أمام خلل واضح في التوازنات مما يستلزم البحث في كيفية إعادة قوة الموقف العربي ومكانته.