تتسارع الأيام وتقترب الساعات الأخيرة من جلسة النطق بالحكم النهائي علي الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية اتهامه بقتل المتظاهرين إبان أحداث يناير 2011 وتتجه أنظار العالم إلي ساحة القضاء يوم السبت الموافق 29 نوفمبر لمتابعة آخر فصول "محاكمة القرن" قبل مرحلة "النقض".. "آخرساعة" تكشف ملامح يوميات مبارك قبل أن تستدل محكمة "جنايات القاهرة" الستار علي المحاكمة، وذلك من واقع ما حصلنا عليه من تصريحات مهمة في هذا الشأن من أشهر أنصار مبارك، الجندي السابق بالحرس الجمهوري حسن الغندور، وكذلك أحد المصادر المقربة من مبارك.. حسن الغندور (35 عاماً)، من أبناء منطقة "عين شمس" بالقاهرة، تعرَّف علي مبارك أثناء تأدية الخدمة العسكرية في الحرس الجمهوري، واستمرت العلاقة بعدها بسنوات، حتي غادر مبارك السلطة في 11 فبراير 2011 وأضحي الغندور أبرز مؤيدي مبارك وسط أبناء جيله، وأنشأ "جروب" مؤيداً له علي موقع "فيسبوك" وكان حريصاً علي زيارة مبارك في مستشفي المعادي العسكري الذي يقيم فيه سجيناً لتمضية فترة عقوبة السنوات الثلاث التي حوكم بها في قضية "القصور الرئاسية". ويعترف الغندور: "فشلنا في الدفاع عن مبارك"، معتبراً أن أفضل من دافع عن مبارك هو تاريخ مبارك فقط، ويكفي أنه خدم البلاد أكثر من 60 سنة، موضحاً أنه حين التقي مبارك في مستشفي المعادي العسكري كان الأخير متفائلاً جداً قبل الحكم عليه في قضية "القصور الرئاسية" وكان سعيداً جداً بنجله جمال لأنه كان يشرح للقاضي ملابسات القضية لتبرئة موقفه وموقف والده، وقال الغندور: مبارك لم يكن يتوقع هذا الحكم وقال لي أنا مربي أولادي كويس، وأضاف: "أنا ولادي اثنين وأسرتي كذا فرد.. لكن المهم الشعب المصري يعيش.. إحنا نتحمِّل.. وأنا لو كنت عملت حاجة غلط كنت هربت.. لكن مش أنا اللي أهرب.. لو هربت كنت جبت العار للشعب المصري وللعسكرية المصرية". وعن إيقاع يومياته يقول: مبارك يستيقظ مبكراً ويتابع ما يُكتب في الصحف ويشاهد التلفزيون" مشيراً إلي أنه كان يتابع علي الشاشة أحياناً من يشتمونه ويسبونه ممن كانوا يعملون معه إبان فترة رئاسته للبلاد، لكنه بحسب قول الغندور: "مبارك رغم قوته لكنه إنسان مؤدب ومحترم جداً ولا يرد الإهانة، ورفض فكرة مقاضاة أي شخص هاجمه طوال الفترة السابقة". يضيف: قبل أسابيع كان مبارك يتواصل هاتفياً مع مواطنين عاديين. كنت أرسل إليه أرقامهم ليتصل بهم.. كان يسألهم أخباركم إيه وعاملين ايه في حياتكم وشغلكم.. والناس كانت تشكي أوضاعها وهمومها، وفي نهاية كل مكالمة كان بيتأثر جداً لأن الناس كانت تبكي خلال حديثهم معه. وينفي الغندور ما يتردد عن بكاء مبارك خوفاً من مصيره بعد النطق بالحكم المرتقب، مؤكداً أن مبارك لم يبك يوماً ولم يشاهد دموعه إلا حين تحدث عمليات إرهابية تستهدف المواطنين والجيش والشرطة، ويحرص الغندور علي حضور جلسات محاكمة مبارك، موضحاً: ألتقيه في لمحات سريعة وحين أنظر إلي عينيه أري فيهما حزناً شديداً مثلما أري فيهما الشموخ والكبرياء.. مبارك قال للشعب إن الأشخاص زائلون والوطن باق.. وكررها لي أثناء لقائي معه. ويبدو أن الفضول دفع الغندور ليسأل مبارك عن رأيه فيما يردده البعض بخصوص أنه لم يكن يدير البلاد خلال العشر سنوات الأخيرة من حكمه وأن المسألة برمتها كانت في يد زوجته سوزان وابنه جمال، غير أن مبارك رد عليه قائلاً: "اللي يقول عليّ كده.. قل له عيب الكلام ده أنا راجل فلاح". وبخصوص إحساس مبارك قبل النطق بالحكم في الجلسة المرتقبة يقول الغندور: "مبارك قال لي إنه مسلم أمره لله". الغندور نفي أيضاً علاقته بفريق الدفاع الرسمي عن مبارك، لكنه قال إنه علي صلة وثيقة بمصدر مقرب من الرئيس الأسبق، وأتاح لنا التحدث معه كاشفاً تفاصيل مهمة بشأن يوميات مبارك وشعوره قبل النطق بالحكم. المصدر الذي طلب عدم كشف هويته قال إن مبارك رغم ثقته الكبيرة في القضاء إلا أنه قلق بشأن الجلسة المرتقبة، موضحاً أن آخر لقاء جمعهما كان منذ نحو أسبوعين وخلال هذا اللقاء قال له مبارك إنه منزعج من حجم ما وصفه ب"المؤامرة علي البلد" وإن أيام حرب أكتوبر 1973 كان العدو معروف لكن دلوقت المؤامرة كبيرة وإنه زعلان علي حال البلد، وأكد له أنه "مش مستني حكم حد" وإنه "مفوّض أمره لله". وتابع المصدر: لا أحد يزور مبارك سوي أفراد أسرته فقط.. الهانم (سوزان)، وهيدي راسخ (زوجة علاء) وخديجة الجمال (زوجة جمال)، وجميعهن ملتزمات بالتعليمات والأصول، مشيراً إلي أن زوجة الرئيس الأسبق لا تغادر منزلها إلا لزيارة نجليها في السجن أو زيارة مبارك في مستشفي المعادي العسكري. ولفت المصدر إلي أن سوزان فقدت نصف وزنها بسبب تأثرها بما حدث لزوجها وابنيها، وكشف المصدر أن حفيدي مبارك ممنوعان من السفر خارج البلاد علي الرغم من صغر سنهما "فريدة جمال 5 سنوات" و"عمر علاء 16سنة". وبشأن إيقاع مبارك اليومي خلال الفترة الأخيرة قال المصدر: مبارك مريض ويخضع للعلاج الطبيعي منذ إجرائه جراحة خطيرة في أعقاب سقوطه علي الأرض وتعرضه لكسر في الحوض، لذا فهو أغلب الوقت يرقد علي السرير ويتناول الأدوية والحقن. وأضاف: مبارك يستيقظ مبكراً.. يقرأ الصحف ويشاهد التلفزيون.. ويلتقي أفراد أسرته في الزيارات المحددة، ويدعو من قلبه للرئيس السيسي قائلاً: "يارب يوفقه ويثبت خطاه"، كاشفاً عن أن هناك قائمة طويلة لطلبات الزيارة في المستشفي من بينهم إعلاميون وفنانون وطيارون وبعض المنتمين لأحزاب معارضة، والكثير من المنتمين للفكر الصوفي، ورموز قبطية، لكن مبارك يرفض لقاء أحد قبل صدور الحكم، لكن مبارك قال ذات مرة لو أن مصطفي الفقي طلب زيارتي حتي لو خرجت من سجني سأرفض. وقال المصدر إن أبرز الأسماء التي تطلب زيارة مبارك من الفنانين هم يسرا وليلي علوي ودلال عبدالعزيز وميرفت أمين وأحمد بدير وسمير غانم، ومن المذيعين أحمد موسي وتوفيق عكاشة، ومن الرموز القبطية الأنبا بولا والأنبا بسنتي. أما عن طعامه المفضل فيقول المصدر: مبارك بسيط جداً في أكله.. ولديه أطباق مفضلة أهمها الفول والبصارة.. ولما تدخل عليه تلاقي عنده بقسماط وجبنة وبامية وملوخية وعدس، لكنه عموماً "مالوش نفس للأكل" بسبب الأدوية والمرض. مبارك قال للمصدر خلال إحدي الزيارات الأخيرة: "لو أنا كنت عاوز توريث لإبني جمال كنت دخلته كلية عسكرية".