النانو هي التي ستحدد في السنوات المقبلة أهم الفوارق بين الدول المتقدمة والدول النامية ، ومصر تسعي للاستفادة من هذه التكنولوجيا حتي لا يفوتها القطار وتجلس علي مقاعد المتفرجين. لذلك تقدمت الدكتورة منال عادل أستاذ المكافحة البيولوجية بقسم آفات ووقاية النبات بالمركز القومي للبحوث بمشروع مصري تشيكي لتطوير مبيدات حيوية بتكنولوجيا النانو تكافح أهم الآفات التي تصيب الخضر دون أن تضر صحة الإنسان. وقد وصلت الدراسات المرتبطة بالمشروع إلي نتائج مذهلة في استخلاص مبيدات حشرية لمحاصيل الخضر من زيوت طبيعية غير ضارة بتقنية النانوتكنولوجي. وتعرف الدكتورة منال عادل النانوتكنولوجي أولاً فتقول:"إنها تكنولوجيا تقوم علي إعادة ترتيب الذرات والجزيئات بشكل دقيق وحساس وتغيير في خصائصها لإنتاج منتج في حجم صغير وللتبسيط فيمكننا أن نقول إنها تضغط الجزيئات في حجم النانو مع التعديل في خواصهاوهي تشبه الهندسة الوراثية ولكن الفرق أنها لا تغير في التركيب الوراثي للشيء فالعالم اليوم يتجه إلي التصغير في كل شيء ، فإن هناك نظرية فيزيائية أنه كلما صغر حجم الجسم زادت سرعته فأصبح غير مرئي وبالتالي يظهر ما يحيط به من أجسام نستطيع من خلالها فهم تركيبة الجسم وخواصه. ففكرة النانوتكنولوجي ليست وليدة اليوم فحسب فهناك دول عديدة لها الريادة هي أمريكا ومن ورائها إسرائيل، فهناك 280 شركة تبيع منتجات النانو في العالم ، حيث يوجد في إسرائيل وحدها 70 شركة وهذا توضيح لمدي اهتمام إسرائيل في الحصول علي أي برنامج تكنولوجي أو علمي والاستفادة منه في الداخل وتصديره ، ثم تأتي المملكة العربية السعودية لتكون أول دولة عربية تبدأ في برنامج النانوتكنولوجي، وتعتبر مبادرة الملك عبد الله بن عبدالعزيز بتبني هذا البرنامج من حسابه الخاص، ولقد قامت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بتبني المبادرة الوطنية للتقنية متناهية الصغر وقامت بإنشاء المركز الوطني لبحوث التقنية متناهية الصغر. مشروع مصري أمريكي أما في مصر فكان الريادة للدكتور مصطفي السيد عن طريق المشروع المصري الأمريكي بتقنية النانوتكنولجي بمعالجة السرطان بجزيئات الذهب ، وهناك معمل للنانوتكنولوجي بمركز البحوث الزراعية به طاقم من أفضل العلماء لإجراء التجارب العلمية باستخدام تقنية النانو في الزراعة . أما عن مشروع تطبيق تكنولوجيا النانو في تطوير بعض المبيدات الحيوية لمكافحة أهم الآفات التي تصيب الخضر واخترت الخضر بالذات لأنها أكثر فئة تتأثر بالمبيدات الحشرية فمن المعروف أن المبيدات الكميائية ضررها أكثر من نفعها لما تسببه من أمراض أهمها السرطان مع أنها أكثر تكلفة. ومن هذا المنطلق بدأ البحث عن و سائل طبيعية آمنة لتكون بديلا للمبيدات الكيميائية في مكافحة الآفات وقمت بالتجارب علي دودة القطن والدودة القارضة ويرقات درنات البطاطس، ومن أهم هذه الوسائل المبيدات الحيوية و خاصة تلك التي تنتج من أصل نباتي كالمستخلصات والزيوت الطبيعية الطيارة (Essential oils) مثل "زيت الثوم وزيت العتر وزيت الجوجوبا وزيت السترونيلا "وتعتبر أحد البدائل المستخدمة فعليا في مكافحة الحشرات لما تحتويه من مواد كيميائية ذات تأثير ضار علي العديد من الآفات حيث يتم تحميل الزيوت المختبرة في هذه الدراسة والتي يثبت أن لها تأثيرا فعالا علي الحشرات محل الدراسة علي جزيئات نانو طبيعية آمنة من الناحية البيئية وفي نفس الوقت تزيد من كفاءة تلك الزيوت في الحقل فتحسن من ثباتها وتعطي تأثيرا عاليا باستخدام جرعات أقل بعدد مرات تطبيق أقل ومن الشركات العالمية التي لها الريادة في مجال استخدام النانو تكنولوجي في الزراعة شركتا "ماسيف ومونسانتو". يمر المشروع بثلاث مراحل ليدخل في طور الإنتاج، المرحلة الأولي هي إجراء التجارب البيوكميائية والبيولوجية والفسيولوجية علي الزيوت في الحقل والاختبارات شبه الحقلية وهي توفير الظروف محاكية للحقل في حديقة المركز لإجراء التجارب ثم رصد النتائج وتحليلها. أما المرحلة الثانية فهي تحويل الزيوت التي أعطت نتائج فعالة إلي جزيئات نانوية لاستخلاص مبيد ناناوي . ثم تأتي المرحلة الثالثة بإعادة نفس التجارب والاختبارات علي هذا المبيد المستخلص وتجربة الزيوت. ثلاث براءات اختراع وتقول الدكتورة منال "بالفعل نحن في المرحلة الأخيرة من المشروع وبدأنا بالتطبيق علي الحقل فأنا في السنة الثانية وباقي سنة واحدة لتدخل المادة طور الإنتاج . وأخيراً فأنا أطمح إلي الحصول علي ثلاث براءات اختراع، أي ثلاثة منتجات كمبيدات حشرية لها فاعلية أقوي وأكثر أماناً كمنتج يتم إنتاجه كمنتج يتم تداوله" فإذا كان بالعلم الحديث نستطيع أن نتغلب علي مشكلة المبيدات الحشرية الكميائية التي تضر بالنبات وإحدي أهم العوامل التي تسبب السرطان سواء عند استخدامها أو عند تناولها ، إذن فكيف نطلع الفلاح علي تقنية النانوتكنولوجي ونحثه علي استخدامها وإقناعه بأنها الوسيلة الأكثر أماناً والأعلي فاعلية والأرخص سعراً لذا فكان علينا بسؤال متخصص في قسم الإرشاد الزراعي في كيفية توعية الفلاحين باستخدام التقنية. يري الدكتور عبده عمران أستاذ مساعد بقسم الإرشاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث، أولاً: لابد من توعية المزارعين بكيفية استخدام المبيدات بتقنية النانوتكنولوجي وشرح مميزاتها ووسائل الأمان وعقد دورات تدريبية وإرشادية لمحو الأمية "النانو تكنولوجي" وهو ما يحدث الآن بالفعل في المعمل المجهز بمركز البحوث الزراعية، لكن لابد من النزول علي أرض الواقع في الحقول بتنظيم وزارة الزراعة دورات إرشادية وعرض فيديو تعليمي ونتائج عملية للمبيد النانوي وأما عن كيفية استخدام الفلاح للمبيد فإن المبيدات بتقنية النانو يتم تخصيص لها رشاشات خاصة بها ثقوب صغيرة تسمح بمرور المبيد في حجم النانو وتوعيتهم بأنها ستكون أرخص في الثمن لأنها سترشح بكميات ضئيلة فلن تكلفه كثيرأً . وإذا كان إنتاج مبيد آمن وتم توعية الفلاحين باستخدامه فمن سيمول عملية الإنتاج حتي تصل للفلاح وكيف سيتم تسويقه هذا ما تجيب عنه الدكتورة أحلام أحمد حسن أستاذ مساعد بقسم الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث وتقول: من الضروري التكامل بين الأقسام المختلفة في المركز فعلي الاقتصاديين الزراعيين التعاون في مساعدة المنتج لتسويقه لأنه يجب الربط بين البحث العلمي والشركات والجهات المعنية بهذا القطاع لما يوفره من تمويل إضافي للبحث العلمي حيث يتيح هذا التواصل لتوجيه الأبحاث إلي المنتجات الموائمة للصناعة والقابلة للتطبيق عملياً بما يتناسب مع السوق المحلي ولكن هذا لن يحدث إلا بمحو الأمية النانوتكنولوجية وتوفير الإمكانيات ، فالفلاح المصري البسيط يصعب تغيير عاداته أو إقناعه بشيء دون أن يري جدواه أمام عينه فعند عرض له نتائج الأبحاث سيقتنع وسيتعامل معه ولكن لابد عمل استراتيجية بالمركز بقنوات الإنتاج فهناك من ينتج وآخر يسوق وهذا هو دور الاقتصاد الزراعي نحن من نعد دراسات الجدوي للمشروعات ولكن هذا لن يحدث إلا بتبني وزارة الزراعة المشروع بعد انتهاء الأبحاث اللازمة ودخول المشروع في طور الإنتاج فمشكلة مشروعات المركز في الإنتاج من يمول عملية الإنتاج وليس التسويق فلابد أن يتعاقد المركز مع مستثمرين لتمويل عملية الإنتاج ليخرج المشروع إلي النور . من الزيوت الطبيعية عرفنا أن المبيدات الحشرية الكميائية هي العامل الرئيسي في الإصابة بمرض السرطان خاصة سرطان الكبد فمعظم الفلاحين يعانون من نفس المرض، فتجد أن فلاحاً لا يتجاوز الثلاثين علي وجهه علامات العجز والكبر وكأنه تجوز الثمانين يعاني من السرطان فماذا لو تم استبدال المبيد الحشري الكميائي بمبيد مصنع من الزيوت الطبيعية الآمنة التي لها تأثير إبادي للحشرات ولا يسبب السرطان فهل سيحل مشكلة المبيدات المسرطنة هذا ما سيجيب عنه الدكتور محمد عز العرب رئيس قسم الأورام بمعهد الكبد ويقول إن معظم مصابي سرطان الكبد فلاحون يستخدمون المبيدات الحشرية ولعل أشهر حادثة لذلك قضية المبيدات المسرطنة منذ عشر سنوات تقريبا التي باعتها وزارة الزراعة، وأكثر نسبة مصابي الكبد من المحافظات تتجمع في محافظة دمياط بسبب السفه في استخدام المبيدات الحشرية الكميائية خاصة التي تحتوي علي عنصر النيتروجين والأمينو، إذن فإذا تم استبداله بمبيد مصنع من مواد طبيعية فهذا سيكون اختراع عظيم وهذا سيقضي بنسبة كبيرة علي السرطان ولكن بعد إجراء التجارب المعملية للتأكد من خلوه التام من مواد كيميائية ضارة فهذا مبشر جيد وسنطالب وزارة الزراعة بتعميمه .