الفيلم ليس هو الحكاية، ولكن كيف تحكيها، مستخدما العناصر السينمائية المختلفة، قد تتشابه التيمات، والحكايات، وتبقي التفاصيل التي يقدمها كل فيلم، لتحدد مدي جودته أو رداءته، عشرات الأفلام يمكن إعادة إنتاجها، بممثلين مختلفين ورؤية إخراجية مختلفة، فيثير أحدها إعجابك ولاتميل للبعض الآخر ، رغم أنها جميعا تقوم علي نفس الفكرة أو الحدوتة! في أسبوع واحد شاهدت ثلاثة أفلام حديثة الإنتاج، لثلاثة من نجوم الشباك ممن تخطوا الستين ومع ذلك فكل منهم لايزال يحتفظ بلياقته الحركية ، ورشاقته وتناسق قوامه، وهو أمر نكاد لانعرفه بين نجومنا،حتي هؤلاء الذين يدعون أنهم من نجوم أفلام الأكشن، تجد الواحد منهم "مقتب" وضارب كرش، وحالته بالبلاء، يعجبني جدا، الممثل ليام نيسون، فهو نموذج مدهش، ويستحق الدراسة، فقد ذاع صيته منذ مايقرب من عشرين عاما، عندما لعب بطولة فيلم قائمة شندلر للمخرج ستيفين سبيلبرج في عام 1993ونال أول ترشيح للأوسكار، ولكنه تأرجح بعد ذلك بين مجموعة من الأدوار متباينة المستوي، وأحيانا كان يقبل الظهور في مشاهد قليلة في أفلام لها أهمية، ولكن دوره فيها لم يكن علي نفس الأهمية، ومع ذلك،لا تعرف إن كانت المسألة ضربة حظ أم تخطيط مسبق،أم ماذا، يعلو نجمه ويقفز إلي مقدمة نجوم الشباك وهو يقترب من الستين، من خلال فيلم الحركة التجاري TAKEN الذي حقق إيرادات ضخمة، رغم أنه يقوم علي فكرة أو تيمة، سبق تقديمها مرارا، وهي البحث عن الابن المخطوف، ولكن هذه المرة ، كان البحث عن الإبنة الشابة التي تم اختطافها أثناء رحلة قامت بها مع صديقتها إلي باريس، حيث وقعت في أيدي عصابة لتجارة الرقيق الابيض، وإدارة شبكات دعارة وهنا يسعي الأب، الذي يتمتع بقدرات حركية وذهنية خاصة، نتيجة عمله السابق في المخابرات، لإنقاذ ابنته، بل القضاء علي أعضاء العصابة، وبعد نجاح الفيلم تم تقديم جزء ثان منه، حقق أيضا درجة كبيرة من الرواج التجاري، أدي إلي ارتفاع أجر ليام نيسون إلي عشرين مليون دولار في الفيلم الواحد لينافس بذلك أهم النجوم الشباب وأفلام الخيال العلمي والفانتازيا بكل أشكالها، وبعد أن أعلن عن توقفه عن تقديم جزء ثالث من الفيلم قدمت له الشركة المنتجة عرضا صعب رفضه،حيث رفعت أجره إلي ثلاثين مليون دولار لينافس بذلك براد بيت ،وجوني ديب والغريب أن ليام نيسون يقدم في هذا الموسم 2014 فيلما يعتمد أيضا علي تيمة المخطوفة، ولكنه في هذا الفيلم لايبحث عن ابنته المخطوفة، ولكنه يحاول البحث عن قتلة زوجة أحد تجار المخدرات، الذين اعتادوا، خطف النساء وذبحهن بضراوة حتي بعد أن يدفع ذووهم الفدية، المطلوبة، إنه عالم تجارة المخدرات وعصابات خطف النساء، وعندما يأتي الدور علي فتاة صغيرة لايتعدي عمرها الاثني عشر عاما،يصبح علي ليام نيسون أن يكثف بحثه وجهوده، ليكفر بذلك عن تسببه في مقتل فتاة صغيرة أثناء نشاطه في مكافحة الجريمة، الفيلم اسمه "ممشي بين القبور" وهو يضم مشاهد عنف صارخة وتقطيع جثث، وتناثر أشلاء البشر في كل مكان، وقد احتل الصداره لعده أسابيع، أما فيلم THE NOVEMBER MAN فهو من بطولة بيرس بروسنان ، بطل أفلام جيمس بوند السابق، مع النجم الأسترالي الشاب لوك براسي، وتدور أحداثه في إطار من التشويق الممتع، والمغامرات، وحرب المخابرات بين أمريكاوروسيا،وصراع الفيلم بين ضابط سابق في المخابرات الأمريكية، وتلميذه الذي يتمني أن يكون صورة منه، ولكنه يخفق المرة تلو الأخري، فيحمل في صدره غلا مكتوما تجاه أستاذه ومثله الأعلي، إلا أن يلتقيا في روسيا، حيث يصبح كل منهما علي رأس مهمة مضادة لمهمة الآخر، وفي كل صراع حياة أو موت ينسحب كل منهما بدلا من أن يقضي علي الآخر، ويصبح المطلوب من برس بروسنان، إنقاذ فتاة أوكرانية، هي الشاهد الوحيد علي فساد المرشح للرئاسة في روسيا،حيث قام بقتل أسرتها أمام عينيها واحتجزها لعدة أشهر كان يداوم فيها علي اغتصابها، وطبعا في مثل هذه النوعية من الأفلام، يصل الفساد إلي جهاز المخابرات ذاته، ويتم اختطاف ابنة برس بروسنين لإجباره علي تسليم الفتاه الأوكرانية، ويصبح في صراع لايحسد عليه بين هل يغامر بحياة ابنته الوحيدة ويخون مهمته ويسلم الفتاة الأوكرانيه،أم يفعل العكس،ولكن تلميذه اللدود ينقذه في اللحظات الأخيرة،أما فيلم البرنس THE PRINCE الذي يشارك في بطولته كل من بروس ويليس وجون كوزاك،وجاسون باتريك،فهو شديد الشبه بقصه TAKEN فنحن أمام حرب عصابات، تستخدم فيها كل الأساليب غير المشروعة وأهمها قتل أبناء الخصوم وتفجيرهم، بعد سنوات من اعتزال مهنة القتل،يفاجأ "بول " باختفاء ابنته الشابة التي كانت تدرس في أمريكا، ويستشعر الخطر، فيذهب في رحلة للبحث عنها، ويكتشف أنها أصبحت رهينة عصابة تسعي للانتقام منه، فيقرر تخليصها مهما كلفه الأمر، صراع عصابات، تستخدم فيه كل الأسلحة التي تخطر علي البال ويقوم فيه البطل بقتل العشرات منفردا، ويتم في النهاية إنقاذ ابنته، بعد أن يترك خلفه عشرات الجثث!! الغريب أن تلك الأفلام رغم اعتمادها علي نفس الفكرة إلا أنها اتخلو من تشويق وإثاره ، وأهمها في رأي نوفمبر مان، أما النقطة الأكثر طرافة فهي أن أبطال هذه الأفلام كما قلنا من النجوم فوق الستين،وهي ميزة لا نعرفها في أفلامنا المصرية، فالممثل عندنا ينتهي ويخفت بريقه قبل أن يصل إلي الأربعين،ثم تثقل حركته بعد أن يزداد وزنه،وفرض علي المخرجين أن يمثل وهو جالس أو واقف ويبقي كده أكرمنا آخر كرم، أما إذا كان المطلوب منه أن يجري أو حتي يسرع في خطوته أو يصعد سلم أو يهبط منه،فيبقي كده أنت بتحلم أو يتطلب المستحيل!