التحرش.. ظاهرة تزداد فى العيد مخاوف الفتيات لها ما يبررها بعدما تم تصنيف مصر في المرتبة الثانية في نسبة إحصائيات التحرش بالمرأة عالمياً، وهو ماعبرت عنه صراحة مني أشرف -22 سنة- التي أكدت ل"آخر ساعة" أن مجرد التفكير في الخروج في العيد بدون الأسرة رحلة محفوفة بالمخاطر، بسبب المخاوف من التعرض لظاهرة التحرش ومن مضايقات ومعاكسات، لذلك أفضل أنا وصديقاتي البقاء في المنزل تجنباً للتعرض لألفاظ خادشة للحياء، مشيرة إلي أنه ليس الحل لكنها لا تجد البديل. في المقابل، تري شيماء محمد - 25 سنة - أن الحل لا يكمن في لزوم المنزل، بل يجب العمل علي إعادة النظر في منظومة القيم الخاصة بالمجتمع، مقترحة أن تتم الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي عن طريق عمل صفحات بين كل مجموعة من الفتيات يكتبن فيها المواقف التي يتعرضن لها وكيف تصرفن معها لنشر الوعي بينهن وتعلمهن كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف لعدم المساس بحريتهن أو رغبتهن في قضاء وقت جيد مثلهن مثل الشباب، وتري دعاء محمد 22 سنة - أن الحل يكمن في التواجد الأمني وتطبيق القوانين قائلة إن: "العقاب أحسن طريقة لمنع التحرش"، لأن تطبيق القانون سيجبر جميع المتحرشين حتي لايجرؤ أحد علي مضايقة فتاة أو التحرش بها. تقول - هدي عبده - إن المشكلة ليست مشكلة فتيات يريدن أن يتنزهن في العيد دون أن يتعرضن لمضايقات بل هي مشكلة قائمة موجودة في كل وقت ومكان يجب الالتفات لها والعمل علي حلها من الجذور وليس خروج حملات أمنية مكثفة وقت التجمعات وبالمناسبات فقط، مؤكدة أن ليس كل الشباب متحرشين لأن هناك الكثير من الشباب يدافعون عن الفتيات ويتصدون لأي من المتحرشين، وهو ما يعني أن هناك فئة تحتاج إلي تقويم وإعادة تأهيلهم. البديل الذي تبحث عنه الفتيات تقدمه وزارة "الداخلية"، حيث أكد مدير الإدارة العامة لحقوق الإنسان بالوزارة، اللواء محمد ناجي، ل"آخر ساعة"، أنه تم تحديد مسئولي اتصال مع المجلس القومي للمرأة والمنظمات والحركات المعنية بمتابعة جرائم العنف ضد المرأة، وتم إخطار جميع مديري الأمن علي مستوي الجمهورية ورؤساء أقسام حقوق الإنسان بالتنسيق مع مديري فروع المجلس القومي للمرأة ، كما تم التنسيق مع مباحث الآداب لنشر خدماتها بالشوارع لمواجهة ظاهرة التحرش. وكشف اللواء ناجي أنه تم إنشاء غرفة عمليات فرعية بالقطاع بديوان عام وزارة الداخلية لمتابعة شكاوي النساء اللاتي يتعرضن لمضايقات، وطالب من تتعرض لعمليات تحرش بالاتصال علي أرقام خصصتها الوزارة، مشيراً إلي أن الشرطة النسائية ستشارك في عملية تأمين المواطنات في الشارع، وأن هناك ضابطات وطبيبات نفسيات بإدارة "متابعة جرائم العنف ضد المرأة"، يقومن بإعادة تأهيل لضحايا التحرش ليعودن إلي المجتمع مرة أخري بدون وجود أية مشاكل نفسية. وأوضح مدير الإدارة العامة لمباحث الآداب، اللواء هشام الصاوي، أنه سيتم نشر خدمات بشوارع القاهرة والجيزة خلال أيام عيد الفطر الثلاثة وسيشرف علي تلك الخدمات ضباط برتبة عميد، وسيتم تعيين تلك الخدمات في مناطق الازدحام وعلي الكورنيش والحدائق العامة، وأن حالة من الاستنفار أعلنت بين قوات الأمن، وسيتم التعامل مع من يعتدي علي الفتيات بمنتهي الحسم والانتقال إلي أماكن البلاغات سيكون بمنتهي السرعة. وأشار اللواء الصاوي في تصريحات ل"آخرساعة" إلي أنه تم مخاطبة جميع مديريات الأمن لتعيين خدمات لملاحظة الحالة بأماكن الازدحام وكذلك تعيين خدمات سرية من ضباط البحث الجنائي بوسائل النقل العام والأماكن التي تزداد فيها حالات التعرض للمرأة، كما تم إعداد خطة شاملة لمراقبة جميع شوارع وميادين الجمهورية عبر منظومة أمنية تعتمد علي تثبيت كاميرات لمراقبة حركة المارة في جميع الشوارع والميادين. تحركات "الداخلية" تأتي بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني المعنية بشأن المرأة، بداية من حملة أطلقتها مؤسسة "قضايا المرأة المصرية" لرصد كل ظواهر التحرش في الميادين والشوارع خلال أيام العيد، وقالت عضو المؤسسة، جواهر الطاهر، إن الحملة هدفها القضاء علي هذه الظاهرة التي باتت شبه يومية، من خلال ورش عمل لمتابعة حالات التحرش بمختلف أشكالها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية. من جانبها، تستنكر عزة كامل، رئيسة مؤسسة مركز قضايا المرأة، ما يحدث من حالات التحرش التي تتزامن مع أيام العيد في وقت من المفروض أن يكون وقتاً لتجمع الأسر والعائلات والخروج إلي الشوارع والأماكن العامة دون خوف أو قلق، ويجب ألا تشعر المرأة بالخوف أثناء نزولها من المنزل، بل لابد أن تشعر بالأمان في بلد لا يليق به سوي هذا، مضيفة أن ذلك ساعد علي إقصاء المرأة من الحياة الاجتماعية، مطالبة زيادة جهود الدولة في القضاء علي هذه الحوادث وتطبيق القوانين والردع بقوة حيث إن الحملات ووقوف المجتمع المدني ضده لا تكفي وحدها، بل لابد من تضافر الجهود والتعجيل بوضع الحلول وتفعيل خطواتها وتطبيقها . وبينما قالت نيهال سعد، عضوة حركة "بصمة ضد التحرش"، إن الحركة ستدفع بفرق منتشرة في معظم الميادين والشوارع لمطاردة المتحرشين، أكد فتحي فريد، قيادي بمبادرة "شفت تحرش"، أنه سيتم تكثيف الخطوط الساخنة لتلقي جميع شكاوي التحرش لرصد هذه الحالات ونوعها، وإذا ما كانت باللفظ أو اللمس وأكثر الأماكن التي يحدث بها مثل هذه الأفعال لإبلاغ الجهات المعنية للتعامل معها أو وضع لمواصفات الأشخاص الذين يرتكبون هذه الأفعال للتعامل معهم وفقاً للقانون. متابعة المتحرشين ومعاقبتهم، لا ينفي أن ظاهرة التحرش تحتاج إلي تحليل اجتماعي لتفكيك تلك الظاهرة والقضاء عليها، ما عبرت عنه الدكتورة، عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمجلس القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالحديث عن أن ما يحدث للمرأة من عمليات تحرش يعرضها إلي تراجعها وعدم مشاركتها في الحياة الاجتماعية، مؤكدة أنه يجب مواجهة المشكلة وعدم الهروب منها، مطالبة باحترام كيان المرأة خاصة في ظل الأعياد والمناسبات الاجتماعية المختلفة، معتبرة التغاضي عن التصدي لظاهرة التحرش إهانة للمجتمع كله. وأضافت كريم أن الدور الحكومي مطلوب وأساسي لأن منظمات المجتمع المدني المعنية بحماية المرأة لا تنجح وحدها في مواجهة هذه الظاهرة، والطريق الوحيد إلي ذلك هو أهمية نشر فكر احترام المرأة باعتبارها نصف المجتمع له نفس الحقوق والمتطلبات، وليس معاملتها علي أنها عورة يجب أخفاؤها وإلزامها المنزل وعدم الخروج منه، وذلك يبدأ من خلال مناهج التعليم والمدرسة حتي الجامعة وأماكن العمل، فيجب النظر إلي المنظومة بشكل متكامل. في السياق، تري الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع أن حالة البطالة والظروف الاقتصادية التي تعاني منها البلاد السبب في تدافع الشباب ووقوفهم بالطوابير علي نواصي الشوارع واستغلالهم التجمعات بالمناسبات للتحرش بالفتيات كمحاولة لملء الفراغ الذي يعانون منه، لذلك فالمشكلة لها أبعاد أخري يجب العمل علي حلها لمنع الخوف والفزع عند كل مناسبة، مشيرة إلي أنه علي الفتيات البعد عن فكرة التزام المنزل، مع حرصهن علي عدم التواجد بالأماكن المزدحمة والتواصل مع منظمات المجتمع المدني والحملات والمبادرات عند حدوث أي محاولات للتحرش بهن وعدم الخجل والإبلاغ عنها لتدارك المشكلة والعمل علي حلها. برواز