يبدو أن الصراع علي مصر سيدخل مرحلة خطيرة من التصعيد، فالممولون الأساسيون للجهاديين في سوريا، والكلام هنا عن قطروتركيا والرئيس أوباما، سيدفعون تلك العناصر المسلحة للانتقال إلي القاهرة".. الكلمات السابقة لصحيفة "وورلد تريبيون" الأمريكية، ذائعة الانتشار، في عددها الصادر بتاريخ الرابع عشر من أبريل 2014 أي قبل 3 أشهر ويومين من حادث الفرافرة الإرهابي الذي أودي بحياة 23مجنداً مصرياً في السادس عشر من الشهر الجاري. وأكدت الصحيفة الأمريكية آنذاك، أن الهدف الاستراتيجي للمتآمرين علي مصر هو خلق نظام علي هوي الإدارة الأمريكية لا سيما أن بوصلة القاهرة بدأت تتجه ناحية روسيا، مع مزاج شعبي عام معجب بتصرفات الرئيس فلاديمير بوتين الذي حطم غطرسة واشنطن وكسر أنفها في أوكرانيا تارة، وفي سوريا تارة أخري. «حماس» و«بيت المقدس» يتآمران علي «السد العالي» ونقلت الصحيفة عن مصادر جهادية في ليبيا أن تدريب عناصر مسلحة ضمن ما يعرف بالجيش المصري الحر، يجري علي قدم وساق علي الأراضي الليبية برعاية أمريكية تركية إيرانية وبتمويل قطري، وذكرت أن عدة أهداف حيوية توجد علي أجندة تلك العناصر المسلحة، أبرزها مطار القاهرة واقتحام عدد من السجون لتهريب قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، وتكثيف الهجمات الإرهابية علي وحدات الجيش الشرطة. ويمكن القول إن حادث الفرافرة هو بداية مرحلة جديدة من الإرهاب الإخوانو-قطري المدعوم أمريكياً وتركياً، إذ من المؤكد، طبقاً لكل الخبراء الأمنيين، أن الهجوم علي نقطة حرس حدود الفرافرة جاء من الجنوب الليبي، تلك المنطقة المجهولة ذات الظهير الصحراوي مترامي الأطراف والممتد من الصحراء الموريتانية مروراً بماليوالنيجروجنوب الجزائر وتشاد وجنوب ليبيا وجنوبتونس حتي السودان ودارفور بما يشكل فراغاً هائلاً تنشط فيه جماعات متطرفة علي رأسها تنظيم القاعدة في المغرب العربي والكتائب المنضوية تحت لوائه علي غرار كتيبة «الملثمون» وكتيبة «الموقعون بالدم» التي يتزعمها الجزائري مختار بلمختار، التي نفذت عملية «عين أميناس» في الجزائر العام الماضي. وأكدت تقارير مخابراتية جزائرية وتونسية، لقناة فرانس24 أن بلمختار المقيم بشرق ليبيا يُعد المسئول الأول عن هجوم إرهابي بقذائف (الآر بي جي) استهدف نقطتين متقدمتين للجيش الوطني التونسي بجبل الشعانبي مما أسفر عن استشهاد 15 عسكريا وجرح 23 آخرين في حصيلة هي الأثقل بسجل المواجهات التي جرت خلال الأشهر الماضية بين قوات الجيش والأمن الوطنيين من ناحية والمجموعات الإرهابية المتحصنة بالجبل من ناحية أخري. تعميق الفراغ تكمن المشكلة في أن هذا الظهير الصحراوي الشاسع لا يسكنه إلا جماعات بدوية قليلة العدد ولا تسيطر عليه أي دولة كما أن سكان هذه المناطق يعانون من التهميش العرقي مثل الطوارق في النيجرومالي أو من أصول أفريقية كما هو حال التبو في جنوب ليبيا، ويقوم اقتصاد هذه المنطقة علي التهريب سواء مهاجرين غير شرعيين لأوربا، أو السلاح والمخدرات. الإطاحة بنظام القذافي أدي لتعميق حالة الفراغ في تلك المنطقة، والأسوأ من ذلك أن ترسانات أسلحته وقعت في أيدي الطوارق الذين عادوا لبلادهم محملين بالسلاح والمال ليعلنوا تمردهم علي حكومات بلادهم كما فعلت تنظيمات جهادية في مالي حاولت الإطاحة بنظام الحكم فيها لولا تدخل عسكري فرنسي، كما حصل تنظيم القاعدة، تحت مسمي أنصار الشريعة، علي كميات هائلة من السلاح، وهو ما مكنه من بسط نفوذه علي مناطق كثيرة في الشرق الليبي واتخاذ مدينة درنة معقلاً وزعيم أنصار الشريعة هناك هو سفيان بن قمو سائق بن لادن السابق، وترتبط كل الجماعات الجهادية التكفيرية في منطقة الساحل والشمال الأفريقي بعلاقات قوية ولو علي المستوي الأيديولوجي، ويبقي الخلاف بينهم علي من يستحق لقب خليفة المسلمين، هل هو أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة أم خصمه اللدود أبو بكر البغدادي زعيم ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. بالعودة لما نشرته الوورلد تريييون في أبريل الماضي نكتشف أن قائد ما يسمي بالجيش المصري الحر هو شخص يدعي شريف الرضواني، ويقوم بتدريب العناصر الإرهابية بمعسكرات درنة، وقد سبق له المشاركة في القتال في سوريا وفي لبنان، فيما يتولي التنسيق والحصول علي التمويل من أجهزة مخابرات غربية شخص ليبي يدعي إسماعيل الصلابي وهو مسئول رفيع المستوي في تنظيم القاعدة وصديق حميم لشريف القبيصي مدير المخابرات القطرية. وتؤكد الصحيفة أن كامي الصافي وإسماعيل الصلابي القياديين البارزين في القاعدة علي علاقة قوية بخيرت الشاطر والتقيا هذا الأخير أكثر من مرة في تركيا تحديداً، وسيكون لهما دور كبير في نشر الفوضي بمصر قبيل الانتخابات الرئاسية. وتتكون عناصر تلك الميليشيات الإرهابية من ليبيين وسودانيين ومصريين يمتلكون خبرات قتالية متفاوتة، فمنهم من شارك في القتال في سوريا وليبيا ومنهم من هو عديم الخبرة، ولكنهم علي اتصال قوي بخلايا إرهابية نائمة داخل مصر وينسقون معها ويزودونها بالسلاح والمعدات. وتوضح الصحيفة أنه وبشكل نوعي، فإن جماعة أنصار بيت المقدس بسيناء، والتي لها خلايا منتشرة في عدد من المحافظات وتلقي دعماً من حركة حماس بغزة، تعد جزءاً مما يعرف بالجيش المصري الحر، وهي المستقبل الأول للعناصر التي تتدرب في ليبيا، وهنا يكمن تناقض وشيزوفرينيا الإدارة الأمريكية التي وضعت تنظيم بيت المقدس علي لائحة المنظمات الإرهابية بينما هي تدعمها بالمال والخبرات والسلاح، وتستخدمها كمخلب قط لزعزعة استقرار مصر لمجرد أن المسار السياسي فيها لا يتوافق مع شيء ما في نفس السيد أوباما. أخطر رجال التنظيم وتنوه الصحيفة إلي أن إنشاء الجيش المصري الحر بدأ عقب أيام قليلة من الإطاحة بمرسي إثر ثورة 30يونيو، حيث اجتمعت قيادات من التنظيم الدولي للإخوان بقيادات حركة حماس بفندق غزة بيتش هوتيل، وكان محمود عزت القيادي الإخواني المعروف عنه أنه الرجل الثاني في تنظيم الجماعة الإرهابية بعد خيرت الشاطر، أحد أبرز الحضور في ذلك الاجتماع، وتذكر الصحيفة نقلاً عن مصادر من داخل غزة أن أهم وأخطر رجل في التنظيم الدولي للإخوان المسئول الأول عن بيع وشراء السلاح للتنظيم كان حاضراً في اجتماع غزة وأشارت الصحيفة له باسم مستر إكس لأنه من المستحيل معرفة اسمه الحقيقي أو الحركي، وكان إكس مصطحباً معه أحد شيوخ الفكر التكفيري ويدعي عبد المجيد الشاذلي ويقال عنه إنه أستاذ محمد بديع وخيرت الشاطر، وكان برفقتهما 20مصرياً آخرون إضافة لعشرات من الحمساويين وعرب من جنسيات مختلفة، وتعد تلك الاجتماعات امتداداً لاجتماعات أخري كان يحضرها خيرت الشاطر ومحمد الظواهري شقيق أيمن الظواهري، وكان هدف المجتمعين في غزة دوماً هو استمرار تدفق السلاح من ليبيا إلي القطاع ومنه إلي سيناء عبر الأنفاق لجماعة بيت المقدس وخلايا تكفيرية أخري منتشرة داخل مصر. وتتكون خلية بيت المقدس من عناصر من شباب الإخوان وجهاديين تدربوا في أفغانستان، ويقودهم شخص يدعي رمزي موافي كان عضواً بارزا في القاعدة أيضاً، ويتحدث باسمهم شخص يدعي أبو أسامة المصري، ومن الواضح أن هناك برنامجا خاصا للتعاون في العمليات الإرهابية بين بيت المقدس وحماس وهو ما أثمر عن إنشاء خلية مخصصة للتخريب داخل مصر تحت مسمي «المتصلين مع المهدي» وهي في مجملها تتكون من عناصر تابعة لحماس وحركة الجهاد الإسلامي، وأغلب الظن أنها المسئول الأول عن عملية قتل 6 جنود من الشرطة العسكرية بكمين مسطرد في مارس الماضي، ويبدو أن تلك الخلية تم إنشاؤها خصيصاً لاستهداف رجال الشرطة والجيش في المحافظات المصرية المختلفة. وتسود حالة من الانقسام بين إرهابيي بيت المقدس فمنهم من يريد استهداف رجال الجيش والشرطة بغض النظر عن سقوط ضحايا في صفوف المدنيين علي اعتبار أن الكل كافر، فيما جناح آخر يريد التركيز علي رجال الأمن والقضاة والمباني الحيوية علي أمل تأييد المجتمع لهم، وتشير الصحيفة إلي أن من ضمن الأهداف الموضوعة علي لائحة بيت المقدس السد العالي وعدد من الكنائس والمنشآت الشرطية والعسكرية. وفي النهاية أشارت الصحيفة الأمريكية نقلاً عن مصادرها الجهادية التي لم تسمها إلي أن بيت المقدس ومن يحركه علي ثقة بأن مصر تعيش أزمة حقيقية وتعاني أجهزتها الأمنية جهلاً كارثياً بطبيعة التنظيمات الإرهابية المتواجدة داخل البلاد وزعم المصدر أنهم سيقومون بعدد من العمليات الإرهابية التي ستزلزل مصر الفترة المقبلة. تحذيرات الجارديان الوورلد تريبيون ليست أول وسيلة إعلام تشير إلي العلاقة الواضحة المباشرة بين ما يقع في مصر من إرهاب والمخابرات الإيرانية، حيث أكدت صحيفة الجارديان البريطانية غير مرة أن السيارات المفخخة التي تُستخدم في الهجمات الإرهابية بمصر، أسلوب تدربت عليه حركات فلسطينية (أبرزها حماس والجهاد وتنظيم القاعدة في العراق) علي يد المخابرات الإيرانية، وطبقاً للجارديان أيضاً ، فإن لقاءً سرياً، جري بالقاهرة في مطلع العام الجاري، أي في عهد المعزول مرسي، جمع قاسمي سليماني رئيس فيلق القدسالإيراني بقيادات من مكتب الإرشاد، وتحديداً خيرت الشاطر، ومحمد بديع، ومحمود عزت، من أجل مساعدة الجماعة في تنفيذ سيناريو المذابح التي ارتكبها الخميني في إيران عام 1979 في حق قيادات في الجيش والشرطة والقضاء والمجتمع بعد ما أصدر فتاوي بتكفيرهم جميعاً واستحلال دمائهم، وفي هذا السياق يمكن أن نفهم تصريحات البلتاجي التي قال فيها سيتوقف ما يحدث في سيناء في نفس اللحظة التي يعود فيها الرئيس محمد مرسي للحكم.