حرصا منه علي استمرار قوة الدفع للمفاوضات المباشرة التي انطلقت منتصف شهر سبتمبر الحالي في العاصمة الأمريكيةواشنطن بين الفلسطينيين والإسرائيليين برعاية كل من مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية والأردن قام الرئيس حسني مبارك يوم الأربعاء الماضي بجولة أوروبية مهمة ابتدأها بالعاصمة الألمانية برلين حيث أجري محادثات مكثفة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وكبار المسئولين في الحكومة الألمانية استمرت قرابة الثلاث ساعات تخللها غذاء عمل تكريما للرئيس ومرافقيه. مباحثات مبارك وميركل تركزت علي تطورات عملية السلام في الشرق ومحاولة انتشالها من الفشل في ضوء التسويف الإسرائيلي الخاص بضرورة وقف عمليات الاستيطان كشرط أساسي للفلسطينيين للاستمرار في المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتي بذلت فيها مصر جهودا كبيرة بالتعاون مع الولاياتالمتحدة والأردن لإطلاقها.. ولأن مصر تقدر تماما دور الاتحاد الأوروبي في إقرار السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط نظرا لما تمثله هذه المنطقة من أهمية خاصة تاريخيا واقتصاديا وتجاريا بالنسبة للدول الأوروبية.. كما أنها تعي تماما الدور المتزايد لألمانيا علي المستوي الدولي وداخل الاتحاد الأوروبي وخاصة بعد أن نفضت عن نفسها شبح كوارث النظام النازي الكريه الذي ظل يطبق علي أنفاسها ويقلق مضاجعها نفسيا وأدبيا..علي مدي الستين عاما الماضية خاصة أن إسرائيل ظلت تتخذه أي »جرائم النازي« ذريعة للضغط علي ألمانيا وابتزازها سياسيا واقتصاديا واستنت شعار »حتي لا ننسي« ليظل سيفا مسلطا علي رقاب الألمان شعبا وحكومة.. إلي أن جاء المستشار الألماني جير هارد شريدر SPD وأعلن رفضه لهذا الابتزاز الإسرائيلي وقال إن جيله والأجيال اللاحقة ليس لها ذنب بما اقترفه النازي وطالب بضرورة التوصل إلي حل عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يعد لب قضية الشرق الأوسط. وبدأ الألمان يتطلعون بنظرة إنسانية علي الأوضاع الفلسطينية المتردية وما يعانيه الشعب الفلسطيني من مآسي وضنك وظروف اقتصادية صعبة وهو مالا يمكن أن يخدم عملية السلام في كل هذه المنطقة الحساسة من العالم. ونظرا لدور ألمانيا الريادي داخل المجموعة الأوروبية فإن الرئيس حسني مبارك حريص علي استمرار التشاور والتنسيق مع القيادات السياسية والشعبية التي تربطنا بها جميعا علاقات جيدة ووثيقة وفي مقدمة هذه القيادات المستشارة أنجيلا ميركل والرئيس الألماني كريستيان فولت وكلاهما ينتمي إلي الحزب المسيحي الديمقراطي CDU كما تربطه أيضا علاقات قوية وصداقة مع المستشارين السابقين هلموت شميت وجيرهارد شريدر وهما من قيادات الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD بالإضافة إلي زعيم حزب الاحرار الديمقراطي FDP المشارك في الحكم والذي يعد مهندس السياسة الخارجية الألمانية خلال النصف الثاني من العام الماضي. والزعماء الألمان جميعهم يقدرون للرئيس مبارك حنكته وبعد نظره وجهوده المتواصلة لإقرار السلام في الشرق الأوسط ولهذا فإنهم حريصون أن تكلل عملية السلام الجارية حاليا بالنجاح باعتبارها الفرصة الأخيرة للخروج من هذا النفق المظلم ولهذا فإن المستشارة ميركل وحكومتها مطالبة بالتعاون مع حلفائها الأوربيين للضغط علي إسرائيل للانصياع لمطالب السلام وإقتناعها بأن ذلك من مصلحتها ومن أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط الذي يعد شيئا مهما بالنسبة للسلم العالمي بشكل عام ولأوروبا بشكل خاص. ولكي يكتمل مثلث القيادة الأوروبية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا توجه الرئيس مبارك من العاصمة برلين إلي روما عاصمة إيطاليا التي سيشارك في افتتاح الأكاديمية المصرية بعد تجديدها والتي تعد مركز إشعاع حضارياً مصرياً في أوروبا مع رئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني ثم يجري مشاورات استهدفت حثه للتعاون مع قيادات دول الاتحاد الأوروبي الأخري لدعم جهود السلام.. وكان الرئيس مبارك قد أجري محادثات مماثلة لنفس الهدف مع الرئيس الفرنسي. وذلك قبل توجهه إلي واشنطن للمشاركة في إطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. هذا وقد أعربت جمعية الصداقة المصرية الألمانية عن ترحيبها البالغ وتقديرها للزيارة التي قام بها الرئيس مبارك لألمانيا ومحادثاته المهمة مع المستشارة أنجيلا ميركل.. كما أكدت الجمعية في بيان لها علي أهمية العلاقات الجيدة والمتميزة التي تربط بين مصر وألمانيا في مختلف المجالات والتي تقوم علي أساس من الثقة والتقدير المتبادل بين الجانبين المصري والألماني.. كما أشار البيان إلي الدور الحيوي الذي يمكن أن تقوم به ألمانيا بحكم ثقلها الدولي وموقعها الريادي في الاتحاد الأوروبي لدفع جهود السلام في الشرق الأوسط وحل المشكلة الفلسطينية لما فيه صالح الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وكافة شعوب المنطقة.