أوباما مع والدى الجندى المفرج عنه، بوب وجانى بيرجدال بوساطة قطرية، توصلت واشنطن وطالبان الأفغانية بعد محاولات ومفاوضات غير رسمية دامت سنوات، إلي عقد صفقة جري بموجبها الإفراج عن "بوي بيرجدال"، الجندي الأمريكي المختطف في أفغانستان منذ عام 2009 من قبل الحركة مقابل خمسة من قياداتها كانوا محتجزين في جوانتانامو، مما أثار جدلاً واسعاً وتساؤلات عدة في الأوساط السياسية العالمية حول مدي علاقة الدوحة بالحركات المتشددة ومن قبلهم جماعة الإخوان المسلمين المدرجة علي قوائم الإرهاب في عديد الدول العربية. فيما انتقدت إدارة أوباما قبول مثل هذه الصفقة والتفاوض مع الجماعات المسلحة والمتطرفة. قبل أسبوع تم الإفراج عن "بيرجدال" السجين الأمريكي الوحيد في أفغانستان، مقابل خمسة من معتقلي طالبان، "القادة الخمسة الكبار بالإمارة الإسلامية"، الاسم الذي تطلقه الحركة علي النظام الذي أرسته في كابول بين 1996 و2001 والذي أطاح به غزو عسكري قادته الولاياتالمتحدة في نهاية 2001 إثر اعتداءات 11 سبتمبر. واعتقل مقاتلو طالبان "بيرجدال" في يونيو عام 2009 إثر اختفائه من قاعدته العسكرية في ولاية بكتيكا، جنوب شرق البلاد. وبحسب وصف صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، لعبت قطر دور الوسيط من وراء الكواليس في عملية تبادل الأسري هذه، والتي حصل بموجبها آخر أمريكي أسير في أفغانستان علي حريته، لكنها أصبحت تحت مجهر الولاياتالمتحدة للتأكد مما إذا كانت ستفرض قيوداً علي 5 مقاتلين من طالبان أطلق سراحهم. وأبدي مسؤولون بجهاز الاستخبارات الأمريكية ومستشارون في الكونجرس قلقاً بسبب الدور الذي تلعبه قطر كهمزة وصل بين واشنطن والمتشددين في العالم الإسلامي. حيث أصبحت علاقات الدوحة بالحركات المتطرفة، تحت مجهر ساسة ومسؤولين داخل الولاياتالمتحدة، وخارجها. وأشار عناصر طالبان المفرج عنهم إلي إن قطر كانت الفاعل الأساسي في المفاوضات والتي تساهم منذ سنوات في جهود المصالحة بين المتمردين الإسلاميين وحكومة كابل. فيما أبقت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما علي سرية الوثيقة التي توضح تفاصيل ظروف وملابسات الإفراج عن الرجال، نزولاً علي رغبة قطر. وتشير الصحيفة إلي قدرة قطر لعملها كوسيط بسبب علاقاتها القديمة مع حركة طالبان التي تمتلك مقراً لها بالدوحة. فيما أوضحت الصحف البريطانية أن دور الوساطة الذي تلعبه قطر ليس جديدا، حيث تدخلت في محادثات السلام مع المسئولين السودانيين والجماعات المتمردة في دارفور، هذا بالإضافة إلي سعيها باستضافة جماعات المعارضة السورية التي سعت للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، فضلا عن تعزيز علاقاتها مع الولاياتالمتحدة عندما تعهدت بمائة مليون دولار مساعدات في عام 2005 لمساعدة الأمريكيين بعد إعصار كاترينا، والتي كشف عنها موقع ويكليكس ببرقية أرسلها حمد بن جاسم للرئيس الأمريكي. وتوفر الحكومة القطرية مساعدات عسكرية للهجمات التي قادتها قوات حلف الشمال الأطلسي ضد نظام القذافي وعملت علي نشر طائرات حربية وأسلحة للمتمردين الذين أطاحوا به. كما يوجد علي أراضيها قاعدة أمريكية تعمل كمركز للقيادة والخدمات اللوجستية الرئيسية للقوات الجوية الأمريكية في المنطقة. هذا بجانب احتفاظها بيوسف القرضاوي ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين وقياداتها الهاربين الذي أغضب جيرانها في منطقة الخليج مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر. ولهذا يري المراقبون إقدام الدوحة علي كسب ورقة وراء هذه الوساطة وتقديم المساعدة لإدارة أوباما، من أجل كسب مساندتها بعد العزلة وانحسار دورها في المنطقة. ومنذ سنوات، تطالب طالبان بالإفراج عن هؤلاء الخمسة المعتقلين بجوانتانامو في كوبا، الذين لا يزالون في غالبيتهم يتمتعون بنفوذ كبير داخل الحركة المتمردة التي تقاتل حكومة كابل وحلفاءها الغربيين الذين أطاحوا بنظامها في نهاية 2001 في اجتياح عسكري قادته الولاياتالمتحدة. والخمسة المفرج عنهم هم "خير الله خير خواه" وزير الداخلية في نظام طالبان، الذي تم اعتقاله عام 2002 من قبل السلطات الباكستانية وتم تسليمه إلي واشنطن. "محمد فاضل آخوند" وزير الدفاع بالحركة وأحد أهم قياداتها العسكرية. ثم "الملا عبد الحق وثيق" نائب مدير الاستخبارات بطالبان، وأحد مؤسسي الحركة وقد اعتقل في نهاية 2001. "الملا نور الله نوري" و"الملا محمد نبي". وقال مسؤولون أمريكيون وقطريون إن الخمسة ممنوعون من السفر من قطر لمدة عام كامل. وأبدي أعضاء في الكونجرس وعلي رأسهم الجمهوري "مايك روجرز" رئيس لجنة الاستخبارات، قلقهم بسبب الدور الذي تلعبه قطر كهمزة وصل بين واشنطن والحركات المتشددة. حيث أعربوا عن ثقتهم المحدودة في التطمينات الأمنية فيما يتعلق بقيادات الحركة المفرج عنهم ونشاطهم واستعداد الدوحة لتنفيذها، استناداً إلي حالة "الجار الله المري" الذي أفرج عنه من جوانتانامو في قطر في يوليو عام 2008 حيث لم يمنع "المري" من مغادرة قطر وقيامه برحلتين إلي بريطانيا منذ إطلاق سراحه. وأن السلطات البريطانية ألقت القبض عليه خلال زيارته الثانية في أوائل عام 2009. وأيدهم في هذا الموقف عضو مجلس النواب "بك ماكيون" وعضو مجلس الشيوخ "جايمس أنهوف" اللذان اتهما إدارة أوباما بأنها قامت بانتهاك القانون الذي ينص علي إبلاغ الكونجرس بخصوص الإفراج عن أي معتقل في جوانتانامو قبل إطلاق سراحه بشهر علي الأقل. كما أوضح مجموعة من النواب الجمهوريين في كل من الكونجرس ومجلس الشيوخ الأمريكي، بأن الإفراج عن قادة طالبان الخمسة سيكون له تداعيات خطيرة علي القوات الأمريكية المتواجدة في أفغانستان وعلي الشعب الأمريكي بشكل عام. فيما قال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، لبرنامج Today show علي شبكة NBC الأمريكية، إنهم لا يرون أي خطر أمني علي الولاياتالمتحدة، وأن هناك ظروفاً كافية تتيح الشعور بالارتياح لنقل هؤلاء المعتقلين إلي قطر. ويتعارض الإفراج عن قادة طالبان الخمسة مع السياسة الأمريكية، نظرا لأنه لا يسمح بالتفاوض المباشر مع إرهابيين، أو الإفراج عن معتقلين دون الرجوع للكونجرس، كما أن المعتقلين لم يجر إقرار مبادلتهم وفقا لعملية تدقيق من الأمن القومي، وهي فئة تضم الآن 71 معتقلاً من بين 149 آخرين لا يزالون في جوانتانامو. ولذا لجأ الرئيس أوباما لوساطة قطر التي لها تاريخ في إجراء محادثات بين واشنطن وطالبان. ففي عام 2010 توجه قادة طالبان إلي قطر لإجراء مفاوضات سرية مع الحكومة الأمريكية بشأن اتفاق محتمل لوضع نهاية لوجود قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان. وعندما تعثرت تلك المحادثات بقي بعض زعماء طالبان في قطر واعتادوا الحياة بحرية وبذخ، حيث شوهد هؤلاء في مراكز تجارية ويلعبون مع أولادهم في صالات رياضية مكيفة الهواء. وقالت مصادر مقربة من هذه المجموعة إنها تعيش في مجمعات سكنية خارج الدوحة علي حساب الحكومة. وذكرت شبكة فوكس نيوز الأمريكية، في تقرير لها، أن قطر ستكون مقر الإقامة لقادة طالبان المفرج عنهم حديثاً برفقة عائلاتهم. واشترطت قطر عليهم عدم الانخراط في أي نشاط سياسي أو التحدث لوسائل الإعلام، بعد إصرار واشنطن علي وضعهم تحت حظر السفر لمدة عام.