الاهتمام بالإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل من خلال نظام الإيجار التمويلي في حوار خاص ل«آخر ساعة» تحدثت الدكتورة سحر نصر كبير خبراء اقتصاديات التمويل بالبنك الدولي، لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حول الدور الذي يقوم به البنك الدولي وحجم التمويل المتاح لمشروعات القطاع الخاص.. مشيرة إلي أن البنك يركز في المرحلة القادمة علي الوصول إلي الفئات المهمشة في مختلف القطاعات والمناطق بمصر بهدف خلق فرص عمل والاهتمام بالإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل.. إلي جانب تهيئة مناخ جاذب للاستثمار لجذب الاستثمار المحلي والعربي والأجنبي للعمل في مصر لتحقيق نمو اقتصادي مستدام.. إضافة إلي قضايا أخري عديدة من خلال هذا الحوار.. ما الدور الذي يقوم به البنك الدولي في مصر، وما هو حجم التمويل المتاح؟ وما هي القطاعات التي تستفيد من البرنامج؟ لدينا في البنك الدولي هدفان رئيسيان نعمل علي تحقيقهما في مختلف دول العالم، الأول محاربة الفقر، والثاني التأكد أن عوائد وثمار التنمية توزع بصورة عادلة علي الجميع.. هذان الهدفان الرئيسيان تعمل مجموعة البنك الدولي علي تحقيقهما، وكل منطقة تحاول أن تضع البرنامج الذي يساعد علي تحقيق هذين الهدفين.. وهناك اهتمام وتركيز علي ضرورة وصول عوائد التنمية إلي الجميع سواء جغرافيا أو نوعيا سواء للرجال والنساء.. وفي مصر نبحث عن الفئات أو المجموعات المهمشة كما أننا بعد 30 يونيه نركز علي الفئات أو المناطق أو المجموعات التي لم تصل لها عوائد التنمية ونسعي للوصول إليها، أو تكون لها فرص متساوية مع باقي الفئات والمناطق الأخري.. فالهدف أن يبدأ المواطن.. أيا كان مكانه في مشروعه.. والمحفظة التي نديرها في مصر تبلغ نحو مليار دولار لتنمية القطاع الخاص مقسمة إلي 600 مليون دولار للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.. ونركز علي المشروعات التي تخلق فرص عمل بطريقة أفضل.. بمعني أن هناك مشروعات صغيرة لكن لا تخلق فرص عمل.. مثلا وجدنا أن المشروعات المنتجة تخلق فرص عمل أكثر.. أيضا نحاول أن نركز علي المناطق الأقل حظا مثل الصعيد والمحافظات التي فيها نسب فقر أعلي.. بالإضافة إلي ذلك هناك 300 مليون دولار للإسكان محدود الدخل، فالتوجه هو التركيز علي محدودي الدخل وعلي العائلات التي دخلها قليل أو متوسط.. عندنا بعد ذلك منح في حدود 100مليون دولار وهي منح مقسمة بطرق مختلفة، مثل الدعم الفني كالتدريب سواء للبنوك أو الجمعيات، ندعم فنيا الفئات المستهدفة وهذه المنح من شأنها أن تدعم فنيا مستوي الناس بحيث تعظم الفائدة.. فمثلا الخريج من الممكن أن تقدم له قرض إلي جانب إكسابه المهارات اللازمة في كيفية إنتاج السلعة أو تسويقها أو التصدير من خلال الإنترنت.. هذه المهارات تقدم في صورة منحة.. ولا نشترط أن من يحصل علي الدعم يأخذ قرضا.. فهناك من لديه التمويل ويحتاج إلي التدريب.. وفي هذا الإطار ندرب البنوك والجمعيات.. فمثلا من خلال المعهد المعرفي نعطي جزءا من المنحة لكي يدرب البنوك التي تساند المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر ولديها وحدة تساند القطاع لأن هدفنا خلق فرص عمل. وقد وضعت الحكومة المصرية المؤقتة مسألة تطوير المشروعات متناهية الصغر والصغيرة، كأولوية في جدول أعمال الإصلاح، وطلب من البنك الدولي دعم هذا القطاع مع التركيز علي معالجة إحدي التحديات الرئيسية، ألا وهي الحصول علي التمويل، والذي يعوق تنميتها ويحد من قدرتها علي خلق فرص عمل جديدة، وتعد هذه العملية فرصة لمجموعة البنك الدولي للتدخل ودعم مصر أثناء الأوقات الحرجة من التحول، أي عندما يطالب المواطنون بوظائف لائقة وفرص متكافئة واستقرار اجتماعي ومساواة في الوصول إلي الأسواق، الأمر الذي يخلص في النهاية إلي القضاء علي الفقر وتوفير الرخاء الاقتصادي، وهما الهدفان الرئيسيان لمجموعة البنك الدولي. تيسير الحصول علي الائتمان ما هي الآليات التي يقوم بها البنك الدولي في مصر لإتاحة التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي تجد صعوبة في الحصول علي التمويل من البنوك؟ تمثل محدودية فرص الحصول علي التمويل واحدة من العقبات الرئيسية التي تواجه أصحاب الأعمال، وتدهور ترتيب مصر في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال بشأن الحصول علي الائتمان لعام 2014 من المركز 82 في عام 2013 إلي المركز 86 في عام 2014، وهناك تفاوت في مصر في الحصول علي التمويل فيما بين المناطق وداخل كل منطقة، ويعد صعيد مصر هو المنطقة الأدني من حيث توزيع التمويل، كما تنتشر أوجه التفاوت بين الجنسين، حيث يواجه أصحاب المشاريع من الإناث مزيدا من التحديات في الحصول علي التمويل مقارنة بالرجال. واستجابة لهذه التحديات تم بذل الجهد لتحسين البيئة المواتية للوساطة المالية، وتعزيز البنية التحتية المالية، وتم تأسيس أول مكتب خاص للاستعلام الائتماني، مما يؤدي إلي تحسين كبير في المعلومات الخاصة بالجدارة الائتمانية للعملاء، وتم تحديث نظام المدفوعات من حيث العمليات واللوائح والسياسات واللوائح الأمر الذي يوفر إطارا مؤسسا أكثر دعما.. بالإضافة إلي ذلك أصدر البنك المركزي المصري قانون حوكمة الشركات الذي يعزز من الشفافية والحوكمة بالقطاع المصرفي، مما أدي إلي إيجاد بيئة عمل أفضل مما يجعلها أكثر ملاءمة لإقراض المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر. والهدف الانمائي للمشروع هو المساهمة في تحسين وزيادة حصول المشروعات متناهية الصغر والصغيرة علي التمويل في مصر باستخدام آليات التمويل الابتكارية مع تركيز خاص علي الشباب والمرأة والمناطق المحرومة.. سوف يقوم مشروع تعزيز الابتكار للوصول إلي الاندماج المالي بتوفير التمويل للشركات متناهية الصغر والصغيرة، وتشجيع فرص العمل المستدامة في القطاع الخاص في جميع أنحاء مصر، وسيعمل علي تعميم الخدمات المصرفية في المجتمعات المحلية منخفضة الدخل، وإزالة العوائق من الأسواق أمام إقراض المشاريع متناهية الصغر والصغيرة، ومن المقرر أن يستفيد من المشروع أكثر من 130 ألف مشروع متناهي الصغر وصغير علي مدار 5 أعوام تشكل المشاريع المملوكة للنساء 37% منها.. ويقوم البنك الأهلي وبنك مصر وبنك القاهرة بدور مهم في توفير التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في إطار هذا البرنامج. هل هناك زيارات للمحافظات لمساندة المشروعات التي تعاني التعثر وتقديم المساندة لها؟ من خلال الزيارات التي قمنا بها لمحافظات الصعيد وجدنا مشاريع كانت متعثرة أو في طريقها للتعثر، والقروض التي نقدمها تساند هذه المشاريع وتستطيع تجاوز أزمتها لأن مثل هذه المشاريع كانت تعتمد بشكل كامل علي السياحة ويقدم إنتاجه للفنادق أو المطاعم، وكانت المساندة الفنية في كيفية تطوير المنتج لتسويقه لسوق مختلف، المشروع ساند شركات بإنقاذها من التعثر أو تطوير إنتاجها وتستطيع أن تسوق منتجاتها في ظل مناخ الاستثمار الحالي.. أو أساند مشاريع قادرة علي العمل بشكل جيد أن تكبر وتنمو وتوسع نشاطها.. وهذا بهدف مساعدة المشروع علي الاستمرار في السوق حتي لا تتأثر العمالة لديه، وفي ذات الوقت يشجع الشركات التي استطاعت الاستمرار في هذه الفترة أن تكبر وتنمو وهذا لزيادة العمالة لديه وتوفير فرص عمل جديدة. أيضا محاربة الفقر من خلال مساندة المشاريع متناهية الصغر خاصة بالنسبة للسيدات مثل المرأة المعيلة أو التي كانت تعتمد علي مساندة من أحد أفراد أسرتها وتأثرت بالظروف الراهنة، والمساندة من خلال المشروع لهذه الفئات الضعيفة في تجاوز الأزمة التي تمر بها في ظل المناخ الحالي.. الإيجار التمويلي كيف يمكن أن تستفيد القطاعات من محدودي الدخل من التمويل المتاح لمشروعات الإسكان الاجتماعي؟ وما هي الآليات التي يتبعها البنك في ذلك؟ بالنسبة للإسكان الاجتماعي الحكومة المصرية مهتمة بهذا المشروع الضخم ووصول دعم الإسكان الاجتماعي للفئات المستهدفة.. ويكون هناك نظام وبرامج واضحة.. ونظام التمويل العقاري لا تستفيد منه الفئات غير القادرة.. لذلك من ضمن البرامج التي تساعد فيها مع الحكومة المصرية نظام «الإيجار التمويلي» الذي يمكن قاطن الوحدة من تملكها في نهاية المدة.. إلي جانب توفير التمويل لمن يريد تحسين ظروف مسكنه.. أيضا من ضمن أولويات البنك الدولي أن نري البرامج والخبرات في الدول الأخري مثل المكسيك والهند وكولومبيا ونري ما هو مناسب لمصر.. وما هي أفضل الاختيارات المناسبة للشعب المصري، والتوجه في البنك الدولي في هذا السياق موجود في العالم كله وفي مجالات عديدة مثل مجالات الصحة والتعليم وغيرها.. وقوة البنك الدولي في هذا الشأن أن لديه خبرات كبيرة من ممارساته حول العالم في مناطق مختلفة ومنها مناطق كثيرة ظروفها تتشابه مع ظروفنا هناك في المنطقة وبالذات مصر.. هناك مجموعة من الدول بدأت منذ عدة سنوات إعادة تخطيط منظومة الدعم، التأمين الصحي، وهناك أكثر من نموذج كلها ناجحة.. ودور البنك في هذا المجال أنه يمكن أن نستعين بهذه الخبرات من جميع أنحاء العالم.. وعملنا ورش عمل كثيرة مع قطاعات حكومية كبيرة في قطاعات مختلفة وليس فقط القطاع المالي. وجاري حاليا مشاورات مع الحكومة المصرية لتقديم المزيد من الدعم لإسكان محدودي الدخل، ودعم المزارعين والقطاع الزراعي لأننا نري أن مصر لديها فرصة ليكون لها دور قيادي في هذا المجال حيث يتوافر فيها كل المقومات التي تساعد علي التوسع في الإنتاج الزراعي وفي ذات الوقت توفير التدريب والإمكانيات الفنية لتقليل الفاقد ويسوق إنتاجه في ظروف أفضل.. وتطوير دور بنك الائتمان الزراعي لتقديم خدمات أفضل للمزارعين والاستفادة من شبكة الفروع المنتشرة بالمحافظات وتمثل نحو 40% من فروع الجهاز المصرفي المصري.. باعتبار أن القطاع الزراعي يضم أعدادا كبيرة يمكن أن تستفيد من الخدمات بصورة أفضل. خلق فرص العمل هناك إشكالية تتعلق بظاهرة البطالة التي أصبحت قضية عالمية خاصة بعد الأزمة المالية العالمية.. هل ترين أن البرامج التي يضعها البنك الدولي وتحدثت عنها كافية لمواجهة مشكلة البطالة؟ حين نتحدث عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة الهدف هو خلق فرص عمل، والهدف الرئيسي أن يكون هناك نمو مستدام يقوده القطاع الخاص.. وكما تحدثت نحن نريد أن يصل الدعم إلي المواطن الذي يشتري المنزل أو الوحدة السكنية لمحدودي الدخل، ولا يذهب الدعم إلي المقاول الذي يبني البيت.. كان الدعم يذهب إلي المستثمر أو المطور الذي كان يحصل علي الأرض مدعومة يبني عليها بيوتا ويحصل دعم من برنامج الإسكان والمقاول هو الذي يستفيد، وليس الأفراد.. نحن نركز علي قطاع الإسكان لأنه يخلق فرص عمل.. لأن قطاع البناء والتشييد من أكثر المجالات والقطاع التي يخلق النمو فيها فرص عمل وتنمية مستدامة.. نحن بالنسبة لنا خلق فرص عمل.. وكما تري أن البرنامج كله يوجه للشعب المصري، كله يذهب للقطاع الخاص، العائلات التي ترغب في شراء بيت، هذا قطاع خاص، خريج يريد عمل مشروع هذا قطاع خاص.. البرنامج كله يركز علي الشعب المصري.. كذلك الدعم وتنمية المهارات.. المشروع لا يوفر وظيفة حكومية ولكن يساعد الخريجين علي عمل مشاريع منتجة تساعد علي النمو الاقتصادي.. وفي تصوري أن هذه خطوة جيدة من الحكومة أنها تطلب قروضا لتشجيع تنمية القطاع الخاص وأن يكون النمو بقيادة القطاع الخاص.. فالحكومة تركز علي أن تكون مراقبا، تضع استراتيجيات.. فأنا أري أن هذا التوجه جيد.. وبالنظر إلي القانون الجديد للإسكان الاجتماعي يتضح منه ذلك أن دور الحكومة وضع سياسات والتأكد أن هناك شفافية ونتأكد أن الدعم يصل إلي مستحقيه.. لكن البناء يكون من شركات القطاع الخاص والدعم يذهب إلي العائلات.. وليس المستثمر أو المقاول كما كان في السابق.. أيضا لتشجيع القطاع الخاص وأن تخلق فرص عمل من خلال القطاع الخاص يتعين تهيئة مناخ جاذب للاستثمار وهذا مجال أيضا نركز عليه.. ليكون للقطاع الخاص دور فعال.. وإزالة المعوقات وجذب المستثمر المصري والأجنبي.. ومن ضمن الأشياء التي نحاول عملها كبنك دولي العمل مع دول الخليج ونعمل برامج موحدة ونحرك العجلة بطريقة أسرع وهذا جزء من نشاطي.. وقد كنت في زيارات للسعودية والكويت والإمارات لكي نتعاون مع بعضنا.. لأن مصر من ضمن أولويات هذه الدول لذلك نحاول التنسيق لتنفيذ مشروعات تنموية في مصر.. وخلق فرص عمل جديدة.. فالتنسيق مع الدول الخليجية بحث كيفية تقديم المساندة لمصر والشعب المصري بهدف تنسيق الجهود والمصادر المالية وتوظف في المجالات التي نهتم بها مثل الإسكان.. والاستعانة بالخبرات لإعطاء دفعة للبرامج بطريقة أسرع.. لتحقيق النمو الاقتصادي المصري. واختتمت الدكتورة سحر نصر حوارها لآخر ساعة بالتأكيد علي أن الهدف الرئيسي تحقيق نمو مستدام تصل عوائده إلي جميع الفئات والمحافظات وكل المهمشين يكون لهم دور فعال، إلي جانب دمج القطاع غير الرسمي من خلال هذه الأدوات وإكسابه المهارات المطلوبة ليسجل نشاطه ضمن الأنشطة الرسمية.. إلي جانب تحسين مناخ الاستثمار ليقوم القطاع الخاص المصري والعربي والأجنبي بدوره في قيادة النشاط الاقتصادي واعطاء قوة دفع للاقتصاد المصري خلال المرحلة القادمة.