الوصول إلي كرسي الحكم ليس نهاية المطاف بل بدايته وأول خطوة في المواجهة المباشرة مع كافة شئون البلاد والأزمات التي يعاني منها أهلها ومحاولة تحقيق مايطمحون إليه وهو اختبار صعب لمن يختار أن يكون في موقع القيادة وتحيط به معضلات الحكم خاصة مع غياب الجناح الآخر للحكم (البرلمان) وأزمات السلطة القضائية، وفي ظروف صعبة خلال سنوات من التغيير تحولت فيها الأوضاع إلي فوضي عارمة وانفلات يمتد من الشارع إلي غابة الفضائيات وعدم استقرار ، وأجواء إقليمية صعبة في بلدان الربيع العربي القريبة منا جغرافيا وتاريخيا. ولعل أهم وأخطر ماسيواجه الرئاسة القادمة معضلتان والأدق تحديان: الاقتصاد والأمن وكلاهما يرتبط ارتباطا عضويا بالآخر، الاقتصاد يعاني من حالة تدهور حادة لم تفلح الحكومات السابقة والحالية في علاجها، أزمة الطاقة في المقدمة وتأثيرها السلبي في انتظام الحياة اليومية ودوران عجلة الإنتاج، تذبذب مؤشرات البورصة ،ضعف معدل النمو وتزايد الدين المحلي والخارجي نتيجة الاعتماد علي المساعدات والقروض وغلاء الأسعار ونزيف احتياطيات النقد الأجنبي والعجز في ميزان المدفوعات وتراجع معدلات الإنتاج وأيضا سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية ، وأزمة البطالة حيث بلغت نسبة العاطلين إلي 60٪ لمن تحت سن 35 عاما وزيادة معدلات الفقر 2.6٪ وتراجع السياحة في الربع الأول من العام الحالي بنسبة 42٪ والإيرادات العام الماضي بنسبة 41 ٪ إضافة لتزايد معدل الزيادة السكانية حيث أصبحنا نستقبل مليون مولود جديد كل ستة أشهر بمعدل زيادة يصل إلي 5.2٪ سنويا، وفي استطلاع أجراه مركز"بيو" الأمريكي للأبحاث (عينة عشوائية من ألف شخص) كشف أن نسبة 76٪ من المصريين يرون وضع الاقتصاد سيئاً في حين يري 21٪ أن الوضع جيد إضافة للفساد المستشري في كافة قطاعات وأجهزة الدولة. العامل الأمني يشكل أخطر تحد للرئاسة والحكومة القادمة نظرا لحالة الفوضي والعنف في الشارع المصري ، وتهدد الاستقرار وانتظام دورة الحياة اليومية وتلقي بظلالها علي الاقتصاد ولاشك أن حالة الاستقطاب والانقسام السياسي أحدثت شروخا عميقة امتدت إلي البيوت والأسر المصرية ومن هنا فلابد من البحث عن طرق تعيد للوطن أمنه واستقراره وسلامة نسيجه الاجتماعي وهي المهمة الأصعب في الأيام والشهور القادمة.