بحضور رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان احتفلت تركيا (لأول مرة في تاريخها) بذكري مرور 1400 عام علي نزول القرآن الكريم في ليلة القدر، وشهد هذا الاحتفال الكبير مائة شخصية تمثل أكثر من أربعين دولة إسلامية من مختلف العالم تلبية لدعوة مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بإسطنبول التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.. وعلي مدي ثلاثة أيام متتالية بحثوا أفضل السبل لخدمة كتاب الله الكريم، واتخذوا التوصيات اللازمة لإحياء هذه الذكري الخالدة، وتطوير الحوار العقائدي بين أصحاب الديانات السماوية، وتنمية الفنون والمهارات لاستنساخ أقدم المصاحف الأثرية المخطوطة، ورحبوا بموافقة مصر علي إعادة طبع مصحف عثمان بن عفان بالقاهرة. ولد مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية »إرسيكا« (الذي نظم هذه الاحتفالية الدولية بمرور أربعة عشر قرنا علي نزول القرآن الكريم) في إسطنبول في ثمانينات القرن الماضي من رحم منظمة المؤتمر الإسلامي، ويضطلع بنشاطات تتعلق بالبحث والتوثيق والمعلومات حول كل القضايا التي تتعلق بمجال الحضارة والثقافة وتاريخ الدول الإسلامية، والعلوم والعمارة والآثار والعمران والفنون الجميلة والحرف اليدوية والمحافظة علي التراث الثقافي، وتشجيع التعاون بين المؤسسات الثقافية والجامعات بهدف تعزيز المساعي العلمية والفنية.. صورة صحيحة للإسلام ويتابع عن كثب الدراسات التي تهدف إلي تقديم صورة صحيحة عن الإسلام والثقافة الإسلامية للرأي العام العالمي، وتعزيز الروابط بين البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي والبلاد الأخري، وبالتالي الإسهام في تأسيس علاقات ودية بين الشعوب الإسلامية، وشعوب الثقافات الأخري من العالمين الشرقي والغربي. وأسس هذا المركز العالم التركي البروفيسور الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو، وهو بالمناسبة تسكن مصر تحت جلده، فوالدته مصرية، ونشأ وترعرع في حي »الحلمية الجديدة« ونال تعليمه العالي في جامعة عين شمس، وعندما اختير أمينا عاما لمنظمة المؤتمر الإسلامي منذ حوالي خمس سنوات، آلت مسئولية هذا المركز الذي يمثل الوجه الإسلامي لتركيا إلي خلفه الدكتور خالد أرن المدير العام الحالي وهو شاب طموح استكمل رسالة سلفه بنجاح واقتدار.. وقد قدم ذلك المركز مشاريع رائعة في مجال القرآن الكريم، فأخذ علي عاتقه العناية التامة بالمصحف الشريف، وأولي ترجمات معانيه عناية خاصة، فعقد ندوات متعددة في هذا المجال، وتعاون مع جميع المؤسسات والشخصيات التي عنيت بكتاب الله المبين في مختلف أنحاء العالم، وتوزيع معاني القرآن باللغات المختلفة. كما تعاون المركز مع جمهورية تتارستان لإعادة طباعة مصحف »قازان« الذي كان أول مصحف وطبع سنة 1823، وكذلك المصحف المعروف بمصحف فاضل باشا في مكتبة الغازي خسرو بك في البوسنة والهرسك، وظل المصحف الذي يحمل قطرات دم الخليفة الشهيد الموجود في متحف قصر »طوب قابي سراي« حلما من أحلام الاقتناء حتي عمد المركز إلي نشر هذه النسخة طبق الأصل، وتعتبر من أقدم نسخ مخطوطات المصحف الشريف.. كما نظم المركز مسابقة لخط مصحف قطر وأشرف علي طباعته، ويعمل الآن علي نشر نسخة »صنعاء« الشهيرة والمنسوبة إلي سيدنا علي (كرم الله وجهه)، ويطمح لنشر الدراسات والآثار التي تعود للمصحف في القرون الأولي للهجرة. وأعود إلي فكرة الاحتفال الدولي الذي تم في مدينة »إسطنبول« الجميلة والذي دعا إليه مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية الأسبوع الماضي.. وبالتحديد في »ليلة القدر« بمناسبة مرور أربعة عشر قرنا علي نزول القرآن الكريم. توصية وزراء الخارجية فقد أصدر مجلس وزراء الخارجية للدول الإسلامية الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السابعة والثلاثين في »دوشنبة« بجمهورية طاجكستان في شهر مايو هذا العام بالتوصية بالترحيب بإعلان »إرسيكا« عام 2011/2010 عام الاحتفالية بمرور أربعة عشر قرنا علي نزول القرآن الكريم، ويدعو الدول الأعضاء والمؤسسات المتفرعة والمتخصصة والمنتمية لمنظمة المؤتمر الإسلامي إلي إحياء هذه الذكري بمختلف الوسائل، وتمشيا مع هذه التوصية، فقد انطلق برنامج الاحتفال تحت شعار عنوانه: »عام القرآن الكريم 1400« تحت رعاية رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان.. وقد لبي حوالي مائة شخصية تمثل أكثر من أربعين دولة إسلامية الدعوة لهذا الاحتفال المهيب، ومن بينهم وزراء ورؤساء مؤسسات وهيئات إسلامية وعلماء ومتخصصون من مختلف أنحاء العالم للمشاركة علاوة علي سفراء الدول الذين حضروا من العاصمة التركية »أنقرة« والقناصل العامين في »إسطنبول«. ندوات بكل العالم ومن أهم العروض والمناقشات والتوصيات التي تمت بين المشاركين في الجلسات قبل الليلة الأخيرة للاحتفال الكبير الذي حضره رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان. ❊ إقامة سلسلة من الندوات والحلقات الدراسية وغيرها من الاجتماعات العلمية في العالم الإسلامي وخارجه علي هذه المناسبة المقدسة، وخصوصا في العواصم الأوروبية والولايات المتحدة وروسيا، وتقام بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية ومحطات التلفزة، وبالتعاون أيضا مع الجامعات »أقسام العلوم الدينية والآداب والتاريخ وأقسام الدراسات الإسلامية والأديان المقارنة والدراسات الشرق أوسطية والآسيوية والإفريقية«. ❊ فيما يتعلق بترتيل وتجويد القرآن الكريم، فقد نظم العديد من الدورات في الدول الأعضاء، ولكن يمكن تعزيزها بمحاضرات خاصة حول عام الاحتفال بمرور 1400 عام علي نزول الوحي. ❊ إقامة المسابقات المحلية والدولية بما يتلاءم مع الحدث وأهميته، والاهتمام بتنظيم بعثات من الحفاظ والقراء وتنقلهم بين مختلف المدن داخل العالم الإسلامي. تقييم ترجمات القرآن ❊إعداد مؤتمرات بغرض تقييم ترجمات القرآن الكريم . ❊ إقامة المسابقات وتقرير جوائز في مجال موضوع الاحتفال وتصحيح المعرفة والفهم للمبادئ والمفاهيم القرآنية وتعزيز الحوار بين أصحاب الديانات السماوية. ❊ تنمية المهارات في مجال الفنون التي تطورت من خلال استنساخ المصاحف (مثل الخط والتذهيب والتجليد وتنفيذ الآيات علي مختلف المواد)، والفعاليات الأخري التي من شأنها خدمة معاني القرآن الكريم. ويمكن اختيار موضوعات محددة في هذا المجال حول صلاحية المفاهيم والقيم في القرآن الكريم كالتسامح، وحقوق الإنسان، والعلم والتعلم، وأهمية القرآن الكريم كمصدر لحل المشاكل المعاصرة، وكذلك مناقشة سوء فهم وتأويل معاني القرآن العظيم. تعزيز التكافل الاجتماعي وقد استبشر المشاركون في هذا المؤتمر الدولي لتدشين برنامج الاحتفال بمرور أربعة عشر قرنا علي نزول القرآن الكريم بالأمل، فمن المنتظر أن يسهم عام القرآن الكريم 1400 في إنعاش الحياة الدينية والروحية، وكذلك الارتقاء بالتعليم العام، وتعزيز التكافل الاجتماعي، وتشجيع التعاون بين الشعوب في الدول الإسلامية، بالاضافة إلي تطوير الحوار العقائدي والثقافي.. وقد عبر المشاركون في هذا المؤتمر عن ترحيبهم وشكرهم لمصر لموافقتها علي طبع أقدم وأهم المصاحف الموجودة في العالم: مصحف سيدنا عثمان الموجود بالمشهد الحسيني بالقاهرة، وهي طبعة طبق الأصل للمصحف التاريخي مصحوبة بدراسة علمية أنجزت باستخدام تقنيات الطباعة الحديثة، ولكن تتناسب مع نفس لون المداد المكتوب به من حوالي 14 قرنا. بحضور رئيس الوزراء ووسط أنغام الموسيقي الصوفية الناعمة كان الاحتفال الكبير في ليلة القدر بحضور رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لتكريم أهل القرآن وحفظته، وبمشاركة الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو، والدكتور خالد أرن المدير العام لمركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية وراعي المؤتمر. وفي كلمته المرتجلة أكد رئيس الوزراء التركي قدرة القرآن الكريم علي حل الكثير من المشاكل الراهنة، وتضييق الخلافات والفجوات بين القوميات والعرقيات والشعوب المختلفة، وصفقت الوفود له بحرارة عندما قال: إن ماتفرقه الجغرافيا يجمعه الدين والحضارة الإسلامية. وقد تمت هذه الاحتفالية الدولية علي أعلي درجة من الرقي والتنظيم الجيد، ولاقت استحسان كل الوفود المشاركة.