حين تم اكتشاف الذهب بولاية كاليفورنيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1848 ازدادت الهجرة إليها من جميع سكان العالم ، وفي استراليا حين تم العثور علي كمية كبيرة من المعدن الأصفر في «بالارات فكتوريا» تضاعف عدد سكانها ثلاث مرات خلال تسع سنوات فقط ، أما في نيوزلاندا فقد تضاعف عدد سكانها مرتين خلال ست سنوات حين تم اكتشاف الذهب بها عام 1886 ، وحين تنتهي أبحاث العالم المصري البروفيسور الدكتور مصطفي السيد في علاج السرطان ب«نانو» ذرات الذهب ويتم الوصول إلي العلاج في شكله النهائي، سيزداد عدد سكان العالم بعد أن يتخلصوا من المرض المخيف المعروف بالسرطان. طبقا للإحصائيات هناك واحد من بين أربعة يموت بعد إصابته بالسرطان، وهناك 75 مواطناً أمريكياً يقضون كل دقيقة جراء الإصابة بالسرطان، ولنا ان نتصور أعداد المصريين المصابين بالمرض من كل الأعمار، فالعالم كله تتعلق آماله الآن علي استكمال الأبحاث في العلاج بذرات الذهب وإن كان البعض قد التقط بداية الخيط ونقبوا في كتب التاريخ للبحث عن العلاج بالذهب فقيل إن ملكة مصر «كليوباترا» كانت تنام وهي تضع علي وجهها قناعاً من الذهب حتي تحصل علي بشرة نقية لامعة، وأنها كانت تدلك جسدها بمحلول الذهب أيضا، وبعد أن حفظ التاريخ وصفة كليوباترا الملكية في الحفاظ علي جمالها انتشرت «الكريمات» المصنوعة من ذرات الذهب وأيضا تركيبات أخري لعلاج مشاكل الشعر التالف. وكانت للذهب أيضاً مكانة خاصة في صنع الكثير من الأجهزة الطبية الدقيقة، حيث يقول الدكتور ريتشارد هوليداي من المجلس العالمي للذهب « إن الذهب معدن مقاوم للبكتريا ويستخدم لعلاج المرضي الأكثر عرضة للالتهابات، كما يستخدم في صناعة أسلاك الجهاز المنظم لضربات القلب، والأنابيب الدقيقة التي تغرز في الأوعية الدموية للمصابين بأمراض القلب، لأنه يمكن رؤيتها بسهولة عند أخذ صور الأشعة بسبب لمعان الذهب « وقد سبق كل هؤلاء علماء العرب الأوائل عند اكتشافهم لفوائد الذهب وخصائصه حتي أن العالم العربي «الزهراوي» كان يستخدم أداة من الذهب عند «كي الجروح» لأن موضع الكي لا يتقيح ووجد أنه أفضل من الكي بالحديد. وجاء عالم الكيمياء البروفيسور العالمي د. مصطفي السيد ليستكمل مسيرة أسلافه من علماء العرب لينير للعالم بوهج ذرات الذهب أملا يعكف علي تحقيقه مع فريق من العلماء من أجل تحقيق حلم الشفاء من أخطر أمراض العصر التي تضرب الجسد الإنساني فجأة وبدون رحمة ولا شفقة، وذلك بعدما أعلن قبل سنوات عن اكتشافه العظيم في مجال النانو تكنولوجي وتطبيقه لهذه التكنولوجيا باستخدام مركبات الذهب الدقيقة في علاج مرض السرطان تم اختياره ليكون واحدا من أفضل عشر علماء في مجال الكيمياء علي مستوي العالم، ليحصل كأول عالم مصري وعربي علي «قلادة العلوم الوطنية الأمريكية» التي تعتبر أعلي وسام أمريكي في العلوم والتي ترشح لها ثمانية علماء ففاز هو بها وتسلمها في احتفال كبير من الرئيس الأمريكي عام 2008. وعلي الرغم من انشغاله الشديد باستكمال أبحاث علاج السرطان بالذهب مع فريقه البحثي في الولاياتالمتحدة وعمله كأستاذ للكيمياء في جامعة جورجياالأمريكيه للتكنولوجيا إلا أنه يحرص علي زيارة مصر أربع مرات سنويا لمتابعة فريقه الثاني الذي يعمل في المركز القومي للبحوث علي نفس البحث، وكانت بداية زيارته هذه المرة، قبل أيام، بقبوله لدعوة الدكتور مدحت عبدالعال مدير مستشفي «وادي النيل» لإلقاء محاضرة مهمة حول آخر ما تم التوصل إليه وأيضا لتدشين مركز الأبحاث الجديد الذي تم إنشاؤه بالمستشفي لتكون أبحاث العلاج بالذهب من أولي الأبحاث التي يعمل عليها المركز تحت رعاية الدكتور مصطفي السيد، كما وعد الأخير بأن يتم استخدام علاج السرطان بالذهب في مستشفي وادي النيل بالتزامن مع معهد الأورام عند الانتهاء من الأبحاث. كان في استقبال البروفيسور مصطفي السيد، الدكاترة مدحت عبد العال، وشريف عمر الجراح الكبير وعميد معهد الأورام الأسبق، وحسين خالد أستاذ الأورام ومحمد لطيف ومغازي محجوب وكلهم علماء متخصصون في علاج الأورام، احتفوا جميعا بالعالم المصري وتحلقوا حوله بتواضع العلماء لتدور حوارات بينهم جعلتني انتبه لكل كلمة تقال، لتتحول تلك الكلمات إلي رسالة أمل تزيح شبح المرض المخيف. بدأ العالم المصري حديثه بآخر ما توصل إليه فريق بحثه في مصر وأمريكا من أنهم انتهوا حاليا من التجارب علي الحيوانات الصغيرة مثل الفئران والأرانب، وبدأوا الآن في مرحلة إجراء التجارب ذاتها علي الحيوانات الكبيرة، مثل الكلاب، وثبت بشكل نهائي قدرة ذرات الذهب المعالجة بالنانو تكنولوجي التي تحول ذرات الذهب إلي أجزاء متناهية الصغر علي تدمير الخلايا السرطانية تماما بعد دخولها للخلية السرطانية ووقف نشاطها تماما وهي خطوة تتم بالاستعانة بالضوء أيضا، فبعد وصول ذرة الذهب للخلية السرطانية يتم تسليط الضوء عليها لفترة محددة فتلمع ذرة الذهب لمعانا شديدا وتنطلق منها حرارة مرتفعة تقضي علي الخلية وهي مضاءة بوهج قوي، متابعاً: جربنا أيضا إضافة بعض الأدوية مع ذرات الذهب ثؤثر علي نواة الخلية السرطانية لتقضي عليها تماما. وسمحت لنفسي عدة مرات بأن أتدخل بالأسئلة بين جمع العلماء، وكنت أحتاج إلي توضيح من الدكتور مصطفي حول نوع الضوء المستخدم مع ذرات الذهب، فجاءتني إجابته بأن الأشعة تحت الحمراء هي التي لديها القدرة علي اختراق الجلد بمسافة تسمح لها بالوصول إلي الخلية السرطانية ، فهناك أنواع من الضوء لا يمكن لها سوي اختراق عدة ملليمترات قليلة تحت الجلد ، وهنا كان للعالم الكبير الدكتور شريف عمر ملاحظة هامة ذكرها وذكر بها الحضور في مجال استخدام الحرارة في علاج الأورام ، فذكر أنه في نهاية الستينات وبداية السبعينات بدأ العمل علي استخدام الحرارة في علاج السرطان عن طريق «تسخين الأورام» بأن يتم حقن مواد كيماوية بالشرايين فترفع درجة حرارة الورم، ورغم الصعوبات التي قابلتنا وقتها من تحديد كمية الحرارة إلا أن تلك الوسيلة حققت نجاحا في تقليص حجم الورم وجعلتنا نتمكن من إزالة الكثير من الأورام التي كان يصعب الوصول إليها ، وكنا في حاجة حقيقية لمزيد من الأبحاث في ذلك الاتجاه وهو ما نراه يتحقق في امتزاج الذهب بالضوء وما ينتج عنهما من حرارة مرتفعة تساهم في القضاء علي الخلية السرطانية، ولم ينس أن يعلق بكلمات طريفة بأن نجاح أبحاث العلاج بالذهب ستعني تقليل اللجوء إلي الجراحة ، مما سيؤثر بدوره علي مهنته لكنه سيكون أسعد الناس بالوصول إلي علاج ينهي معاناة ملايين البشر. ووجدت الفرصة مواتية لكي أعرف المزيد عما توصلت إليه الأبحاث، وجاءتني كلمات الدكتور مصطفي تحمل الكثير من الأمل والصبر أيضا فبعد تدمير الخلايا السرطانية توجهت ذرات الذهب اللامعة لتستقر في الطحال والكبد والكلي، وهنا بدأنا في العمل علي أبحاث لنعرف مدي تأثر أعضاء الجسم من استقرار ذرات الذهب بعد أدائها لمهمتها، بمعني أننا نبحث في الآثار الجانبية للعلاج ، وانتهزت لحظات صمته لكي أسأله مجددا عن إمكانية أن تعلق بذرات الذهب بقايا من الخلايا السرطانية لتسترد عافيتها أثناء تركزها في الطحال أو الكبد ، وبهدوء شديد قال إن هذا أمر سيخضع للبحث أيضا ، فما زالت هناك الكثير من الجوانب التي تحتاج إلي عمل متواصل وسيستمر لفترات طويلة، ولذلك بدأنا الأبحاث علي الحيوانات الكبيرة في الحجم والأطول في العمر أيضا، وفي تلك المرحلة ستتم الإجابة عن مزيد من الأسئلة العلمية التي ستتطور مع مرحلة التجربة علي المتطوعين وهي مرحلة لن نصل إليها إلا بعد معرفة «تأثير سمية الدواء» خاصة أننا في كل يوم يتم التوصل إلي مواد جديدة من النانو تكنولوجي وأيضا إلي استخدام مواد معروفة في نفس تجارب علاج السرطان، فقد جربنا مثلا استخدام ذرات الفضة فاكتشفنا أنها تهاجم الخلايا السرطانية وتقضي عليها لكنها تقضي أيضا علي الخلايا السليمة بعكس ذرات الذهب التي تقتحم الخلايا المريضة وتجعلها مضيئة ولا تؤثر نهائيا علي الخلايا السليمة ولا تقترب منها مما يجعل الخلايا السليمة تبدو معتمة بجانب المريضة، ونحن نحاول ان نجد حلا بديلا للعلاج الكيميائي الذي يقضي علي الخلايا المريضة ويصيب السليمة بأضرار ، ولكن هناك معادن أخري نجري عليها مزيدا من التجارب لفاعليتها في العلاج مثل «المغناطيس». وأضاف: ثمة طرق جديدة تستعمل الآن بشكل غير مباشر في أثناء علاج الأورام السرطانية بالجراحة ، ففي ألمانيا وأثناء إجراء جراحات استئصال الأورام يتم نثر ذرات الذهب حول المريض لتمنع انتقال خلايا سرطانية عبر الدم إلي أجزاء أخري في الجسم فإن 50% من علاج السرطان يتم عن طريق الجراحات، مما قد يجعل انتقال الخلايا السرطانية ممكنا ، فلجأ الأطباء الألمان إلي ذلك الحل لتقليل هذا الاحتمال، وهو أمر يفتح آفاقا جديدة للعلاج مع كل خطوة في البحث. معني هذا أنه يمكن أن تعالج ذرات الذهب أمراضا أخري أو تستخدم في الكشف المبكر عن الأورام أو ما يعرف بالخلايا القابلة بأن تتحول من طبيعية إلي سرطانية ، هناك الكثير الذي ستكشف عنه الأبحاث في الفترة المقبلة، ويمكن استخدام ذرات الذهب في التشخيص وهو أمر أجريت عليه الأبحاث بالفعل، فعن طريق إضافة ذرات الذهب مع بعض المحاليل علي عينة دم مصابة، جاءت النتيجة بظهور الخلايا المصابة وهي متوهجة بالضوء ، وأما الكشف المبكر فمازلنا نعمل علي ذلك الأمر ونستخدم جرعات مختلفة في التجارب ، ومنها أننا نزيد من كمية ذرات الذهب بمعدلات معينة قد تصل بنا إلي اكتشاف الخلايا التي قد تتحول من طبيعية إلي مصابة خلال فترة زمنية معينة مع تجربة كميات معينة من الضوء. صمت البروفيسور قليلا ليتحدث عن أهمية البحث العلمي وما يتمناه لمصر في المستقبل ، فهو يري ومعه الكثيرون أن البحث العلمي وتوفير التمويل له هو طوق النجاة لمصر، فدولة مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية قررت ألا تمتلك صناعات خاصة بالدولة حتي لا تنافس المواطنين، لكنها اختارت أن تستثمر في البحث العلمي، فكل دولار تنفقه علي البحث العلمي يعود إليها خمسة دولارات، وفي مصر نمتلك عقولاً علمية رائعة لكنها تحتاج إلي تمويل من البحث العلمي، والفريق الذي يعمل في المركز القومي للبحوث علي أبحاث علاج السرطان بالذهب تموله جمعية «مصر الخير» وهو عمل وطني عظيم، فعندما عقدت الندوة مع أطباء مستشفي وادي النيل لفت نظري دقة الأسئلة العلمية التي طرحوها، ما يعني تمتع العقلية المصرية بالابتكار والقدرة علي البحث العلمي وهو أمر متوافر في كثير من باحثينا وكل ما يحتاجون إليه هو اهتمام الدولة أكثر بالبحث العلمي وتوفير الدعم اللازم له. وبينما كنت أهم لمغادرة المكان.. كانت علامات الأمل تشع من وجه عالمنا المصري الكبير.. تماماً مثلما تبرق ذرات الذهب التي اعتمد عليها في أبحاثه لعلاج السرطان. وقد وعدني بلقاءات أخري مستقبلاً حين يزور مصر ليتابع فريق أبحاثه هنا، وفي كل مرة حسبما قال لي - سيكون ثمة جديد.