تطور هائل يشهده العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات وسرعة تبادل البيانات، بشكل أصبح معه عالم اليوم مختلفا أشد الاختلاف عن عالم الأمس، والمؤكد كذلك أن الغد سيحمل لنا عالما أكثر اختلافا وتطورا .. في هذا التحقيق سنحاول التعرف علي ملامح تكنولوجيا حديثة تحمل اسم LTE المزمع تطبيقها قريبا، وما ستحمله للبشرية من جديد، وتأثيرها علي شركات الاتصالات الثابتة، ومنها في مصر الشركة المصرية للاتصالات تحديدا، التي تعاني بسبب ما تقدمه شركات المحمول من عروض علي أسعار المكالمات، والتي ستجد نفسها عاجلا أم آجلا في مواجهة مع شبح هوائي سيقدم خدمة الإنترنت بسرعات غير عادية تعجز أي تكنولوجيا أخري عن مجاراتها وتقديم نفس مميزاتها التقنية والاقتصادية .. وربما يكون من المناسب في هذا الإطار البدء بسرد سريع لأحداث وإحصائيات عن كيفية استخدام الإنترنت من خلال التليفون المحمول. كان عام 2008 شاهدا علي إطلاق خدمة الإنترنت علي الهواتف المحمولة، وذلك بمعرفة شركة "أبل ماكنتوش" الأمريكية وأجهزتها التي حملت اسم Appel Iphone 3G وهو ما وسع من دائرة تبادل المعلومات والبيانات باستخدام الإنترنت من وضع الحركة Mobile-Broadband)) وهي التكنولوجيا التي عرفت ب3G UMTS وتكلف ظهورها خمس سنوات من العمل المضني من قبل القائمين علي العمل في مراكز البحث العالمية المختصة بعالم الاتصالات وتبادل المعلومات ، وكان ينظر إلي تلك التكنولوجيا باعتبارها أقصي ما يمكن الوصول إليه هو الشيء الذي سيزود الجمهور باكثر مما كان يطمح إليه. يذكر أنه في بداية استخدام الإنترنت الحركي تحول مستخدمو المحمول بنسبة أكثر من 50٪ إلي الدخول علي المواقع المختلفة بشكل يفوق استخدام أجهزتهم لإجراء المكالمات، لاسيما أن الأسواق العالمية أغرقت بأجهزة شبيهة بIphone Appel وهو ما دفع شبكات المحمول لعمل تقدير لما يسمي بLong underutilization (الاستخدام الافتراضي لشبكاتهم)، فوجدوا أنه تم استخدامها لأقصي حد، الأمر الذي يكلفهم مزيدا من الأموال لإجراء الصيانة والتحسينات. أجهزة المحمول التي تقدم خدمة الإنترنت تعرف إجمالا ب 3G Mobile أي الجيل الثالث من المحمول ، وكان الصراع علي أشده في العامين الأخيرين بين عدة أنواع من التكنولوجيا لإطلاق الجيل الرابع4G بخدمة أفضل وكان من أبرز هذه التقنيات UMA وUMB وWiMAX واستطاعت الأخيرة حسم الصراع لصالحها نظرا لأنها تقدم خدمة الإنترنت بسرعة مضاعفة ويجري العمل بتلك التكنولوجيا في عدة دول لعل أقربهم إلينا ليبيا والجزائر، وكانت الWiMAX علي وشك دخول مصر العام الماضي، وذلك من خلال الشركات التي تقدمت بعطاءات للحصول علي حق تقديم خدمة التليفون الثابت جنبا إلي جنب مع المصرية للاتصالات، غير أن ذلك كان من شأنه الإضرار بمصالح تلك الأخيرة حيث تقدم خدمة الإنترنت لما يقرب من 13 مليون مشترك، كما أن ذلك كان من شأنه الإضرار بمصالح شركات المحمول الثلاث أيضا حيث من المعروف أنهم يقدمون خدمة UMTS 3G ، فكان قرار جهاز الأمن القومي لحماية الاتصالات NTRA بعدم دخول أي شركة أخري لتقديم خدمة التليفون الأرضي هذا فضلا عن أن تكنولوجيا الWimax التي تعمل بنظام Wireless (تقديم الخدمة هوائيا دون الحاجة إلي كابلات) كانت ستحتاج لإنشاء أبراج غير تلك التي تستخدمها شركات المحمول حاليا. ابن شرعي العالم حاليا علي وشك ميلاد التكنولوجيا الجديدةLTE بعدما تم التوقيع علي اتفاقية عالمية Global agreement تقضي باستخدامها بحلول عام 2011 أو 2012 علي أقصي تقدير, وذلك نظرا لسرعة وسهولة تركيبها وتكلفتها البسيطة إذ إنها لن تحتاج سوي لتعديل بسيط علي أبراج شبكات المحمول الموجودة حاليا (الLTE تعمل هوائيا بدون كابلات أرضية) لتقديم خدمة الإنترنت بسرعة خيالية لن تقل عن 100ميجا للخلية (أي لمنطقة ما علي سبيل المثال) بسعر بسيط جدا، علما بأن أقصي سرعة تقدمها شركات المحمول في مصر لا تزيد علي 7ميجا مقسمة علي مجموعة من المشتركين، وتجدر الإشارة إلي أنه جار الآن تجريب النماذج التشغيلية في ورش عمل عالمية بهدف تحديد كيفية عرض وتقديم التكنولوجيا الجديدة للجمهور.. ويمكن استخدام هذه التكنولوجيا علي أجهزة المحمول واللاب توب والكمبيوتر الثابت أي أن ال LTE تهدد وجود ال ADSL وهو ما سيشكل ضربة قاصمة للمصرية للاتصالات والتليفون الثابت المصاحب تركيبه لخدمة توصيل الإنترنت وستزيد من معاناتها المتمثلة في إحجام المواطنين عن استخدام الخطوط الأرضية وفقد مليون ونصف مليون مشترك خلال العام المنصرم طبقا لأرقام رسمية من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ، وقد حاولنا الاتصال بالمهندس محمد عبدالرحيم المدير التنفيذي للمصرية للاتصالات لسؤاله عما إذا كانت مصر من الدول الموقعة علي الاتفاقية وعن مدي استعداد الشركة المصرية لمواجهة هذا المتغير الجديد، ولكنه اعتذر بدعوي انشغاله بكثير من الأعمال. شركات المحمول سواء في مصر أو في دول العالم عموما تواجه تحديين في غاية الصعوبة أولا : المنافسة فيما بينهم وهو ما يدفعهم لتقديم الخدمة بأقل سعر ممكن، وثانيا: أن تقديم خدمة الإنترنت بتكنولوجيا UMTS 3G يمثل عبئا ثقيلا علي شبكاتهم ويقلل من أرباحهم نظرا لتضاؤل حجم المكالمات التليفونية مقابل ازدياد الدخول علي الإنترنت، وذلك بخلاف الLTE التي لاتشكل نفس العبء ومن المتوقع لها أن تدر أرباحا هائلة، ومع وجود تكهنات تشير إلي أنه بحلول 2013 ستكون أجهزة المحمول واللاب توب مستهلكة ل80٪ من سعة الإنترنت في العالم فإن شركات المحمول تسابق الزمن لإجراء التعديلات اللازمة علي شبكاتها بما يسمح لها باستخدام التكنولوجيا الجديدة التي يصفها المراقبون لعالم تبادل المعلومات بالابن الشرعي للجيل الرابع من المحمول فهي التقنية التي تفرض نفسها تكنولوجيا واقتصاديا وهذا هو الأهم للمستثمرين في هذا القطاع وكل القطاعات المرتبطة به ولعل هذا هو السبب في حديث المواقع الإليكترونية العالمية المختصة بعالم المال والأعمال، عن "استعدادات الهيئات والمؤسسات الكبري لاستخدام تكنولوجيا الLTE" , و إعلان شركة "نوكيا" أنها أوقفت إنتاج الجيل الثالث من المحمول المساند لتكنولوجيا الWiMAX .. ومثلما حاولنا الاتصال بالمسئولين في الشركة المصرية للاتصالات دون جدوي تكرر نفس الموقف مع شركات المحمول الثلاث باستثناء فودافون حيث صرح مصدر مسئول رفض الإفصاح عن اسمه بأن الأمر قيد الدراسة والمتابعة علي أعلي المستويات من قبل الشركة الأم في المملكة المتحدة، مشيرا إلي أن لديهم تعليمات مشددة بعدم الحديث لوسائل الإعلام بهذا الخصوص. للنقل فقط المهندس إبراهيم زيدان المدير التقني شبكات الWireless في مصر وشمال أفريقيا، وموظف سابق في المصرية للاتصالات، يري أن تكنولوجيا الLTE ستكون نقلة خيالية في عالم تبادل المعلومات ويتوقع أن تهبط أسعار اللاب توب والIphone مع تزايد الرغبة من قبل الجمهور في استخدام الإنترنت من وضع الحركة ومع التنافس بين الشركات علي طرح هذه الأجهزة، وسألته هل من الممكن أن يتدخل جهاز الأمن القومي لحماية الاتصالات NTRA للوقوف في وجه الLTE كما حدث ذلك مع تكنولوجيا الWiMAX فقال إن الأمر الآن مختلف إذ إن شركات المحمول الثلاث ستقف هذه المرة في خندق واحد ضد المصرية للاتصالات نظرا لأن التكنولوجيا الجديدة ستحقق لهم أرباحا خيالية كما أن تطبيق الLTE لن يتكلف الكثيرمثلما كان الحال مع الWiMAX حيث كان ذلك من دواعي عدم تطبيقها.. هذا فضلا عن أن تلك التكنولوجيا من إنتاج منظمة علمية عالمية غير هادفة للربح وتقدمها لكل دول العالم مجانا ولن يكون مقبولا أن يأتي السائح الأمريكي أو رجل الأعمال الخليجي إلي مصر ومعه جهاز يدعم استخدام هذه التكنولوجيا ثم يفاجأ بأنها غير متوفرة في مصر وكذلك حينما ننظم أحداثا ومؤتمرات دولية كبري لن يكون ممكنا أن يعجز الصحفي أو المستثمر أو المسئول عن إرسال المعلومات التي يريد إرسالها لجهة عمله بنفس السرعة التي يجدها في بلده أو في أي بلد آخر . المهندس إبراهيم زيدان يشير إلي أن تطبيق تكنولوجيا الLTE في مصر يسحب البساط بشكل كبير من تحت أقدام المصرية للاتصالات ويجعل دورها مقتصرا علي نقل المعلومات الصوتية من خلال بنيتها التحتية Infrastractures المتمثلة في "الفيبر أوبتيكس" وهي كابلات لا يمكن مضاهاة سرعتها في نقل الصوت والمعلومات حيث إنها تعمل بسرعة الضوء، وتعتمد عليها شركات المحمول كليا في نقل وتوزيع مكالمات عملائها من محافظة لأخري، وهو ما يعود عليها بعائد مادي زهيد مقارنة بما يعود عليها من خدمات التليفون الثابت وخدمة الإنترنت.