طوال ثلاث سنوات بعد 25 يناير ظل الشباب طليعة وقاطرة ووقود تلك الثورة رقما صعبا في المعادلة السياسية لكن خارج السياق لم يقترب منه أحد لدعوته للمشاركة ليس فقط في الدولة بأجهزتها التنفيذية بل حتي التيارات السياسية باختلاف أطيافها وصولا للمجالس التشريعية في الفترة السابقة وظلت عبارة أو شعار تمكين الشباب مجرد حبرعلي ورق لايغادره إلي حيز الواقع والأسباب عديدة منها ما يتعلق بطبيعة المجتمع المصري التقليدية المحافظة التي تري أن الشباب يفتقد للخبرة والكفاءة والحكمة لأن يكون له دور فاعل ومؤثر في بلده فحرم من أن يكون له نصيب من حصاد وثمار تلك الثورة وأيضا الميراث الثقيل من الفساد الذي طال كل شيء في مصر خلال العقود الماضية! في تشكيل الحكومة الجديدة غاب ذلك الرقم وبمعني أدق تواصل الغياب فخلت من الشباب وكذلك فعلت الحكومات السابقة باستثناءات قليلة (وزارتا شرف وقنديل) لم نسمع خلال السنوات القليلة الماضية عن مؤتمر ترعاه الدولة يضم كافة أطياف الشباب بغض النظر عن انتماءاتهم يناقش مشاكلهم ويفتح أمامهم آفاقا جديدة للمستقبل ويشعرون بأنهم جزء مهم من الحاضر وكل المستقبل خاصة أن الأجيال الجديدة تمتلك قدرات إبداعية خلاقة بفضل ثورة التكنولوجيا الحديثة وحتي لايلقون باللوم علي الأجيال التي سبقتهم بأنها تركت لهم واقعا يصعب التعايش معه مستقبلا! أرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الأخيرة تشير إلي أن الشباب يشكلون نسبة ربع سكان مصر وهم أكبر فئة من السكان لكن الرقم الأهم في نسبة البطالة بين الشباب التي وصلت إلي أكثر من 77٪ وإلي 85.4٪ بين حملة المؤهلات، لايتوقف الوضع عند فرص العمل وضيق موارد الرزق بل امتد إلي أزمة الإسكان التي لم تتقدم خطوة نحو الحل في السنوات الماضية ليترك الشباب فريسة للمجهول فلا عمل ولا فرصة لتكوين أسرة ، مما يخلق فوضي بلا حدود! المطلوب أن تمد الدولة بكافة أجهزتها أيديها للشباب لا أن تصطدم معهم وتغلق الأبواب في وجوههم، تسعي لحل مشاكلهم حتي لايغرقوا في دوامة الاحباط واليأس من أن يجدوا حياة وعيشا كريما وعدالة وحرية ، ولا شك أن الارتباك والسيولة السياسية والتعثر الاقتصادي يحول دون الوصول لتلك الحلول في وقت قريب وعلي القوي والتيارات السياسية أن تعيد حساباتها في أن يكون للشباب دورهم باعتبارهم الكتلة الأكثر ديناميكية وحيوية وألا يظلوا مجرد ديكور وشعارات فلا مستقبل لوطن بدون حاضره.