٫ لم تكن كارثة كوبري الشيخ منصور بعزبة النخل التي وقعت الأسبوع الماضي بمنطقة المرج وشرق القاهرة هي الأولي من نوعها، ففي يونيه 2010 نشب حريق أسفل كوبري السيدة عائشة بأحد مستودعات المنظفات وامتدت النيران الناجمة عن انفجار أسطوانة بوتاجاز إلي نقطة شرطة المرافق وتسببت في إحداث فجوة بجسم الكوبري واعوجاجه وكانت أنبوبة البوتاجاز هي الجاني بسبب انتشار الباعة الجائلين أسفل وفوق الكباري. المشهد يتكرر ما دام الإهمال عنوانا للمسئولين فالكارثة لاتقتصر علي تواجد الباعة الجائلين بقنابلهم الموقوتة أسفل كباري القاهرة والجيزة وانتشار العشش ونصبات الشاي والقهوة بجوار جسم الكوبري بل إن حجم الكارثة أكبر بكثير لأن تلك النصبات تنتشر وسط الميادين ومواقف الأتوبيسات العامة والمواقف العشوائية للميكروباص التي انتشر حولها الباعة الجائلون الذين احتلوا أسفل الكباري وفوقها وحولوها إلي أسواق ملابس ومشروبات وغيرها من المستلزمات المنزلية الأغرب من ذلك أن كباري المشاة هي الأخري احتلها الباعة الجائلون، وأقاموا عششاً للسكني أسفلها وجميع ساكنيها يعلمون أنها مهددة بالانهيار والأكثر غرابة أن المسئولين أيضاً علي علم بما يحدث ولا حياة لمن تنادي ! ومن خلال جولة قامت بها »آخر ساعة« نكشف بؤر القنابل الآتية لامحال منها والبداية كانت من فوق الكباري، فما أن تسير من أعلي كوبري قصر النيل المعروف إلا وتجد عربات حمص الشام والفشار والفول السوداني تقف علي جانبيه وبجوارها مستلزمات البائع من أنبوية بوتاجاز وكراسي للعشاق وعندما تحدثنا إلي الحاج محمد فرج صاحب عربة حمص الشام بأعلي الكوبري يقول: أكل العيش يحب الخفية وبعدين هنعمل إيه الواحد مننا لازم يروح للزبون في مكانه من قديم الأزل ونحن نقف أعلي الكباري ومحدش قال إن الوقفة ممنوعة وحمص الشام لازم يبقي سخن والأنبوبة هي الحل . ويلتقط منه طرف الحديث صابر عبدالدايم قائلا : الثورة قامت لتشغيل الشباب فين الشغل كل الشباب قاعد في بيوتهم من غير شغل والباقي علي القهاوي وبعدين مش كام عربية حمص وأنابيبها هيا إلي هتوقع الكوبري . وعندما عبرنا الي ميدان التحرير متوجهين إلي باب اللوق وجدنا عربات الباعة الجائلين بأنابيب الغاز منتشرة علي النواصي بل عربات الفول والكبدة منتشرة داخل شوارع وسط القاهرة وميادينها العامة، فالأمر لا يقتصر علي المناطق العشوائية أو موقف الأتوبيسات العامة بل امتدت إلي ميادين ووسط القاهرة التي أصبحت مهددة بوقوع أي كارثة في أي وقت ولا نعلم أين المسئول الذي يجلس في مكتبة ينتظر أن تقع القنبلة ويموت الأبرياء ثم يطل علينا بوجهه ليقول إنه علي استعداد لتعويض المتضرريين . ومن داخل موقف أتوبيسات عبدالمنعم رياض بوسط القاهرة تجد الباعة الجائلين ونصبات الشاي وعربات الفول والكبدة منتشرة علي صفي الموقف بجوار أتوبيسات هيئة النقل العام علي مرأي ومسمع من جميع المسئولين يخدمون رجال شرطة المرور والمرافق ويلبون طلباتهم من مشروبات ساخنة إلي سندويتشات الفول الصباحي والكبدة في حصة الغداء. انتقلنا إلي الطريق الذي يمثل الكارثة الأكبر وهو شارع وكالة البلح أسفل كوبري 15مايو بامتداد شارع الجلاء قلب المنطقة المكتظة بالسكان وهي بولاق أبو العلا تجد الباعة الجائلين تحت مرأي ومسمع يومي من الحكومة ورجالها يمدون أنشطتهم من وكالة البلح إلي شارع الجلاء بل تجدهم علي نواصي شارعي الصحافة دون خوف أو قلق من أحد ليمتد نشاطهم إلي محطة مترو أنفاق جمال عبد الناصر يفترشون الملابس المستعملة أسفل الكوبري وعلي سلالم مترو الأنفاق وفوق الرصيف وعلي ناصية مبني دار القضاء العالي ويضعون اسطوانات الغاز وبجوارهم نصبة الشاي.. لأن أصل الشيء لزوم الشيء هكذا بدأ محمد إسماعيل بائع ربطات عنق حديثه قائلا: كل يوم مسئول يظهر ويقول كلام في الجرايد عن توفير أماكن للباعة الجائلين مجرد شو إعلامي لا غير وبعدين للصبر حدود" هو انتم لابترحموا ولا عايزين رحمة ربنا تنزل علي عباده ومش عربيات الفول ولا نصبة الشاي هيا اللي هتحرق سيبوا الناس تاكل عيش " ومن أسفل كوبري أكتوبر رصدت عدسة آخر ساعة أصحاب نصبات الشاي واسطواناتهم يحتلون الأعمدة الأساسية بالكوبري ولهم صناديق خاصة معدنية ملتصقة فيها يوجد بداخلها اسطوانات الغاز وعدة الشاي والقهوه وعربات الفول بجوارها وكأنه محل تجاري له، ففي حالة وقوع حريق في هذه المنطقة يدمر الكوبري بأكمله بل المنطقة بجميع سكانها ومؤسساتها. ومن داخل فوق محطة مترو العتبة تجد الباعة الجائلين هم السكان الأصليين للمنطقة لديها اكتفاء ذاتي من مأكولات للمشروبات للملابس حتي الديكورات كله تحت الطلب، وعن ذلك يقول فتحي محمد أحد الباعة من داخل موقف أتوبيسات العتبة أنا صاحب نصبة شاي ورثتها أباً عن جد واختي تأخذ الناصية الأخري وهي مختصة بالحاجة الساقعة واخواتي الآخرين مختصون بالمأكولات والعصائر وكله تحت السيطرة وطبيعة منطقة العتبة تجارية الزبون يريد من يحقق له مطالبه وجميع الباعة السريحة هنا لديهم مسكن وعشش مجاورة لمترو العتبة وبعدين ده مصدر رزقنا والحكومة متقدرش تغير حاجة نظام متبع من سنين. ومن أسفل كوبري الأزهر أمام شارع المناصرة ومول وكالة تجد الشوارع والأزقة ممتلئة بالباعة الجائلين من مأكولات لملابس لأدوات كهربائية إلخ، الكوبري عبارة عن مأوي وبيع وخلافه هكذا يقول هاني مسعود صاحب عربة حلويات بدرب سعادة : منطقة الأزهر وكباريها تعتبر مأوي لكثير من الباعة السريحة " مش كل الناس في مصر لديهم شقق في ناس بتبات علي الرصيف أو تحت الكوبري أو في غرفة داخل اعمدة الكباري وبيعتمد علي اسطوانة الغاز عشان تدفيه من ليل الشتا ويقوم الصبح يلبي طلبات تجار المحلات . وما إن تسير إلي ميدان رمسيس الذي يمثل قلب العاصمة الا وتجد الباعة الجائلين محتلين جميع شوارعه ونواصيه عارضين بضائعهم من مصنوعات جلدية وملابس وحلوي وأحذية وشاي وقهوة وموبايلات وكروت شحن، ، والحكومة تنتظر وقوع كارثة حتي تتحرك، وإذا كانت اسطوانة غاز تسببت في انهيار كوبري السيدة عائشة ومن بعد ذلك كوبري بالمرج ومنذ عام ماس كهربائي في شارع الأزهر فإنه من المتوقع أن تقع كارثة ولكن هذه المرة ستكون أفظع بكثير ثم يخرج عليك المسئولون بتصاريح الشو الإعلامي وتبريرات ليس لها معني . ومن علي كوبري غمرة تجد الباعة منتشرة يعرضون كل ما تشتهي الأنفس بداية من الأطعمة والمخبوزات والمشروبات وصولا إلي الملابس والإكسسوارات في مشهد مكتظ بالبشر وتتعالي الأصوات وأسفل الكوبري تجد المنطقة تحولت إلي محلات لبيع الأخشاب والموبيليات المستعملة والأدوات المنزلية وعلي بعد خطوات تجد مقلب قمامة في منتصف الكوبري يتم حرق القمامة فيه وهو ما ينذر بوقوع كارثة حقيقية.