»ليونارد دى كابريو« فى مشهد من فيلم الذئب الأمريكى حصل فيلم " ذئب وول ستريت علي جائزة الجولدن جلوب لأفضل ممثل في فيلم موسيقي أو كوميدي، وجائزة اختيار النقاد للأفلام لأفضل ممثل ومرشح هذا العام لخمس من جوائز الأوسكار والتي تعلن نتيجتها في 6 مارس القادم وهي أفضل ممثل رئيسي لبطله ليوناردو دي كابريو وأفضل فيلم وفئة أفضل ممثل ثاني هو جوناه هيل وأفضل إخراج لسكورسيزي وأفضل نص لكاتبه تيرانس وينتر. ويتجلي الوجه الأمريكي الأكثر توحشا في فيلم " ذئب وول ستريت والذي يقدم دور البطولة فيه النجم ليوناردو دي كابريو ويستعرض سيرة ذاتية لمضارب بورصة أمريكي (جوردو بيلفورت) هو الأشهر في تاريخ الاحتيال في العالم ولكنه يقبع في السجون بسبب عملياته الإجرامية التي مكنته من جمع ثروة طائلة علي حساب الآخرين دون حق . وإذا كان أصحاب الميول الاشتراكية يطلقون علي الرأسمالية أوصافا تتعلق بالتوحش واستغلال الفقراء فان فيلم سكورسيزي المرشح للأوسكار يجسد ما هو أكثر توحشا من الرأسمالية إذ إن ضحاياه في النصب والاحتيال والاستغلال هم الرأسماليون أنفسهم. وقد استطاع المخرج الأمريكي ذو الأصل الإيطالي مارتن سكورسيزي أن يضع يده بقوة علي الحالة الخاصة برجل الأعمال المحتال الذي روي سيرته الذاتية بنفسه في كتاب والذي تميز بالمبالغة في كل شيء بدءا من النهم إلي المال والربح ومرورا بالنهم للمخدرات والنساء والعربدة بكل أشكالها فتميز الفيلم نفسه بالمبالغة في كل شيء حتي أن عددا من الدول حذفت ما يقرب من 45 دقيقة من الفيلم الذي يمتد وقت عرضه إلي ثلاث ساعات في نسخته الأصليه فقد استعرض سكورسيزي أجساد كل نساء الفيلم تقريبا ورجاله أيضا فضلا عن استخدام ألفاظ بذيئة يصعب حتي علي هوليوود قبولها. وسكورسيزي واحد من أبرز مخرجي هوليوود علي الإطلاق وقد حصل علي جائزة أفضل مخرج في الأوسكار ,ورشح لهذه الجائزة خمس مرات وتعاون مع الممثل روبرت دي نيرو بعدة أفلام منها (سائق التاكسي) الذي فاز به مارتن سكورسيزي بجائزة سعفة كان الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 1976 وفيلم (الثور الهائج) الذي حصل به الممثل روبرت دي نيرو علي جائزة الأوسكار لأفضل ممثل رئيسي، وفي عام 1988 قام سكورسيزي بإخراج فيلم (الإغراء الأخير للسيد المسيح) الذي واجه الرفض والانتقاد الحاد من الفاتيكان وصل إلي المطالبة بطرد الفيلم من مهرجان كان 1988 وأيضا تعاون مع الممثل ليوناردو دي كابريو في ثلاثة أعمال وهي (عصابات نيويورك) عام 2002 وفيلم الطيار عام 2004 الذي ترشح به دي كابريو لجائزة أفضل ممثل رئيسي في مهرجان الأوسكار، والفيلم الثالث (المغادرون) عام 2006 الذي حصل فيه علي جائزة الأوسكار لأفضل مخرج سينمائي وهي الأولي له بعد عدد من الترشيحات آخرها عن فيلمه الطيار، والذي خسر فيه الجائزة لصالح كلينت إيستوود. والمعروف أنه كلما اجتمع هذا الثنائي كان النجاح ثالثهما فقد أثبت قدرته علي تقديم مختلف أشكال البناء الدرامي في السينما، يخوض مغامرة بكل معني الكلمة مع فيلم ينتمي إلي أفلام السير الذاتية و"ذئب وول ستريت" من إنتاج ،2013 لكنه ينتمي أيضاً إلي الكوميديا السوداء وإلي أفلام "الكبار" لما يتضمنه من مشاهد فجة وألفاظ. "ذئب وول ستريت" هو رجل الأعمال جوردن بيلفورت الذي أطلقت عليه مجلة "فوربس" هذا اللقب فأغضبه في البداية، لكنه أسعده حين تسبب في شهرته وفي إقبال الشباب علي تقديم طلباتهم للعمل لديه. والمدهش في قصة صناعة الفيلم هي أن صاحب السيرة الذاتية هو من كشف بنفسه عن كل هذا الانحطاط في سيرته الذاتية كأنه في جلسة اعتراف علنية. يقول دي كابريو في أحد لقاءاته الصحفية إنه التقي جوردن شخصياً من أجل التعرف علي الشخصية، وأنه سمع منه حكايات أبشع وأفظع بكثير مما تضمنه الفيلم والكتاب أيضاً. بل إن ما أخبره به يستحيل أن ينقله دي كابريو إلي الشاشة، أو أن يصرّح به. . هذه الجلسات التي جمعت الكاتب بالنجم، انعكست علي إتقان دي كابريو للدور، ليبدو شاباً جميلاً أنيقاً، وذئباً حقيقياً في حبه لشركته ولجني الأرباح من عرق البسطاء. ويتحرر المخرج مارتن سكورسيزي من شخصيته المعروفة وبصمته المميزة في الإخراج السينمائي، ليقدم نمطاً مختلفاً في هذا الفيلم، حيث يعود بنا إلي الذكريات حيناً، ويحكي الواقع حيناً آخر . يمزج بين سرد الشخصية البطلة لأحداث حياتها كأنه يروي بالصوت للمشاهدين قصته، وبين حديثه للكاميرا مباشرة فيشعر المشاهد بأنه يري جوردن بيلفورت يصور نفسه بالفيديو أو أنه جعل أحدهم يصوره في بعض المشاهد، بينما يتحدث إلي المشاهد مباشرة في مشاهد أخري . قفزات زمنية وتنوع من مخرج شديد الاحتراف، وسرعة في الإيقاع تتناسب مع صخب حياة جوردن ورغم أن مدة عرض الفيلم الأصلية 3 ساعات، أي أنها طويلة بالنسبة للسينما المعاصرة التي تميل إلي الاختصار إلا أن الشعور بالزمن ينعدم مع سرعة الإيقاع . الفيلم ينتهي بسجن هذا الملياردير الشهير الذي تمكن من جمع 100 مليون دولار، بعدما خسر أمواله في "الاثنين الأسود" عام ،1987 والمتهم بتزوير وغسل الأموال، والحكم عليه بالسجن لفترة طويلة. بيلفورت جمع أمواله من خلال ما يعرف ب"بويلر روم"، أي المكاتب غير المرخصة يقوم فيها الوسطاء بالاتصال بالعملاء بهدف إقناعهم بالاستثمار في أسهم رخيصة الثمن، وسبل الإقناع تأتي بأشكال غير شرعية، عبر ما يشبه الضغط المتكرر علي العميل وإيهامه بأنه سيخسر الملايين إذا تردد ولم يوافق بسرعة، وبأنها فرصة العمر التي لا تأتي إلا نادراً، ولا تنتهي المكالمة إلا بأخذ الموافقة وسحب المبالغ الضخمة من العميل بعد بيعه "الوهم"