ثلاث سنوات مرت علي ثورة (25) ينايرالتي أطاحت بحكم الفساد والاستبداد، ومع ذكري الاحتفال بهذه الثورة شهد الشارع أعمال عنف وتفجيرات لسيارات مفخخة استهدفت مقارات للشرطة، إلا أن هذه التفجيرات لم تخف المصريين وخرجوا للاحتفال بذكري ثورتهم، كما تأتي ذكري ثورة يناير بعد أولي خطوات خارطة الطريق بمشاركة الشعب في الاستفتاء علي الدستور، ونحن في انتظار استكمال خارطة الطريق بالاستحقاقات الأخري بإجراء انتخابات رئاسية تليها انتخابات برلمانية.. جاءت أهمية هذا الحوار مع الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق لرصد المشهد السياسي الحالي بكافة تفاصيله بعد ماشهده الشارع من أعمال عنف وتفجيرات، حيث أكد في حواره معنا أن جماعة الإخوان اختارت العنف كاختيار نهائي بعد خسارتها في الاستفتاء وموافقة ملايين المصريين علي الدستور، أضاف أن جماعة الإخوان عليها أن تدرك أن الشرطة ليست وحدها في الميدان وأن الجيش والشعب يساندها في حربها ضد الإرهاب لافتا إلي أنه لايمكن للإرهاب أن يعيش وسط مناخ اجتماعي يعاديه وأن هذه الأعمال الإرهابية ستزيد إصرار الشارع ومواقفه علي الوقوف خلف الشرطة وتأييدها، أشار مكرم محمد أحمد إلي أن الشعب عازم ومصر علي استكمال ثورته وتحقيق أهدافها في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، طالبا من الفريق السيسي بأن يحسم أمره علي وجه السرعة ويعلن للشعب خوضه سباق الرئاسة حتي تظل الجبهة الداخلية قوية وصلبة في مواجهة الإرهاب ولفت إلي أن عودة رموز نظام مبارك للمشهد مرة أخري مستحيلة، وأن هذا النظام اندثر بقيام ثورة (25) يناير، وكشف نقيب الصحفيين الأسبق عن قضايا مثيرة وشائكة جاءت في هذا الحوار. كيف تري التفجيرات التي حدثت مؤخرا في الشارع المصري واستهدفت مقارات للشرطة ؟ - جماعة الإخوان اختارت العنف اختيارا نهائيا بعدما خسرت الرهان علي الاستفتاء فهي تحاول الآن أن تكسر إرادة الشرطة بنقل عملياتها الإرهابية إلي قلب القاهرة لكنها لم تدرك أن الشرطة ليست وحدها في الميدان فالجيش والشعب والشرطة في الميدان وكافة مؤسسات الدولة في الميدان ومن هنا لايمكن لجماعة الإخوان أن تروع أو تخيف الشعب لأنه لايمكن أن تنكسر إرادة الشعب ولا يمكن للإرهاب أن يعيش وسط مناخ اجتماعي يعاديه فكل هذه الأعمال الإرهابية تزيد الشارع إصرارا علي مواقفه إصرارا علي الوقوف خلف الشرطة وتأييدها في مواجهة الإرهاب ومن هنا مطلوب من كل مواطن أن يقول للإخوان إن الإرهاب لايفيد ولايخيف فكل خطوة تخطوها مصرعلي الطريق الصحيح تفيد خارطة الطريق وتؤدي إلي خسارة ضخمة للإخوان وتحاصرهم خاصة في ظل قلة قدرة الإخوان علي الحشد في الشارع وانحسار عملياتها إلي مستوي الإرهاب الحقير فكل أفعال الإخوان تتجه نحو المزيد من العنف يقابلها مزيد من غضب الناس في الشارع وكراهيتهم لهم وبالتالي فالجماعة خسرت المعركة وأدركت أن خروج الناس يوم الاستفتاء بهذه الكثافة أدي إلي نهايتها ومن هنا لم يعد بوسع أحد أن يتحدث عن مصالحة وطنية. لكن البعض يري أن هذه التفجيرات ترجع إلي ضعف الحكومة والأمن في تأمين الشارع واستقراره في مواجهة الإرهاب؟ - الحكومة يجب أن تعرف أننا في حاجة إلي محاكمات عاجلة للإرهاب وفي حاجة إلي حرس يساعد الشرطة ويساعد الأمن، نريد حكومة قوية تطبق القوانين التي تصدرها نريد من الفريق السيسي أن يحسم أمره من الترشح فهناك جبهة قوية متراصة ضد الإرهاب ينقصها قائد يقود هذه المعركة ضد الإرهاب لأنه إذا كان استهداف الشرطة اليوم فغدا سيكون استهداف الجيش وبعده استهداف كافة مؤسسات الدولة وتنفيذ عمليات اغتيال منظمة تستهدف رموزالنظام والشخصيات الإعلامية المؤثرة وأقول هناك عمليات تأمين لكن توجد بعض الثغرات فنحن قد حاربنا الإرهاب علي مدارسنوات طويلة في التسعينات لكن كانت توجد بعض الثغرات التي كان يستغلها الإرهاب وللعلم أن من الأهداف المستهدفة مديريات الأمن ونقاط الشرطة وكمائن التفتيش وعلينا أن ننشئ شبكة اتصالات لاتسمح للمجرم الذي يرتكب عملا إرهابيا بالهروب. كيف تري المشهد في مصر بعد مرور ثلاث سنوات علي ثورة (25) يناير؟ - انتهينا من الاستحقاق الأول بالاستفتاء علي الدستور، ونقترب من الاستحقاق الثاني وهو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وجماعة الإخوان تخسر بصفة مستمرة هذه الاستحقاقات، وفي تقديري أن الشعب مهتم بأن يكون الفريق السيسي مرشحا للرئاسة لعدة أسباب، السبب الأول أن السيسي صمت في اختبار مخيف في مواجهة ضغوط أمريكا ووعد بحماية حق هذا الشعب في التعبير، وطلب من الناس أن تنزل إلي الشوارع والميادين يوم (30) يونيو، وتمكن بالفعل من حماية الإرادة الشعبية في هذا اليوم، السبب الثاني هو أنه بالرغم من تهديدات الإخوان بأنهم سوف يحرقون مصر إذا تمت محاكمة مرسي، إلا أن مرسي دخل قفص الاتهام ولم يفعلوا شيئا، أيضا هددوا الأقباط في عيد الميلاد، وقد احتفل المسلمون والأقباط معا بعيد الميلاد دون وقوع شيء، وقد هددوا المصريين أيضا يوم الاستفتاء، إلا أنه قد شارك عشرون مليون مصري وقالوا نعم للدستور في مظهر أدهش العالم. فواجب السيسي ومسئوليته أن يحسم أمره علي وجه السرعة كي تظل الجبهة الداخلية قوية وصلبة، لأن الإخوان يحاولون زعزعة استقرار الجبهة الداخلية، كما يتعين جذب المزيد من صفوف الشباب إلي جبهة الحوار الوطني وتطبيق القانون بصرامة فنحن لسنا بحاجة إلي محاكمات عسكرية أو استثنائية ولكننا بحاجة إلي محاكمات عاجلة. بما أنك تحدثت عن الشباب هل شعرت بغياب نسبة كبيرة منهم عن المشاركة في الاستفتاء ؟ - بالفعل شعرت بالغضب من غياب بعض الشباب لكن هناك تقديرات تحدثت بوجود (17٪) من الشباب شاركوا في الاستفتاء وأن مشاركتهم كانت بنسب متفاوتة فشباب الأقاليم شاركوا بنسبة كبيرة في الاستفتاء عكس الشباب في القاهرة الذين شاركوا بنسب أقل، كما أننا لا ننكر أن جانبا من الشباب أخذ موقفا معارضا من الاستفتاء سواء كان هذا الموقف متضامنا مع زملائه من الطلبة الذين تم اعتقالهم أو تخوفهم من عودة حكم العسكر أو عودة نظام مبارك مرة أخري، ومن هنا فلابد من تصحيح هذه المفاهيم ولابد أن يعرف الشباب أن تولي الفريق السيسي لا يعني حكم المؤسسة العسكرية لأنه ليس من مصلحة الجيش التدخل في السياسة لأن هناك فصلا بين الجيش والسياسة علي غرار الفصل بين السياسة والدين لأن السياسة سوف تفكك وحدة الجيش خاصة أن لديه مهام كبيرة ومن هذه المهام الوضع المتفجر في غزة والوضع الفوضوي في ليبيا والتخوف من بناء سد النهضة في أثيوبيا، وفي اعتقادي أن الجيش سوف يتفرغ لهذه التحديات. ومن هنا أطالب بحوار مع جماعات الشباب فليس من مصلحتنا علي وجه الإطلاق أن يتمكن الإخوان من جذب هذه الجماعات الشبابية لصالحهم لأسباب يمكن معالجتها، ومن هنا أتمني علي الرئيس عدلي منصور أن يجلس مع رؤساء الاتحادات الطلابية بالجامعات خلال فترة الإجازة في إطار ديمقراطي لتصحيح العلاقة بين الطلاب وجامعاتهم لأنه ماحدث من عمليات فوضي وتخريب وحرق للمنشآت الجامعية والاعتداء علي بعض الأساتذة من بعض الطلاب كان لابد من لائحة صارمة تمنع تكرار هذه الفوضي مرة أخري ووضع ميثاق يجرم احتجاز الأساتذة وتخريب المنشآت ويضمن حرية الرأي والتعبير، وأقول إذا كان طلاب الإخوان وصلوا إلي هذا الحد فماذا ننتظر منهم في المستقبل ؟ لكن الشباب لديه تخوفات من عودة الوجوه القديمة للمشهد مرة أخري وأن ظهور البعض من هذه الوجوه مؤخرا سواء في مؤتمرات أو أثناء الاستفتاء علي الدستور أثار حفيظتهم وزاد من تخوفهم؟ - الإخوان المسلمون سوف يلعبون في المرحلة القادمة علي قضيتين أساسيتين الأولي التخويف من عودة نظام مبارك بدعاوي لا تستحق هذا التخويف مثل مشاركة أحمد فتحي سرور في بعض المؤتمرات وظهور زكريا عزمي أثناء مشاركتة في الاستفتاء بالإضافة إلي مطالبة مبارك بلجنة للإدلاء بصوته في الاستفتاء وقد أثارت هذه المظاهر حفيظة الشباب أعطت هذه الانطباعات، لكن أقول للشباب إن عودة رموز نظام مبارك للمشهد مستحيلة وظهور البعض منهم يعد حالة فردية وليست ممنهجة، فقد اندثر هذا النظام نهائيا بقيام ثورة (25 ) يناير، كما أن هناك دستورا جديدا يحول دون أن يكون الرئيس الجديد ديكتاتورا أو طاغية، القضية الثانية محاولة الوقيعة بين ثورة يونيو وثورة يناير من خلال تحالف يضم الإخوان وحركة 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين، وهذه التنظيمات معادية للدولة من الأساس، وأري أن هذة القوي تنظيمات فوضوية ويجب أن نحمي شباب مصر من تأثير هذه التنظيمات التي تروج لمقولات مثل عودة حكم العسكر. كيف سيكون شكل المسار الديمقراطي والسياسي بعد الانتهاء من الاستفتاء علي الدستور؟ - سوف تجري الانتخابات الرئاسية أولا، فالرئيس عدلي منصور أثناء احتفالات الشرطة مؤخرا قدم الانتخابات الرئاسية علي البرلمانية أثناء خطابه مما يؤكد أن الانتخابات الرئاسية سوف تجري أولا. من وجهة نظرك هل تعتقد أن الدكتور حازم الببلاوي وحكومته قادر علي تطبيق الدستور الجديد ؟ - الدكتورحازم الببلاوي لايصلح أن يكون رجل المرحلة المقبلة، فإذا كانت وزارته تضم عددا من الأكفاء والشخصيات المحترمة لكنها في النهاية أثبتت فشلها وتقصيرها في مواجهة المشكلات مثل العنف الذي اندلع في الجامعات كما أنها لم تستطع الوصول إلي صيغة توافقية للجمع بين الحريات العامة وعدم الاعتداء علي الحقوق الشخصية كما أن الدستور الجديد يلزم الحكومة باستحقاقات لايستطيع الببلاوي الوفاء بها ومن هنا نحتاج إلي حكومة تستطيع ترجمة نصوص الدستور إلي عمل حقيقي وإلا سيكون هذا الدستور عبئا علي استقرار البلاد لأن الناس ستشعر أن لها حقوقا في الدستور والحكومة عاجزة عن إعطائها لهم. ما الملفات الأولي بالرعاية والاهتمام التي علي الرئيس القادم أن يبدأ بها مهامه كرئيس للبلاد ؟ من الملفات أولا تقوية الجبهة الداخلية، واستعادة الاستثمار وتحسين متواصل ودائم في خدمات الصحة والتعليم وإقامة العدالة الحقيقية بالإضافة إلي الإحساس بنبض الشارع ومطالبه. وماذا عن الصعوبات التي تواجه الرئيس القادم؟ - الصعوبات تتمثل في بقايا الجماعات الإرهابية والعلاقة مع الولاياتالمتحدة ومشكلة سد النهضة في ظل عناد وإصرار أثيوبي علي المساس بحصة مصر المائية إضافة إلي قضايا أخري كالتعليم، ويجب إعادة الانضباط إلي المدارس، فمستقبل مصر مرهون بجودة التعليم وقضية حرية التعبير والرأي كما جاءت في الدستور، فرئيس مصرالقادم يجب عليه أن يحافظ علي حياد الجيش وعدم إقحامه في السياسة لأن دخول الجيش السياسة كطرف في اللعبة السياسية سيؤدي به إلي تقسيمه. هل تعتقد أن النخبة السياسية والمثقفة ستوافق علي رئيس قادم من المؤسسة العسكرية ؟ - إذا ترشح الفريق السيسي سيخلع رداءه العسكري وسيستقيل من منصبه كوزير دفاع، وسيحافظ علي الجيش بعيدا عن السياسة وأظن أن الجيش استفاد من دروس كبيرة منذا فترات طويلة بداية من (52) وحتي حكم نظام مبارك والمرحلة الانتقالية علي وجه الخصوص، وأقول إن وجود الجيش في الحياة السياسية يضر به لأن الجيش المصري محترف ومهني ويحترم الشرعية القانونية. هل تعتقد بوجود مرشح آخر سيخوض معركة الانتخابات الرئاسية ضد الفريق السيسي؟ - حمدين صباحي أعلن أنه سيخوض الانتخابات الرئاسية وأتمني أن يصر علي موقفه وأن يرشح نفسه لأننا نريد انتخابات حقيقية ونريد أن ندير أمورنا علي أساس أن الديمقراطية هي الخيار الحقيقي لانة كلما وجدت المنافسة استدعي ذلك تهافت المواطنين علي صناديق الاقتراع بكثافة أكبر ولأن الممارسة هي القول الفصل وأظن أن الشعب المصري يستحق ديمقراطية حقيقية ومن هنا أعتقد أن الفريق السيسي نفسه يسعد بوجود مثل هذه المنافسات لأنه من الصعب علي أي رئيس جديد أن يحظي بانتصار دون إجراء انتخابات فلابد أن يكون هناك منافسة بين المرشحين علي رئاسة الجمهورية وهذا أدعي للاحترام، فمصر تحتاج إلي رئيس قوي يؤسس لدولة قوية نريد للسيسي أن يكسب معركته الانتخابية في جو من المنافسة الديمقراطية وبالتالي ليس هناك من يبرر للصحافة والإعلام الوطني أن ينتقد حمدين صباحي أو غيره لأننا نريد للسيسي فوزا ديمقراطيا وسوف يفوز فوزا ساحقا لأنه يحظي بتوافق وطني واسع.