يبدو أن تسريب التسجيلات وإذاعتها علي الفضائيات أصبح أهم أدوات الصراع الدائر في مصر فبعد قيام قناة الجزيرة بإذاعة عدد من التسجيلات لوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي قام مؤخرا الكاتب الصحفي والباحث السياسي عبد الرحيم علي بإذاعة تسجيلات لنشطاء ثورة يناير الذين قادوا عملية اقتحام مقرات أمن الدولة، ما فتح أبواب الجدل بشأن هذه التسجيلات وردود الفعل بعدها. وأذاع برنامج "الصندوق الأسود" علي فضائية "القاهرة والناس" تسريبات لمكالمات مسجلة لنشطاء سياسيين، في الفترة التي أعقبت "ثورة 25 يناير"، 2011 من بينها مكالمة بين "أحمد ماهر" مؤسس حركة "6 أبريل"، و"محمد عادل" عضو الحركة، ومكالمة أخري جمعت بين مصطفي النجار رئيس حزب العدل السابق عضو مجلس الشعب السابق مع الإعلامي عبد الرحمن يوسف القرضاوي. وتتضمن المكالمات تفاصيل تتعلق بتنظيم العمل داخل حركة 6 أبريل وكيفية توفير المقار وهو ما سلط "عبد الرحيم الضوء عليه من خلال برنامجه باعتبارها دليلا علي التمويل الخارجي للحركة، ومكالمات أخري يعترف فيها مصطفي النجار بسرقته لملفات تخصهم لدي جهاز أمن الدولة وحرقها لاحتوائها علي معلومات في غاية الحساسية وكذلك سرقة هاردات كمبيوتر. وعرض عبد الرحيم علي، مكالمة هاتفية مُسجّلة لمؤسس حركة 6 إبريل المهندس أحمد ماهر، مع أحد رجال الأعمال المصريين المقيمين في لندن يدعي عمرو حمزة النشرتي صاحب سلسلة محلات "سنسبري"، وعضو الحزب الوطني المنحل، يعرض عليه التمويل لتأسيس حزب سياسي، ويرد عليه ماهر بأنه سيدرس ما يحتاجه ويرسله له علي الإيميل. النشطاء السياسيون لم يصمتوا أمام إذاعة تلك التسجلات التي هزت صورتهم أمام الرأي العام وتحديدا قبل الذكري الثالثة لثورة يناير حيث طالب عدد من النشطاء والسياسيين المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية المؤقت، بالتدخل لمنع تسريب أو بث مكالمات هاتفية لبعض المواطنين علي شاشات القنوات الخاصة، قد سربت من جهاز أمني، معتبرين أن بث التسجيلات انتهاك لحقوق الإنسان وسيادة القانون. وقالوا في بيان لهم: "تشهد البلاد جريمة قانونية ضد حقوق المواطن المصري التي تناصرونها تحت حكمكم لمصر في هذه اللحظة الفارقة من عمر الوطن التي يتم فيها إرساء الدستور المصري الجديد الذي يعلي من شأن الحقوق والحريات". وأضاف البيان: " وتتمثل هذه الجريمة في بث تسجيلات لمكالمات شخصية لبعض المواطنين علي شاشات القنوات الخاصة من المفترض أنها قد سربت لهم من جهاز أمني وفقا لتصريحات زملاء لهم علي قنوات أخري". ومن بين الشخصيات التي قدمت هذا الخطاب، النشطاء السياسيون شادي الغزالي حرب، وإسراء عبد الفتاح، والإعلامي إبراهيم عيسي، والإعلامي يوسف الحسيني، وجمال الشناوي مدير تحرير قناة أون تي في الفضائية الخاصة، وجورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، وعماد أبوغازي وزير الثقافة الأسبق، وجمال فهمي وكيل نقابة الصحفيين، وخالد تليمه نائب وزير الشباب فيما تقدمت خمس منظمات حقوقية وهي: الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مركز هشام مبارك للقانون، ومركز الحقانية للمحاماة والقانون- ببلاغ للنائب العام المستشار هشام بركات، طالبوا فيه بفتح تحقيق عاجل حول إذاعة ونشر تسجيلات لمكالمات هاتفية خاصة بين نشطاء سياسيين للكشف عن المتورطين في تلك التسريبات. وأشارت المنظمات الحقوقية إلي أن عبدالرحيم علي أعلن أن لديه المزيد من المكالمات الخاصة سيذيعها علي القناة نفسها، »وهو ما يلقي بمسؤولية كبيرة علي عاتق النيابة العامة لتأكيد مصداقيتها وانحيازها للقانون بغض النظر عن المرجعية والخلفية السياسية لأطراف الخصومة". من جهته، استنكر المجلس القومي لحقوق الانسان إذاعة تسجيلات صوتية لبعض المواطنين بهدف الإساءة إليهم، والتشكيك في وطنيتهم، معتبرا بث المكالمات انتهاكاً صارخاً لحرمة الحياة الخاصة، وعدم جواز التنصت علي الاتصالات الهاتفية للمواطنين إلا بإذن قضائي. كما طالب المجلس القومي بالتحقيق مع كل الأطراف المسؤولة عن إذاعة هذه التسجيلات، بما فيها القنوات التليفزيونية لمخالفتها القوانين وميثاق الشرف الصحفي. فيما شنَّ نشطاء علي مواقع التواصل الاجتماعي هجومًا علي إذاعة تسجيلات النشطاء علي قنوات التليفزيون، مشيرين إلي أنه نوع من الانتقام علي كل من شارك في ثورة يناير ومحاولة تشويهه. قال الناشط جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: "لو التسجيلات دون إذن نيابة: من سجل، وشركة الاتصالات ومن أذاع.. عقابهم في دولة القانون السجن، ولو التسجيلات بإذن نيابة، فالنائب العام يستقيل ويروح". فيما دافع محمد موكة عن الاتهامات التي توجه إلي الحكومة بأنها من يقف وراء هذه التسريبات فقال: مفيش أي دليل إن الحكومة هي اللي سربت تسجيلات النشطاء ولو فرضنا إنه حصل هما أساسا ملوثين وعوزين يشيلوها لغيرهم.. عن أي قانون يتحدث الخونة". محمود بدر مؤسس حركة "تمرد": "بتوع "حكوك" الإنسان وحرمة الحياة الخاصة بيسربوا محادثات شخصية بيقولوا إنها لعزيز وفيها كلام خاص عشان يشوهوا خصومهم... طب زعلان ليه من التسريبات اللي بتقول إنك قابض". وأكمل بدر: "طب بذمتك إيه يهم الناس إن في واحد يعرف واحدة وبيكلمها في محادثة خاصة.... بس الناس مهتمة أكتر تعرف إنك بتقبض". عبد الرحمن يوسف، أحد الذين تم تسجيل مكالماتهم اتهم من وراء نشر التسجيلات أنهم "استخدموا الفبركة وإعادة المونتاج بالحذف والإضافة لمحاولة تلفيق اتهامات فارغة لثوار يناير الشرفاء". وقال في بيان صحفي إنه "بصدد اتخاذ كل الإجراءات القانونية لمقاضاة سائر المتورطين والمؤسسات بعد أن تورطوا في تشويه ثورة يناير ، وشخصي الضعيف" علي حد قوله -. ووصف البرلماني السابق مصطفي النجار ما يتعرض له وزملاؤه ب"جريمة اغتيال معنوي كاملة الأركان تعتمد علي التجسس وفبركة محادثات الناس وتزويرها في دولة يرأسها قاض كان علي رأس أكبر محكمة في مصر لم يحركه حتي الآن كل ما يحدث للقانون من انتهاك وتشويه الشرفاء ومحاربة الثوار بهذه الاساليب القذرة"، علي حد قوله. وسرد النجار عدة تفاصيل لتهديدات تلقاها من جانب شخصيات قال إنها علي صلة بالأمن الوطني ، طالبوه بعدم الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وهو ما رفضه النجار بحسب حديثه، مما أدي إلي "شن حملة إعلامية عليه من خلال تسريب تلك المكالمات". وأوضح النجار في بيان له علي موقعه الرسمي أنه سيتقدم للقضاء وسيسلك الطرق القانونية لأخذ حقه ضد كل من تورط في مسلسل السب والقذف والتخوين والفبركة والكذب. ومن جهته أكد الإعلامي عبدالرحيم علي رئيس تحرير البوابة في تغريدة له علي الفيس بوك "التسجيلات بأمر من النيابة العامة ولن أوقف التسجيلات إلا بالحبس أو الموت ". ومن جانبه طالب الدكتور عفت السادات، رئيس حزب "السادات الديمقراطي"، بمحاكمة كل من ثبت تورطه في تلقي تمويل ونشر الفوضي والعمل علي تفتيت مؤسسات الدولة وفقا لما أسماه "الأجندات الخارجية". وأكد السادات إن التسريبات الأخيرة لمكالمات مصطفي النجار وعبد الرحمن يوسف وأسماء محفوظ ومحمد عادل وأحمد ماهر وغيرهم تثبت تورطهم في كل أعمال الفوضي التي تعيشها مصر منذ 3 سنوات، مشيرا إلي أن هذه التسجيلات تفسر بشكل كبير زوايا أخري لثورة 25 يناير وتثير التساؤل حول كونها مؤامرة من الخارج لهدم استقرار مصر. وأشار السادات إلي أنه بالنظر لأواخر عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك كان النمو الاقتصادي في أوج ازدهاره وهو ما يفسر بشكل كبير أن الإخوان وعدد من "نشطاء السبوبة" نفذوا في 25 يناير 2011 مخططا خارجيا لهدم الدولة من أجل مصالحهم الشخصية. واعتبر رئيس حزب "السادات الديمقراطي" أن المكالمات المتبادلة بين قياديي 6 أبريل لابد أن تدينهم بتهمة التجسس والخيانة العظمي، مطالبا بالكشف عن باقي المكالمات أمام الرأي العام وسرعة قيام النيابة العامة بالتحقيق في هذه القضية الخطيرة. ومن جانبها قالت داليا زيادة الناشطة الحقوقية مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، أن مافعله عبد الرحيم علي يحدث في جميع دول العالم ابتداء من وثائق ويكيليكس وماتم أيضا مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي موضحه أن ذلك يأتي ضمن الصراع السياسي الحاصل حاليا. وأبدت زيادة تأييدها لإذاعة تلك التسجيلات بشرط أن تكون بعيده عن الحياة الشخصية أما فيما يتعلق بالمواقف السياسية والمتعلقة بما يحدث حاليا فلابد أن يعرف الشعب حقيقة كل شخص حتي لا ننخدع مرة أخري. وأوضحت أن تلك التسجيلات أيضا لا تمثل أي خطورة علي الأمن القومي ومع ذلك قامت الدنيا بسبب نشرها في حين لم يتحدث أحد حينما قامت قناة الجزيزة بإذاعة تسريبات الفريق أول عبد الفتاح السيسي مع أنها تمس الأمن القومي. وقالت إنها تفضل أن يتم التحقيق في تلك التسجيلات ليتم معاقبة من خان الوطن وحتي يتم توثيقها والتأكد منها كما أن تلك التسجيلات يوجد بها جرائم جنائية وهي سرقة مقرات حكومية تابعة للدولة .. وأضافت أن إذاعة تلك التسجيلات أكدت للشعب المصري حقيقة هؤلاء النشطاء الذين انكشفوا علي حقيقتهم بعد ثورة ال30 من يونيو فمن وقف مع الدوله أثبت أن ولاءه لهذا الوطن ومن وقف مع الإخوان أثبت أنه كان يعمل لصالحهم.