من خلال متابعتي للبرامج التليفزيونية المتنوعة ما بين الفنية.. الثقافية.. الاجتماعية.. الدينية.. الرياضية وغيرها في مختلف القنوات الفضائية وغيرها، بات واضحا أن تلك البرامج تعتمد في المقام الأول علي الإعداد التليفزيوني الذي يعتبر مهنة حيوية وأساسية في بستان العمل الإعلامي بشكل عام.. وفي هذا المضمار اختلفت الآراء.. فهناك من يقول: هل يحتاج الإعداد إلي تخصص ودراسة ودراية أم أنه لا يحتاج إلي ممارسة وخبرة، وأن المعد عندما يكون صحفيا يكون أكثر فاعلية لأنه أكثر حركة وتواصلا مع الشارع وعجلة الحياة والناس بشكل يومي.. إلا أني بحكم خبرة المشاهدة لمختلف تلك البرامج ومقياس درجة نجاحاتها أري أن الإعداد يحتاج إلي تخصص وإلي معدين دارسين لمادة الإعداد أكاديميا.. فالتخصص مطلوب من أجل إجادة العمل، فالدراسة تصقل التجربة وتمنحها العمق المطلوب، وفي فترات سابقة كان التليفزيون يقوم علي جهود المعدين المتخصصين.. وهذا الأمر تراجع مؤقتا لدخول كثير من الصحفيين قليلي الخبرة المجال الإعلامي.. وأعتقد أن ذلك أضعف قدرات الإعلام المرئي وأحبط كثيرا من الإعلاميين أصحاب المهنة الحقيقية، وكثير من البرامج صار عبارة عن »مكلمة».. من دون فكرة محددة يتحدث فيها الإعلامي الذي لا يفرِّق بين التحقيق التليفزيوني والتحقيق الصحفي، ولذا لا يخرج المشاهد بأي نفع، وهذا بدوره يؤكد علي أن المعد المتخصص الأكاديمي الدارس أكثر فهما، لأن هذه هي مهنته الأساسية ويكون أكثر قدرة علي إنجاز الفكرة، أما المعد الصحفي فتراه مشغولا بقضايا كثيرة.. فالتفرغ ليس موجودا.. وهناك استثناءات في المسألة لبعض المعدين الناجحين من الصحفيين الذين أبدعوا في هذا المجال.. لكن البرامج التي يعدها متخصصون يكون لها صدي متميز.. ولها جمهور متابع لها هذا إلي جانب وجود أنواع من البرامج المفتوحة »والتوك شو» تحتاج إلي خبرات، وإلي دراسة في الأساس لطبيعة الأماكن والأشخاص.. وبالرغم من أن الغالبية تري أن الأقسام الخاصة بالإعداد في الجامعات لا تطور من نفسها والمسئولون عن القنوات الفضائية يفضلون المعد الصحفي لكثرة مصادره وتعدد معلوماته.. هذا فضلا عن وجود تراجع حقيقي في التعليم الجامعي.. حيث يختلف ما يدرسه الطالب جذريا عما يراه في الحياة العملية وما يجري خارج أسوار الجامعات، إلا أني أؤكد أن الأقسام الخاصة بالإعداد في الجامعات منفتحة علي التجارب العالمية، والدارسون يتابعون البرامج في أهم المحطات العالمية، وبعضهم يحصل علي منح دراسية لبعض الجامعات في العالم.. وهذا يكسبهم ثقة في عملهم.. لكن يبقي أن هؤلاء الشباب في الجامعات يحتاجون إلي فرص لكي ينطلقوا إلي تحقيق النجاحات في المستقبل.