فرق كبير بين ان يخفي المتصدق صدقته عن اعين الناس اوحتي يعلنها، وبين ان يدعو من يتصدق عليهم بالمال او البطاطين او الملابس اوكرتونة رمضان وما شابه، لتوثيق المشهد بالصور الفوتوغرافية او الفيديوعبر اعلام الفضائيات، منقولة "مآثره" الي مواقع التواصل الاجتماعي، ليعلم القاصي والداني بمعروفه، وينتشي صاحبنا سعيدا، وتنتفخ اوداجه بإطراء الناس علي فعله، فيما لا يعير لافتضاح حوج فقراء ومساكين ومحتاجين مرضي وعجزة، امام ذويهم وجيرانهم اهتماما، وخاصة حين يطلب- بضم الياء- منهم الدعاء للمتصدقين، أو للمؤسسات التي تمثلهم بالاسم. صحيح ان في سورة البقرة:" انْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ....الآية"، لكن ده شئ، بينما الصور والفيديوهات الاعلامية والاعلانية، واستغلال ضائقة المحتاجين، رجالا كانوا اونساء أواطفالا، شئ آخر تماما تماما، إذ أن توثيق مشهد تلقي الصدقات والتبرعات علي هذا النحو المهين للكرامة، وما يصل احيانا الي ابتزاز علات المرضي منهم، بقبول المشاركة في اعلانات مجانية تحث علي التبرع لاتمام بناء مستشفيات او تجهيزها ، هو في تقديري،امر غير اخلاقي او انساني بالمرة. هذه الآفة بالمناسبة، ليست مصرية فقط بل عربية ايضا، وقد قرات مؤخرا للكاتب الفلسطيني الدكتورمصطفي اللداوي ان الكثير من العائلات الفلسطينية في قطاع غزة خلال شهر رمضان المبارك، تتعفف عن استلام الطرود الغذائية والمساعدات العينية، فتعتذر للجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية عن عدم قدرتها علي استلام مساعداتهم المختلفة رغم حاجتهم الماسة والضائقة الاقتصادية الخانقة في ظل الحصار، لا لشئ سوي ان علي من يذهب الي مندوبي هذه الجمعيات ان يقبل بالتقاط الصور الفوتوغرافية والفيديو لهم تحت اسم وشعار الجمعية، حال استلامهم الطرود، أو أثناء حملهم لها وخروجهم من الجمعية، وقد يسجل بعضهم شكراً للجمعية والعاملين فيها وإشادةً بهم وبجهودهم، أو دعاءً للمحسنين المتبرعين بأموالهم، علي حد تعبيرالكاتب. الشكر مستحق بالطبع لكل متصدق أومتبرع ، لكن لابد والحال كذلك، من البحث عن آلية أخلاقية لتوزيع المساعدات الانسانية، تحفظ ماء وجه المحتاجين، وبعيدة عن لغة التوثيق بالصور الفوتوغرافية او الفيديو الاعلامي- الاعلاني للأشخاص أو الجهات الخيرية، حتي لا تفسد الصور صدقاتهم. [email protected]