غيًّر الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاييس حساب زمن تقدم الأمم والأوطان، فبعد أن كانت تحسب بالسنوات، أصبحت في عهده تحسب بالأيام! فمصر أصبحت تتغير كل يوم، وتتقدم إلي الأمام، وتنمو نمواً متسارعاً، وأصبحت التجربة المصرية يشار لها بالبنان من كل دول وزعماء العالم.. الجميع ينظر إليها نظرة إعجاب، وتفحص، وانبهار، فكيف لبلد ال100 مليون نسمة، وصاحب ثورتين قامتا في أقل من 5 سنوات أن ينهض من عثرته بهذه السرعة ويتغلب علي المؤامرات التي دبُرت له من الداخل والخارج.. وكيف له أن ينجح في تحقيق هذا النمو الملحوظ في كافة المجالات. وقد تحولت حالة الدهشة والدراسة للتجربة المصرية التي يقودها الرئيس إلي حالة من الرغبة في الشراكة معها باعتبارها دولة مستقرة تنمو وتزدهر وتقوي، دولة ذات سيادة، وذات رؤية متزنة وثاقبة وواضحة، لا يمارس رئيسها ألاعيب سياسية، ولا تسمح لأحد أن يمارس معها هذه الألاعيب.. رئيس يدعو إلي السلام والسلم من منطلق القوة ويدعو إلي الإنسانية والمحبة من منطلق الإيمان، ويدعو إلي رفاهية الشعوب من منطلق شعبية جارفة.. رئيس يقوي بشعبه ولا يستقوي علي شعبه.
هذه المنطلقات بدت جلية في كل القمم التي شارك فيها الرئيس، من أقصي غرب الكرة الأرضية في أمريكا حتي أقصي شرقها في الصين، حيث تقف مصر علي قدم المساواة في مصاف الدول العظمي. في قمة واشنطن التي جرت منتصف أبريل كان الرئيس الأمريكي ترامب حريصا علي الاستماع لرؤية الرئيس السيسي حول مختلف القضايا وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط، سواء المتعلقة بسوريا وليبيا واليمن والسودان، رغم موقف مصر المغاير، الذي يمكن وصفه بأنه ضد سياسة أمريكا في ضم الجولان لإسرائيل وتهويد القدس، إلا أن الرئيس الأمريكي كان يصغي له باهتمام بالغ. وكذلك كانت قمة بكين بين الرئيس السيسي والرئيس الصيني شي جين بنج، والتي تعد القمة السابعة التي تجمع الزعيمين منذ تولي الرئيس المسئولية، بينها 6 قمم في الصين.. حيث اتسمت هذه القمة بالاتفاق علي ترقية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، ففي الوقت الذي تري فيه مصر أن تجربة الصين تجربة ملهمة جعلتها تحتل المرتبة الثانية في اقتصادات العالم بعد أن كانت تعاني من مشاكل كثيرة.. فإنه علي الجانب الآخر تري الصين أن مصر أصبح لها دور أكبر وأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط وإفريقيا وبخاصة بعد أن أصبحت رئيسا للاتحاد الإفريقي.. وثمّن الرئيس الصيني وأبدي إعجابه بتجربة مصر في تحقيق الأمن والاستقرار وهزيمة الإرهاب، والطفرة التي حدثت في البنية الأساسية علي أرض مصر، وتطوير التعليم المصري لاسيما الاهتمام بالتعليم الفني والتدريب المهني. وقد كان تأهيل مصر لمنطقة قناة السويس وتطويرها، وحفر قناة السويس الجديدة أكبر الأثر في اهتمام الجانب الصيني بشراكة مصر في إحياء »طريق الحرير» وما يطلق عليه الآن »الحزام والطريق»، هذا الطريق الذي كان يربط الشرق بالغرب تجارياً في القرن الأول قبل الميلاد، والذي خصصت له الصين مئات المليارات من الدولارات وسيكون لمصر بالطبع نصيب كبير من تلك الاستثمارات علي أرضها. لم يقتصر اهتمام الصين بشراكة ورؤية مصر علي لقاء القمة فقط بل حرص وانج يانج رئيس المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري الصيني عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني علي لقاء الرئيس، فهذا الرجل يرأس المؤسسة المسئولة عن الرقابة علي تنفيذ القوانين واللوائح في الصين، ومتابعة السياسات والقضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية الوطنية والتشاور بشأنها وذلك لتفعيل الشراكة مع مصر، وتذليل كافة العقبات التي تقف في طريق تطوير وتنمية هذه الشراكة.. وهذا اللقاء يعكس اهتمام الصين بمصر وحرصها علي هذه الشراكة التي هي في واقع الأمر لمصلحة الشعبين. وقد أعرب المسئول الصيني خلال اللقاء عن احترامه وتقديره، لنهج الرئيس وسياسته الحكيمة الداعية إلي التفاعل الإيجابي والإنساني بين الشعوب، المجرد من المصلحة والقائم علي عدم التدخل في الشئون الداخلية للشعوب التي من حقها أن تقرر مصيرها بما يتفق مع مصالحها. ووعد المسئول الصيني أن مصر ستكون محطة رئيسية في »الحزام والطريق» لما تملكه من مقومات سواء من حيث الموقع الجغرافي، أو ما تملكه من بنية أساسية تؤهلها لأن تكون محطة رئيسية في هذا الطريق التجاري الضخم سواء للقارة الإفريقية أو لدول أوروبا.
الرئيس السيسي في كلمته أمام القمة »الحزام والطريق»، التي حضرها أكثر من 37 زعيماً ورئيساً للوزراء والتي تعقد للمرة الثانية في بكين، استعرض النمو الاقتصادي المصري، وتأهل مصر لتكون مركزاً إقليمياً للطاقة، وكذلك تأهل منطقة قناة السويس لتصبح محطة لوجيستية علي أعلي مستوي عالمياً تستوعب حركة الشحن المتوقعة بين أسواق آسيا والشرق الأوسط وأوروبا.
وشهدت العاصمة بكين أيضا قمة مصرية روسية، حيث كان هناك اهتمام ورغبة مشتركة للزعيمين السيسي وبوتين لعقد قمة علي هامش منتدي »الحزام والطريق»، وكانت قمة موسعة ضمت أعضاء الوفدين المصري والروسي، بدأها الرئيس بوتين بتهنئة الرئيس السيسي علي نجاح عملية الاستفتاء التي حدثت مؤخرا والمشاركة العريضة لجميع طوائف الشعب المصري، وكان من وجهة نظر بوتين أن نتيجة الاستفتاء علي تعديل الدستور هي في حقيقة الأمر تمهد لاستمرار عملية التنمية في مصر، واستمرار مناخ الأمن والاستقرار الذي تنعم به مصر تحت قيادة الرئيس السيسي. استمع بوتين للرئيس السيسي فيما يتعلق بقضايا المنطقة، والتي أكد خلالها الرئيس علي مبادئ مصر العامة المتمثلة في دعم الجيوش المركزية الوطنية للدول، وضد التنظيمات والميليشيات المسلحة التي تتحكم حاليا في ليبيا، كما استعرض الرئيس الوضع في السودان في ضوء الاجتماع الذي عُقد مؤخراً في مصر بشأن السودان الشقيق، وحول القضية الفلسطينية فموقف مصر ثابت فيما يتعلق بحل الدولتين وأن تكون القدسالشرقية عاصمة لفلسطين، وأن مصر لا تقبل بأي حل لا يقبله الفلسطينيون. الزعيمان بحثا ضرورة استمرار تبادل المعلومات في مجال مكافحة الإرهاب، والعمل علي دعم الحل السياسي في سوريا، وتطرقا إلي القمة الروسية الإفريقية التي ستعقد في روسيا أكتوبر القادم. حضر المباحثات من الجانب المصري سامح شكري وزير الخارجية واللواء مصطفي الشريف رئيس ديوان رئيس الجمهورية واللواء عباس كامل مدير المخابرات واللواء محسن عبدالنبي مدير مكتب رئيس الجمهورية والسفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية.
وكان الرئيس الصيني حريصا علي دعوة الرئيس السيسي للمشاركة في المائدة المستديرة التي عُقدت خلال أعمال قمة منتدي الساحل والصحراء، حيث يشارك في هذه المائدة عدد محدود من الزعماء ورؤساء الحكومات، وقد عُقدت هذه المائدة في جزيرة تبعد عن بكين ب 75 كم. استعرض خلالها الرئيس السيسي التجربة المصرية الوطنية، وعلاقاتها بمحيطها الإقليمي والدولي، حيث تم التخطيط للمشروعات التنفيذية في مصر علي توافر ترابط بينها علي اختلاف مواقعها وتوزيعها الجغرافي علي مستوي القطر المصري، وفق رؤية تنموية شاملة، تهدف لتعظيم حدودها من خلال ربطها بفرص الاستثمار الخارجية.
وكانت آخر محطات القمم الثنائية للرئيس السيسي في بكين مع رئيس وزراء إيطاليا وذلك بمقر إقامة الرئيس.
مصر أصبحت محط أنظار العالم ومحور اهتمامه، ويحرص جميع قادة الدول العظمي والكبري، علي لقاء الرئيس والاستماع إلي وجهات نظره في كافة القضايا السياسية، والتعرف علي رؤيته الناجحة في خطة تنمية بلاده. ألم أقل من قبل إن مصر أصبحت قوية، وتخطو بخطي ثابتة نحو مصاف الدول العظمي. لنا الحق أن نفخر بمصريتنا، وتجربتنا، فهي قصة نجاح بلد يقوده رئيس يدعمه شعب.