جندي مصري كاتب علي الفيس: »الصقيع ف العريش الآن 9 درجات وفي الساعات الأولي من الصباح تصل ل 6 درجات، وأمطار متواصلة والكماين يقظة في الشوارع، جيش وشرطة بتنادي علي بعض طول الليل بصوت جهوري وبيردوا ع بعض »اصحي صحصح» عشان يونسو بعض. اللهم انزل دفئك ورحمتك علي جنودنا علي الحدود في كل مكان علي أرض الوطن.. آمين يا رب العالمين». (بتصرف منقول عن صفحات فيسبوكية) بوست منشور لم أتبين صدقه، حرك الوجع الساكن بين الضلوع، ويتمتم الحزين بنبرة اشتياق »واه يا عبد الودود / يا رابض ع الحدود / ومحافظ ع النظام /كيفك يا واد صحيح / عسي الله تكون مليح / وراجب للأمام». ونحن عنهم غافلون، وهم قائمون علي الحدود، عيون ساهرة، عين باتت تحرس في سبيل الله، لا نتذكر تضحياتهم إلا في المناسبات الحزينة، يوم الشهادة يوم عرس، يوم عيد، أحياء عند ربهم يرزقون، لو تعلمون حجم التضحيات الجسام من السمر الشداد لقبّلتم الأرض من تحت أقدامهم، ولكن نجيب منين ناس لمعناة الكلام يتلوه. بطول الحدود وعرض البلاد هناك جند مجندة من خيرة الأجناد، ينتظرون منكم الدعاء في ركوعكم وسجودكم وقيامكم في غسق الليل، ادعوا لهم عشاء وفجراًبالنصر أو الشهادة، ادعوا لهم في بالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ، يا رب العالمين إنا استودعناهم أمانة، وسبحانك خير مؤتمن، سبحانك الصاحب والسند، تلهمهم صبراً، وتؤتيهم عزماً، اشدد من أزرهم، سبحانك خير معين يا أرحم الراحمين. من لم يتجول في صحراء الواحات القاحلة في غرب البلاد في الحدود المتاخمة لليبيا أو يخطو علي خطوط التماس شرقاً، أو يحترق بلهيب الصحراء جنوباً، لا يعرف حجم تضحيات هؤلاء، مناخ قاري يقطم المسمار برداً، ويسيل من حر صيفه عين القطر (النحاس) ويلين الحديد، ليل موحش، ونهار قائظ، وشتاء زمهرير سيبيري، وصيف وكأنك تقف مباشرة تحت شمس خط الاستواء، بحار من الرمال الناعمة لا تحتمل وزناً، يغرق فيها العصفور، وتلال وهضاب وجبال واعرة، تندر الواحات الرحيمة، وحشة الصحراء المصرية قفارها مكتوبة علي جبين الرجال. في المعسكرات والكتائب والنقاط الحدودية تروي الألسنة بطولات وكأنها أساطير، كل ضابط هنا وحده أسطورة، (المنسي بات أسطورة)، وكل جندي وحده بطولة، والعيون لا تنام، يتسابقون إلي الشهادة، كل مهمة يتسابق إليها الأبطال في شوق للشهادة، وكل عملية لها الموعودون بالنصر والفخار. حزين علي حالنا، نتلهي بالأعياد والاجتماعيات والسهرات الكروية علي الفضائيات القطرية، وحكايات عن البطاطس والطماطم والحوت الأزرق، نتلهي عن بطولات عظيمة هي أولي بالحكي. ننتحر اختلافاً وهم علي قلب رجل واحد، ننهزم داخلياً وهم منتصرون، نتباكي علي علاوات وبورصات ومزايدات، وهم مرابطون علي الحدود، لا يليههم بيع أو تجارة. أخشي أننا صرنا لا نعتبر لشهادة، ولا تهزنا تضحيات، ولا نقف إجلالاً للموت، الموت مثل الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع، الحزن زي البرد... زي الصداع، التفاهات صار لها سعر في السوق، والإعلانات تغرق الشاشات، ونجوم الشباك ليسوا الشهداء، الشهداء صاروا غرباء، طوبي للغرباء في أوطانهم.