يبدو أن صناع الدراما سينجحون فى تكسير القيود الوهمية التى أحاطت بالدراما المصرية لسنوات طويلة، ويستطيعون الخروج من نمطية التفكير بأنه لابد من عرض المسلسلات فى رمضان فقط تحت وهم الحصول على نسبة مشاهدة عالية وجزء كبير من كعكة إعلانات رمضان، هكذا أثبتت التجربة -مرة بعد أخرى - أن العمل الدرامى الراقى والهادف يستطيع أن يحقق نسب مشاهدة مرتفعة وحصيلة إعلانية وفيرة عندما يتم عرضه بعيداً عن موسم الدراما الرمضانية، تحققت من قبل فى مسلسل «سلسال الدم» والآن يؤكدها مسلسل (الطوفان) للكاتب بشير الديك والمخرج خيرى بشارة. بالطمع والجشع يتحول المال إلى لعنة توقظ أهواء الرجال ويثير شهوات النساء، وفى طريق الحصول عليه تجد ضعاف النفوس لايحسبون سوى حساب الخلود وينسون أن يحسبوا حساب الموت.. تلك الرسالة الواضحة التى يصرخ بها «الطوفان» محذراً من عدم السيطرة على شهوة حب المال، حتى لايصل أحد إلى ما وصل إليه أولاد صفية، بعد قتلهم الأم، أمهم، طبع على وجوههم جميعاً وشمة قبح لا رجوع فيها، وتملكهم تأثير حنين باهت للعودة إلى الزمن المفقود، زمن الأم، الحب، الحنان، الرحمة، الرضا، الصفاء، النقاء، فقدوا كل شىء، حتى تعاطفهم مع أنفسهم، لم يتعاطف أحد مع نفسه، وأصابتهم جميعاً لعنة القتل، وإغلاق أبواب الجنة. «الطوفان» عمل درامى للأسرة المصرية كلها وليس لفئة خاصة، تألق فيه أكثر من عشرين نجماً تسابقوا فى استعراض مهاراتهم وخبراتهم المتراكمة عبر سنوات طويلة من الابداع فى التمثيل، أبرزهم: وفاء عامر: جاء أداؤها كالطوفان، تفوقت على الجميع، بالبساطة والهدوء واستطاعت أن تتربع فى قلوب المشاهدين، حتى أصبحوا ينتظرون ظهورها فى مشاهد المسلسل. ماجد المصرى: مبهر فى أدائه، مختلف، استطاع أن يجسد شيطان الإنس الذى يوسوس للأبناء ببراعة شيطانية. روچينا: تفاصيل وجهها فى مشهد دفن الأم عند ظهور ابن عمها «ايهاب» تكفى وحدها.. رائعة كعادتها.. وغيرهم الكثير من النجوم تألقوا، إيهاب فهمى، فتحى عبدالوهاب، رامى وحيد، محمد عادل وفى المقدمة القديرة، نادية رشاد والقدير صلاح عبدالله.. تألقوا جميعاً وأمتعونا بأدائهم الراقى. شكراً بشير الديك، محمد رجاء، خيرى بشارة.