هو صراع يبدو أزليا.. بين القيم والأخلاق والمبادئ وبين بريق زائف للسلطة والجاه والمال.. صراع نعيشه يوميا .. نرصده في شخصيات اقتربنا منها.. عرفناها.. رصدنا طموحها المجنون والسعي للوصول لأعلي المناصب بأي ثمن.. نفاق.. تزلف.. كذب.. ضرب تحت الحزام.. تآمر.. وشي بالزملاء.. قبول إهانة من الرؤساء.. خنوع ومذلة للكبار.. واستقواء وتنمُّر وسحق للصغار.. لعبة قذرة تكاد تعصف بالكثيرين وهم يخطون أولي خطواتهم العملية.. ضربة موجعة تطحن رءوسًا لم تتلوث بعد.. تترك أثرها جرحا صعبا أن يندمل.. يحاول البعض تجاوزه وإن ظلت ندوبه محفورة تشي بألم كامن لم يخفت أنينه بعد.. إلا أن من بيننا أيضا من يكون أكثر واقعية، فسرعان مايتجاوز الألم ويتعلم الدرس.. يتقن لغة عصر الغلبة فيه للأشرس.. يخطو أولي خطواته في عالمه الجديد غير مكترث بالتغيُّر الذي يطرأ عليه دون أن يدري.. ربما لا ينتبه إلا بعد فترة وقتما يكتشف أنه أصبح شخصا آخر.. يكذب.. ينافق.. يقبل الرشوة ويتفنن في تقديمها.. يبيع أقرب أصدقائه لنيل رضا مرؤوسيه.. يكره شريكة حياته يخونها يستبدلها بمن يراها الأنسب لمكانته ووجاهته.. يسبح في عالمه الجديد بكل قوة غير عابئ بطوفان مدمر يمكن أن يقلب حياته رأسًا علي عقب.. غير مكترث بأن هناك من تعلم الدرس مثله وربما أتقنه بشكل أكبر واحترف لعبة الصعود علي جثث الآخرين بمهارة تفوق مهارته.. طابور طويل من المتسلقين والمنتفعين والوصوليين ينتظرون الفرصة للانقضاض وتقديم أنفسهم كبديل أكثر ولاءً وخنوعًا ونفاقا لكل صاحب سلطة.. تأتي الضربة حتما مفاجئة ودون سابق إنذار ومن أقرب صديق لك أو من ظننته هكذا.. ضربة موجعة لكنها أضعف من أن توقظ ضميرًا بدا في سبات عميق.. غاب بفعل ظروف قهرية أو بسبب ضعف وجبن وجشع وطمع واستسلام.. لا يهم السبب أمام قبح النهاية وبشاعة المصير.. لعبة لا تنتهي وتفاصيل نعيشها وترهقنا يوميا ربما هو ما جذبنا لمتابعتها دراميا في مسلسل بدا صدي لمتاعبنا وآلامنا.. سامح الله صناع دراما »بين عالمين» لأنهم بالفعل قلبوا علينا المواجع.