خلال خمس سنوات وحتي عام 2016 تطورت الأمور في ليبيا بدرجة كبيرة، حيث يتواجد ثلاثة أطراف داخلية رئيسية، وأربعة أطراف إقليمية فاعلة تتمثل في مصر والإمارات وقطر وتركيا، فضلا عن أطراف دولية مهمة قد تسعي للتدخل في الأزمة. فنجد، في طرابلس حكومة الوفاق الوطني التابعة للمجلس الرئاسي برئاسة »فايز السراج»، والمجلس الأعلي للدولة والذي يغلب عليه ممثلون من الإخوان المسلمين وغيرها من الفصائل الإسلامية ومعهم الميليشيات المسلحة ذات التوجه الإسلامي (مخرجات اتفاقية الصخيرات الموقعة في 17 ديسمبر2015)، ثم حكومة الإنقاذ برئاسة »خليفة الغويل» المنبثقة عن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته والموالي لجماعة الإخوان المسلمين، حيث سيطرت ميليشياتها مؤخراً علي عدد من المقرات الحكومية التي انتزعتها من سيطرة حكومة السراج. وفي طبرق مجلس النواب الليبي المعترف به دولياً برئاسة المستشار »عقيلة صالح»، والذي انبثقت عنه الحكومة المؤقتة برئاسة »عبد الله الثني»، والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير »خليفة حفتر». وأخيراً تنظيم داعش والجماعات الموالية له، فضلاً عن تنظيم القاعدة. ونجد إقليمياً مصر والإمارات وتدعمان البرلمان والجيش الوطني المُعترف بهما دولياً.. وقطر وتدعم المجلس الرئاسي والميليشيات الإسلامية في طرابلس، وتركيا في توافق مع قطر وتدعم الميليشيات الإسلامية في مصراتة، ثم تونس والجزائر وتميلان للوفاق. أما دولياً فنجد روسيا مقابل تدخل أمريكي أوروبي للتعامل مع أزمتي الهجرة غير الشرعية والإرهاب.. ويري الاتحاد الأوروبي الوضع في ليبيا قد تحول لأزمة أمنية أوسع في المنطقة، وسط مخاوف من انتقال العنف والاضطرابات لأوروبا، وأصبح الأمن في المنطقة من أولوياتها، وليس من مخاوفها الهامشية. شهدت بداية عام 2017 تطوراً حاسماً خفف من احتمالية تصعيد عسكري بين قوات جبهتي الشرق والغرب، حيث حولت مصر بالتعاون مع تونس والجزائر أطراف الأزمة إلي عناصر فاعلة لحلها. خلال تلك الفترة تم عقد الاجتماع الوزاري العاشر لدول جوار ليبيا بالقاهرة في 21 يناير، مروراً بعقد قمة ليبية بين السراج وحفتر بالقاهرة في 13 و14 فبراير الماضيين، ثم توجه وزير الخارجية المصري يوم 19 فبراير إلي تونس للإعداد للقمة الثلاثية بين مصر وتونس والجزائر انطلاقا من المبادرة التي طرحها الرئيس التونسي بعنوان »الحل السياسي عبر الحوار الشامل والمصالحة الوطنية في ليبيا». وعن احتمالات التطورات القريبة، أتوقع توافق الرؤية الأوربية والمصرية الحالية بأن »الأولوية القصوي الآن أصبحت الحفاظ علي ليبيا موحدة، وتحييد وتجاوز خطاب تقسيم البلاد».. وأن يؤدي التوافق لاستجابة الفصائل الإسلامية الليبية للموقف المصري، وهو ما قد يقلق أصحاب الأجندات المنفردة.. وأن تدعم إدارة ترمب الجيش الليبي بقيادة حفتر باعتباره المؤسسة الوطنية العسكرية، والمعترف بها رسميا، وبما قد يحدث توازناً في علاقات حفتر مع موسكو.. وأن تعمل دول الجوار الليبي علي تجنب أي تدخل أجنبي، مع عدم تحمسها لتواجد قوات لها بشكل دائم علي الأراضي الليبية، مع تقديم الدعم الكامل للجيش الوطني الليبي فقط للقضاء علي الإرهاب. وبناءً علي ما تقدم، وجب العمل المشترك علي حل الأزمة الليبية من خلال مبادئ رئيسية تتلخص في مساندة الشرعية، والاعتراف بإرادة الشعب الليبي (المتمثلة في مجلس النواب المنتخب)، ورفض التدخل الخارجي في الشأن الداخلي الليبي، واعتماد الحل السياسي كسبيل وحيد لاستعادة سلطة الدولة، والحفاظ علي لحمة الشعب الليبي بمختلف أطيافه، وتمكين الشعب الليبي من الحفاظ علي مقدراته وإعادة بناء مؤسسات الدولة.. والاستمرار في دعم اتفاق الصخيرات بالتنسيق بين المجلس الرئاسي الليبي ومجلس النواب، واستمرار الحوار السياسي بين كافة الأطراف الليبية سعياً لإقرار وتنفيذ تسوية سياسية شاملة. يجب الإصرار علي دعم جهود مبعوثي الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية إلي ليبيا.. والعمل علي دعم قدرات الجيش الليبي النظامي وبما يمكنه من القضاء علي الإرهاب، وكذا العمل علي حسم قضية الميليشيات المسلحة وفقاً لضوابط واضحة.