جرت العادة أن يحتفل العالم فى شهر مارس بعيد الأم، وأن ينصب اهتمام البعض على أهم من قدمن دورها فى السينما والتليفزيون، ولكن كثيرين لا يعلمون أن معظم من قدمن شخصية الأم من الفنانات الكبار لم يكن لهن أبناء. بل ومنهن من لم يستمتعن بالأمومة لوفاة أبنائهم إما فى حوادث أو فى سن الطفولة أو أنهن حرمن من هذا الإحساس لهجرة أبنائهن لهن، وهو ما يؤكد أن الأمومة إحساس يولد بالفطرة وينميه الحب، ولم يقتصر نجاح الأمهات اللاتى لم ينجبن أبناء على فنانات الزمن الجميل، بل نجحت فى تجسيد دور الأم نجمات مثل سعاد حسنى ونبيلة عبيد، ويسرا وإلهام شاهين، رغم أنه ليس لديهن أبناء. وتعد الفنانة القديرة الراحلة فردوس محمد، أشهر من قدمت دور الأم، وأكثر من تناولتها الأقلام بالكتابة فى مثل هذه الأيام، ولكن فردوس محمد لم تعش هذا الإحساس مع أبناء لها لأنها لم تنجب، بل عاشت حياة قاسية وعانت من اليتم. فقد عاشت فردوس محمد يتيمة الأبوين، حيث تولت أسرة تربطها صلة قرابة بوالدتها مهمة تربيتها وأعدادها للمستقبل، فألحقتها بمدرسه إنجليزى بحى الحلمية، فتعلمت القرأة والكتابة والتدبير المنزلى، وتفوقت ثم تزوجت وهى صغيرة السن وطلقت أيضًا وهى صغيرة السن. بدأت مشوارها فى التمثيل عندما التحقت بفرقة عبدالعزيز خليل، وعملت خلالها في الأوبريتات ومن المسرحيات التي عملت بها "إحسان بك". وتزوجت للمرة الثانية من الممثل محمد إدريس، ودامت حياتها الزوجية خمسة عشر عاما انتهت بوفاة الزوج ولم تعرف الأمومة رغم إنها صارت من أهم الأمهات في السينما المصرية، والتى ماتت أثر إصابتها بالسرطان رغم أن السينما وضعتها دائمًا في دور الأم فإن أغلب الأدوار كانت قوية الشخصية لا تعرف الخضوع أو الضعف. أما ثانى الأمهات اللاتى لم يعرفن الأمومة فهى أمينة رزق، والتى عاشت حياة طويلة دون زواج، فلقبت بأنها راهبة الفن، وعذراه، وأمينة هى من مواليد مدينة طنطا وبدأت دراستها في مدرسة ضياء الشرق عام 1916، ثم انتقلت ووالدتها للعيش في القاهرة مع خالتها الفنانة أمينة محمد إثر وفاة والدها وكان عمرها ثماني سنوات. وقد ظهرت لأول مرة على خشبة المسرح عام 1922، حيث قامت بالغناء إلى جوار خالتها في إحدى مسرحيات فرقة علي الكسار في مسارح روض الفرج، وانتقلت للعمل مع فرقة رمسيس المسرحية التي أسسها عميد المسرح العربي يوسف وهبي عام 1924، حيث ظهرت في مسرحية "راسبوتين"، وشاركت بالتمثيل في أغلب مسرحيات وهبي، الذي ارتبطت به أستاذًا وفنانًا، ولم تتزوجه رغم حبها الشديد له، وكان هذا الانتقال وراء شهرة أمينة رزق التي أصبحت إحدى الشخصيات الأساسية في المسرحيات التي قدمتها الفرقة، وكذلك في الأفلام التي أنتجها يوسف بك وهبي. لم تتزوج أمينة رزق أبداً، وكانت تحظى باحترام العاملين في المجال الفني الذين رأوا فيها مثالا للاحتواء والانضباط، وكانوا ينادونها ب "ماما أمينة"، وعينت عضوا بمجلس الشورى المصري في مايو 1991، كما حصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. ولا يمكن أن تمر مثل هذه المناسبة دون ذكر الأم الأكثر قربًا من أبنائها الفنانين وهى مديحة يسرى، التى فقدت ابنها وهو فى ريعان الشباب فى حادث طائرة، لكنها عوضت ذلك بحبها وقربها من كل أبنائها من الفنانين الذين لا ينسونها فى كل المناسبات ومنهن يسرا وإلهام شاهين وليلى علوى وهالة صدقى ونجلاء فتحى وكثيرات من الفنانات بل والفنانين. ومديحة يسرى قدمت دور الأم فى أفلام لا يمكن نسيانها منها "الخطايا" الذى قدمت فيه دور الأم ل عبد الحليم حافظ، وحسن يوسف، وإن كان هو الأشهر، إلا أن هناك عشرات الأفلام التى قدمت فيها دور الأم. وقد يكون نجاح الفنانات اللاتى قمن بأدوار الأم بشكل أفضل ممن لديهن أبناء، يرجع إلى إحساسهن بالحاجة إلى هذه المشاعر، وهو ما حدث فى أدوار لشادية فى أفلام مثل "لا تسالنى من أنا" مع يسرا ومديحة يسرى أيضا عندما قامت شادية بدور الخادمة وراعية الابنة يسرا. وقد تزوجت شادية ثلاث مرات، الأولى من المهندس عزيز فتحي، والثانية من الفنان عماد حمدي لمدة ثلاث سنوات، كما تزوجت من الفنان صلاح ذو الفقار، إلا إنها انفصلت عنه عام 1969، ولم تنجب أبناء. وبعد سنوات من سينما الأبيض والأسود وبداية سينما الألوان، نجحت فنانات كثيرات فى دور الأم فقدمها مخرجون كبار بشكل جيد وقبلت نجمات ليس لديهن أبناء فى تجسيد دور الأم بنجاح منهن سعاد حسنى، التى قدمتها فى فيلم "الراعى والنساء " حيث كانت ابنتها ميرنا فى الفيلم، وقبلت يسرا أن تكون أما فى عدد كبير من الأعمال الفنية لدرجة انها قامت بدور الأم لممثلين كبار كما حدث فى فيلم "مرسيدس " لزكى فطين عبد الوهاب، ثم فى "إسكندرية نيويورك" مع يوسف شاهين ، وتعد نبيلة عبيد من الفنانات اللاتى قدمنه بإجادة وتكررت تجاربها فى دور الأم فى عشرات الأعمال منها "عذراء والشعر الأبيض" الذى قدمت فيه دور الأم لشريهان، وفيلم "الآخر" فى دور الأم لهانى سلامة. وقدمته إلهام شاهين فى أعمال كثيرة وما زالت دون خوف أو تردد حتى أنها قدمت الأم لشقيقها أمير شاهين فى أكثر من مسلسل وكذلك ليلى علوى فى أفلام كثيرة منها "بحب السيما" فى دور الأم. ولم تعد فنانات اليوم يخشين تمثيل دور الأم حتى وإن كن غير متزوجات فقد قدمته مى عز الدين رغم صغر سنها فى فيلم "عمر وسلمى" وكررته بعد ذلك دون خوف.