اشتقنا إلى الحياة. نعم اشتقنا. كل هؤلاء يعيشون على صنع كراهيتنا للحياة. أعرف قصص مشايخ يتبخترون فى قصورهم التى بنوها من فتاوى تكرهك فى الحياة. أعرف حكايات يشيب لها الولدان عن مشايخ غارقين فى شهوانية بكل ما يتعلق بالحياة.. يأكلونها ويمضغونها بأموال جمعوها من نشر فقه كراهية الحياة نفسها. الكراهية بضاعتهم التى يصنعون بها سلطة باسم الدين على عباد الله.. ومن هذه السلطة تهبط الثروات.. ومن هنا يحتاجون كل فترة إلى صيد يشعلون به سوق الكراهية. وهنا عثر أحدهم على فيلم عن الرسول.. لم يعرف أحد، ولم يفكر لماذا أعيد تحميله على الإنترنت، رغم أنه عرض منذ يوليو ولم يشاهده أحد تقريبا. هناك أكثر من جهة صاحبة مصلحة. أولهم، وفى مقدمتهم مشايخ كراهية الحياة. هذا صيدهم الثمين. الشيخ المفتقد لنجومية المونولوجست سيجدها فرصة ليمنح بذاءته قيمة الدفاع عن الرسول.. كيف تدافع عن رسول السماحة بكل هذه البذاءة؟ لا أحد يفكر.. لأن الجميع مشغول بحرب الدفاع عن الإسلام. هكذا وجدها شيخ ينافس العكش فى السماجة فرصة لينشر شائعة أن الفيلم من إنتاج أقباط المهجر. الهوس له معجبون. والكراهية لها جمهور واسع. إنها إذن حرب مسيحية على سيد الخلق.. وهنا سيظهر الشيخ المهووس ويحرق الإنجيل ويهدد بالتبول عليه.. ويبتسم بعد أن بلغت وصلات الهوس حدها المجنون وسط قطيع هائج يوجهه صناع الكراهية، لكى يفجر كل الطاقات السلبية المخزونة من سنوات العجز الطويلة. المشهد صالح الآن ليظهر متحدث باسم حزب سلفى ليؤكد صحة إصرارهم على وضع الحفاظ على الذات الإلهية والنبوية من المساس. إنها الفرصة المناسبة أيضا ليذكر بأن منافسهم الإخوانى غائب.. والإخوان سعداء جدا لأنه لا أحد سيتذكر فى هذه الهوجة رفع الدعم عن البوتاجاز والبنزين، ولا الاستمرار فى اتفاقية الكويز (مع إسرائيل) ولا جولات المرسى من أجل جمع القروض على خطى مباركية أصيلة. سعادة الإخوان مضاعفة لأن العبث المتفجر حول السفارة سيثبت أهمية إصدار قانون يمنع التظاهر.. أو يبرر مشاريع قوانين مهمتها حصار حق التظاهر والاعتصام.. وهو ما فشل المجلس العسكرى فى فرضه وعند حكومة المرسى الأمل كله لفرضه فى مواجهة الإجراءات الاقتصادية والسياسية التى توضع فى شروط القروض. هكذا وحدهم كارهو الحياة ينتصرون. لقد وجدوا فرصتهم كاملة. العقل لا مكان له. لا أحد يسأل مَن الذى دبلج الفيلم إلى العربية؟ ولا كيف تتأثر دعوة استمرت أكثر من 1500 سنة بفيلم ركيك؟ إنها فرصتهم ليصعدوا على ركام الجهل والهوس الدينى.. فرصتهم فى إلغاء العقل.. لأن هذه أرضهم الوحيدة. لم يفكر أحد كيف استمر الإسلام بهذه القوة كل هذه السنوات ويؤثر فيه اليوم...واحد من أفلام يصنع مثله ضد المسيح وموسى.. فى بلاد أغلبيتها يؤمنون بهما.. يغضب بعض المؤمنين ويعبرون عن الغضب.. لكنهم لا يشعلون الحرب ويقتلون.. ويعتبرون أن هذه حربهم المقدسة. لو تأثر الأنبياء بكل ما قيل ضدهم لما كان هناك مؤمن واحد فى العالم الآن.. وهذا ما تعلمته البشرية التى تحب الحياة.. وتخلصت من سلطة تشعل الحرائق لتصنع مملكتها فوق حطامها. البشرية تعلمت أن الإيمان لا يحيى بالحرب المقدسة. وكل الحروب الصليبية كانت حروب سيطرة سياسية باسم المسيحية. وكل الاضطهاد الذى يتعرض له المسيحيون فى بلاد إسلامية سياسى.. ولم يمنع المؤمنين بالمسيح عن إيمانهم. إنها حملة دعائية.. رعاتها يجلسون فى الكواليس. حملة تدرك أنه لكى يرى العالم كله فيلمها.. لا بد أن تصنع إثارة بفيلم آخر. من شاهد الفيلم قبل كل هذه الضجة؟ من نشر الأكاذيب ليخرج الناس من بيوتها فداء للرسول؟ من أشعل النار ليوقظ الرغبة المدمرة فى أرواح تربت منذ سنوات فى مزارع الفاشية؟ المشايخ يربون قطعانهم عبر خطابات الكراهية والتحريض.. والعدوانية التى تنفجر فى حفلات جماعية بطقوس بربرية.. وغوغائية. إنها ليست إلا حملة ترويج لأسامة بن لادن ومنهجه فى صراع الحضارات. حملة برعاية وكلاء أسامة بن لادن ومنافسيهم فى سوق نشر الكراهية باسم الدين