أكد الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى أن البنك بذل جهودا مضنية خلال الفترة الماضية فى سبيل الحفاظ على قيمة الجنيه والسيطرة على معدلات التضخم، على الرغم من الأحداث التى صاحبت ثورة 25 يناير من اضطرابات أدت إلى توقف الإنتاج ونزوح الاستثمارات الأجنبية وتضاؤل الموارد من النقد الأجنبى. وأضاف محافظ البنك المركزى أن البنك حرص منذ بداية الألفية الجديدة على استعادة تكوين احتياطيات النقد الأجنبى وتدعيم قيمة الجنيه المصرى واستعادة الثقة فى سوق الصرف الأجنبى بعد عدة ضربات موجعة تلقاها الاقتصاد المصرى فى نهاية عقد التسعينيات، وأسفرت سياسات البنك المركزى عن القضاء على السوق السوداء للعملات الأجنبية. لافتا إلى أن البنك استطاع عبور المرحلة الانتقالية دون سقوط أى من الكيانات المصرفية نتيجة البنية الأساسية القوية التى تم دعمها خلال مرحلتى الإصلاح المصرفى الأولى والثانية اللتين بدأتا منذ ثمانى سنوات مضت، حيث ارتفع الاحتياطى النقدى من 14 مليار دولار فى 2003 إلى 36 مليار دولار فى 2010، إلا أنه تراجع بسبب تبعات الثورة إلى 15٫1 مليار دولار، فيما ارتفعت الودائع لدى البنوك من 403 مليارات جنيه لتتخطى حاليا حاجز التريليون جنيه، بينما ارتفع المركز المالى للقطاع المصرفى من 578 مليون جنيه فقط فى 2003 ليصل حاليا إلى 1٫3 تريليون جنيه. وأكد محافظ المركزى ل«الوطن» أن احتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى يتم استثماره وفقا لأفضل المعايير العالمية المتعارف عليها وأكثرها أمانا، ولا يتم استخدامه إلا لتلبية المتطلبات القومية مثل خدمة الدين الخارجى ومواجهة احتياجات استيراد السلع الاستراتيجية والأساسية خاصة البترولية والتموينية. وأضاف أن خفض التصنيف الائتمانى لمصر يأتى فى سياق عدم الاستقرار السياسى وليس للبنك المركزى أو القطاع المصرفى أى شأن فيه، وهو إجراء طبيعى تشهده أى دولة فى طور التحول السياسى، ومع ذلك يظل مستوى التصنيف الائتمانى الحالى لمصر مقبولا مقارنة بتخفيضات التصنيفات الائتمانية التى أصابت دولا كبرى أوروبية فى الآونة الأخيرة. من جانبه أكد نضال عسر، وكيل محافظ البنك المركزى، فى تصريحات ل«الوطن»، أن الدولار متوافر بالسوق بشكل يضمن اتزان سعره مقابل الجنيه، لافتا إلى أن الزيادة الأخيرة فى سعر الصرف نجمت عن تعاملات اقتصادية حقيقية رفعت حجم الطلب على العملة الأمريكية، مشيرا إلى أن الزيادة الأخيرة فى سعر الدولار لم تتخطَّ حاجز ال0٫25% بقيمة لا تزيد على قرشين. وأكد أن البنك المركزى قضى تماما على المضاربات، نافيا أن يكون لها علاقة بارتفاع سعر الدولار مؤخرا، مشددا على أن المركزى لن يتهاون مع المضاربين وسيتعامل بحسم ويكبدهم خسائر فادحة إذا عاودوا الكرة مرة أخرى. ونفى عسر ما يتردد بأن قدرة المركزى على حماية اتزان سوق الصرف قد انهارت نتيجة نزيف الاحتياطى النقدى الأجنبى، مؤكدا أن المركزى لا تزال لديه مساحة واسعة من الحركة لحماية الجنيه من عملية «الدولرة» التى تعنى اكتناز الدولار بغرض المضاربة، لافتا إلى أن المركزى يتابع السوق لحظة بلحظة ولديه كافة المعلومات حول تحركات الدولار والسيولة داخل السوق والبنوك، ومع ظهور بوادر لحركة غير طبيعية على سعر الصرف تستهدف التلاعب بالأسعار سيتدخل المركزى من خلال أدوات السياسة النقدية بحسم لإجهاضها. وأكد عسر أن البنك المركزى حريص على ترك تحركات سعر الجنيه لقوى العرض والطلب الحقيقية، مشيرا إلى أنه تم القضاء تماما على السوق السوداء منذ تدشين آلية «الإنتربنك» -تحديد أسعار بيع وشراء الدولار بين البنوك الأعضاء فيه- لافتا إلى أنها تنفذ عمليات يومية تتراوح بين 200 و300 مليون دولار بين البنوك. وشدد عسر على أن البنك المركزى يتمتع باستقلالية تامة فى اتخاذ القرارات، ولا يسمح لأى من الجهات المحلية أو الخارجية أيا كان مكانها أو وظيفتها التدخل فى عمل السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى، مؤكدا أن مصر لا تواجه أى ضغوط دولية أو محلية تستهدف سعر الجنيه للحصول على قرض صندوق النقد الدولى. وأشار إلى أن البنك المركزى المصرى هو الجهة الوحيدة التى تحدد السياسة النقدية بما يحقق المصلحة الاقتصادية للبلاد، قائلا: «صندوق النقد الدولى لم يتدخل سابقا أو حاليا فى سعر الصرف ولا حتى فى المستقبل». وتابع أن انخفاض الجنيه قرشين أمام الدولار لا يمثل أى خطورة تذكر على سعر العملة المحلية، لافتا إلى أن اليورو يتحرك ارتفاعا وانخفاضا فى اليوم الواحد أمام العملات الرئيسية بنسبة تصل إلى 1% وهى ما تعادل 6 قروش، كما تتحرك عملة جنوب أفريقيا بنسبة 2% وهى ما تعادل نحو 12 قرشا فى اليوم الواحد، فيما لم يتجاوز انخفاض الجنيه حاجز ال0٫25%، لافتا إلى أن الأوضاع بدأت تتحسن والاحتياطى أخذ فى الارتفاع ويعزز قدرتنا على حماية سوق الصرف، ويجب الالتفات إلى العمل للنهوض بالاقتصاد. ونفت مصادر مسئولة قيام البنك المركزى بالتدخل فى سعر صرف الدولار الذى انخفض بنحو قرش تقريبا أمام الجنيه خلال الأيام الماضية، لافتا إلى أن الأمر يعود إلى العرض والطلب الحقيقيين.