والله العظيم لم أكن أتخيل بعد ثورة 25 يناير وسقوط نظام بأكمله ووضع رموزه فى السجن، وحالة الفوران والغليان الشعبى ضد الفساد والمفسدين واللصوص وسارقى المال العام، أن يملك شخص أو مؤسسة أو اتحاد بجاحة الإقدام على ارتكاب هذه الأفعال فى هذه المرحلة، لأن القاعدة تقول إن اللصوص يختفون عندما يمر عسكر الدرك أو دورية الشرطة، فما بالك إذا كانت تمر عليهم ثورة شعب، ولكن الخيال فى اتحاد الكرة أمر واقع الحدوث والفساد فيه ضارب إلى الجذور وفى حماية مؤسسات الدولة، وتحت سمع وبصر وبرعاية فى مجلسها القومى للرياضة، المنوطة به الرقابة على صحة ونزاهة وشفافية الأعمال المالية والإدارية التى يقوم بها الاتحاد وجمعيته العمومية، التى شهدت مؤخرا فضيحة جديدة لإقرار لائحة نظام أساسى تخدم مصالح وأهداف شلة الفساد وتدعم بقاءها لسنوات أخرى قادمة، وهى لائحة أظن أنه لم يكن أباطرة الفساد فى العهد السابق لديهم بجاحة تمريرها. وحكاية هذه اللائحة بدأت قبل الثورة، عندما طالب تيار الإصلاح داخل الجمعية العمومية، وهو قليل العدد وضعيف القوة وقليل الحيلة، بتغيير لائحة النظام الأساسى لتسمح بحقوق عادلة للأندية الصغيرة، وتحدد دور الأندية الكبيرة وتضع قواعد صارمة لعقاب من يخطئ واستبعاد من يرتكب أفعالا أو أمورا تضر بمصلحة اللعبة من إدارة المنظومة، وظل الجدل دائرا حول اللائحة والمراسلات تذهب وتعود بين الجبلاية والاتحاد الدولى، والجمعية العمومية تجتمع وتنفض حتى تصل إلى الصيغة المثلى. وعندما جاءت الفرصة وقامت الثورة واستقال اتحاد الكرة برئاسة سمير زاهر على خلفية مذبحة بورسعيد، وبعد أن ظن الضعفاء أن السماء أرسلت إليهم القوة ودعمتهم وأزاحت الاتحاد الفاسد، وأن الطريق مفتوح للحصول على حريتهم وحقوقهم ولائحة نزيهة وعادلة، كان هانى أبو ريدة المرشح المحتمل لرئاسة الاتحاد ورئيس لجنة الشباب والرياضة عن الحزب الوطنى ولجنة سياساته فى برلمان 2010 المزور، يقف بالمرصاد لأى تغير أو تطوير، ويقاتل حتى لا تصل روح الثورة إلى الاتحاد لينجح فى أن يمرر من خلال الاتحاد الدولى الذى يتمتع بعضويته لائحة وضعها، لا تخدم سوى شلته وزبانيته، لائحة تقر تضارب المصالح وتسمح لمن يعمل فى شركة تتعامل ماليا مع الاتحاد بحقه فى عضوية الاتحاد أو رئاسته، وتكتفى فقط بحرمانه من حضور الاجتماعات التى تكون فيها شركته طرفا، وهو بند يؤسس للفساد ويؤصل لوجوده، كذلك لم تمنع اللائحة العاملين فى الإعلام والصحافة من الترشح، والأدهى أنها تسمح للعضو الذى اعتدى على عنصر من عناصر اللعبة (ضرب حكم) بالترشح، وربما إذا فصصنا بنودها قد نجدها لا تمانع فى ترشح البلطجية ومسجلى الخطر. الآن المشكلة لم تكن فى اللائحة الكارثية التى يستقتل المستفيدون منها، وعلى رأسهم شوبير فى الدفاع عنها بالباطل، بل إن الكارثة فى الطريقة التى أقرت بها اللائحة فى اجتماع الجمعية العمومية الأخير، حيث قام هانى أبو ريدة بحشد المنتفعين والأندية الأرزقية فى الجمعية، وبمجرد أن قام أنور صالح المدير التنفيذى المتواطئ مع الفساد بعرض اللائحة، قام الهتيفة بالصياح موافقون، وعندما طلب بعض الأندية ومنها الأهلى والزمالك عرض البنود ومناقشتها، اعترض الهتيفة من رجال أبو ريدة فاستجاب لهم مدير الجلسة المتواطئ وطرحها للتصويت، وأخذ عليها الموافقة بعد أن استبعد من التصويت 25 ناديا، بدعوى حضورهم بعد موعد انعقاد الجمعية، الأمر الذى استفز حازم إمام مندوب نادى الزمالك والعامرى فاروق مندوب الأهلى اللذين خرجا غاضبين للطريقة التى يحدد بها مصير اللعبة من قبل أندية تبيع صوتها بطقم ملابس وغدوة فى نادى الشرطة.