واصل الكاتب البريطانى روبرت فيسك الكتابة عن مصر بعد فوز محمد مرسى برئاستها. وقال فى مقاله اليوم بصحيفة الإندبندنت البريطانية تحت عنوان "مصر بلا دستور أو برلمان أو سيطرة"، إن انتصار مرشح جماعة الإخوان المسلمين فى انتخابات الرئاسة لم ينهِ مخاوف المصريين، كما أنه لم يكبح جماح الجيش "المجلس العسكرى". ويتحدث فيسك عن الخطاب الذى ألقاه مرسى بعد ساعات من إعلان فوزه يوم الأحد الماضى، ووصفه بالخطاب الاسترضائى. وقال فيسك، إن قنوات "سى إن إن" و"بى بى سى" قدمت الكثير من رسالة مرسى الشاملة لأنها تتلاءم مع السرد الغربى للشرق الأوسط، من حيث إنه تقدمى وغير طائفى وما إلى ذلك. وانتقد فيسك الثناء الكبير الذى تناوله مرسى فى الخطاب للجيش وللشرطة فى "المرحلة الأخيرة من ثورة مصر". وأشار الكاتب إلى أن الرئيس المنتخب سيتقعقع فى الطريق إلى الديمقراطية المصرية بسبب الخوف والشك بين المباركيين، مؤيدى الرئيس السابق، ونخبة رجال الأعمال وبالطبع المسيحيين، فى حين أن المجلس العسكرى يقلص من الصلاحيات التى يجب أن يتمتع بها أى رئيس لمصر، ومن ثم سيكون مرسى بلا دستور وبلا برلمان وبلا حق فى قيادة جيش بلاده. كما تطرق فيسك إلى الحديث عما أسماه النبرة الودية التى تبناها مرسى إزاء إيران، فى إشارة إلى ما نسب إليه من تصريحات لوكالة فارس الإيرانية عن سعيه لتوطيد العلاقات مع إيران، والتى نفاها متحدث باسمه. وقال فيسك إن هذه النبرة ستغضب أطرافا كثيرة، فالسعوديون الذين ترددت مزاعم عن قيامهم بتقديم الأموال لحملة الإخوان المسلمين يجدون الآن مرسى يبتسم للنظام الشيعى الذى يكرهونه كثيرا. وربما يكون الإخوان سعداء لأن الأمير نايف ولى العهد السعودى قد مات، وهو الرجل الذى ارتبط بعلاقات قوية بمبارك ومسئولى الأمن فى نظامه، وأنه لن يكون أبدا ملكًا للسعودية. ويمضى فيسك قائلا: إن أى أحد يشكك فى الأخطار القادمة ينبغى عليه أن يعيد قراءة تغطية الحملات الانتخابية الرئاسية فى الصحافة المصرية. فصحيفة الدستور قالت إن الإخوان المسلمين يخططون لمذبحة لو فاز مرسى، فى حين زعمت الفجر أن الإخوان يخططون لإمارة إسلامية فى مصر، بينما قال الروائى جمال الغيطانى: "إننا نعيش فى لحظة ربما تكون مشابهة للحظة صعود أدولف هتلر إلى السلطة" وهى مبالغة، كما يصفها فيسك، ربما كانت لتكون أقل هجوما لو أن أنور السادات لم يكن جاسوسا لروميل. وفى نهاية مقاله، يقول فيسك إن الثوار الحقيقيين، الشباب الذى قام بالتمرد على حسنى مبارك العام الماضى، سيتعين عليهم أن يتواصلوا مع فقراء مصر الذين صوتوا لمرسى ويتخلون عن الكثير من شعاراتهم. وكما قال صحفى تونسى يسارى لأحد الصحفيين المصريين قبل عدة أيام إن هؤلاء الذين وصفوا ما حدث فى بلاده بثورة الياسمين لم يدركوا أن الثوار الحقيقيين من مدينة سيدى بوزيد لم يروا "الياسمين" فى حياتهم من قبل، وهناك الكثير من المصريين اليوم يعتقدون أنهم لم يروا أبدا "ربيعا عربيا".