فى عام 1985 وكنت لاأزال طالبا بكلية الإعلام جامعة القاهرة، تعرفت علَى عزازى علِى عزازى، فى مركز إعلام الوطن العربى «صاعد» الذى كان يديره حمدين صباحى، حينما كان مقره فى شارع رفاعة بالدقى. فى عام 1986 تعمقت علاقتى به بعد أن تخرجت وبدأت عملى فى جريدة «صوت العرب» الناصرية، التى أغلقها نظام مبارك عام 1988. بين هذين العامين زرت بيت عزازى فى قرية أكياد مركز فاقوس بالشرقية، بصحبة الأساتذة: محمود المراغى، ونجاح عمر رحمها الله، وأحمد الجمال، وحمدين صباحى، وطلعت إسماعيل. كان ابن أكياد سليمان خاطر قد نفذ عمليته البطولية فى سيناء فى 5 أكتوبر 1985 وقتل وأصاب 7 صهاينة اقتحموا حدودنا وبعدها حاكموه وسجنوه وقالوا لنا إنه انتحر فى 1986. خاطر كان أحد أقارب عزازى وفى ذكراه الأولى ذهبنا إلى هناك، بيته مثل معظم بيوتنا الريفية فى أسيوط، أهله كذلك، ويومها عرفت لماذا يقولون إن «الصعايدة والشراقوة قرايب». فى هذه الأيام البريئة لم نكن مشغولين بالسياسة ومقاومة التطبيع مع العدو الصهيونى فقط، بل كنا نتسابق على القراءة فى كل فروع المعرفة، وكان عزازى أكثرنا تفوقا فى اللغة والأدب والنقد والمسرح. لم أعرف أحدا من جيلنا غضب منه، كانت ابتسامته الساحرة لا تفارقه، ولأنه كان فارع الطول ويضع يده فوق كتف من يسير معه، فإنه يعطى معنى أنه الأخ الأكبر أو الأب. فى عام 1997 عدت مرة أخرى إلى أكياد ولكن هذه المرة للعزاء فى وفاة صلاح الشقيق الأصغر لعزازى. كان صلاح شابا موهوبا عملنا معا فى جريدة العربى، كان دائم الابتسامة مثل شقيقه، جمع كل ما يملك واشترى سيارة صغيرة، وقرر أن يكون أول مشوار بها إلى قريته ليسلم على والدته ويفرحها بالسيارة، لسوء الحظ لم يصل إلا جثة هامدة، بعد أن انقلبت به السيارة فمات على الفور هو وصغيره عمر، وأصيبت زوجته بإصابات بالغة. من يومها ارتبطت معى أكياد بالحزن والفقد. لم أعد أرى عزازى إلا وأتذكر صلاح وفرحته التى لم تكتمل. هل اكتملت فرحة عزازى نفسه؟!. كنت أراه كثيرا خلال أيام الثورة الثمانية عشر، كانت فرحته طاغية وعادت ابتسامته لتغطى على آثار المرض اللعين الذى كان قد بدأ يهاجمه. فرحنا جميعا بتعيينه محافظا للشرقية، ليطبق ما آمن به، ورغم الصعوبات العاتية، ظل مبتسما مع الجميع، كان مثاليا أكثر مما ينبغى.. وآمن فعلا بالديمقراطية الاجتماعية، لكنه أيضا لم يحتمل العمل مع الإخوان بعد فوز مرسى وآثر الاستقالة فورا، لأنه بحسه الأدبى وضميره النقى، أدرك طبيعة ما هو قادم من أيام نحسات. لم يتكسب عزازى من مهنته كصحفى لأنه لم يبع قلمه، ولم يتكسب من منصبه كما فعل كثيرون وربما مات مدينا. رحل فى الغربة البعيدة وهو يبحث عن كبد جديد فى الصين. لم يكن الرجل شخصا خارقا أو سوبرمان كما يحلو لبعضنا أن نصف من نحب بعد موتهم، كان إنسانا بصدق، وكان أصيلا بحق كما كتب عنه الصديق عمرو خفاجى فى «الشروق» أمس الأول، وهذه صفات صارت نادرة. رحم الله عزازى وألهم أهله وأحباءه وزوجته الزميلة العزيزة سوسن الدويك الصبر والسلوان. بواسطة: Mahmoud Aziz