أمام موقد النار، تمتد ذراعا «أم أميرة». ضوء أحمر ينير وجهها الأسمر، ربما تكون لفحة نيران الموقد الذى تقف أمامه بالساعات لإعداد «البطاطس المحمرة»، فهى صنعتها التى تقتات منها فى وسط البلد. تنافس «أم أميرة» محال التيك أواى، والمطاعم المعروفة، بحلتها الصغيرة. قبل 25 عاماً جاءت مع زوجها من أسوان إلى القاهرة. خصخصة الشركة التى يعمل بها زوجها وتشريده تحت لافتة المعاش المبكر، أخرجاها للعمل، خاصة مع مرض الزوج. لم تفلح 5 سنوات من بيع البسكوت وبعض مواد البقالة فى توفير حياة مستقرة للأسرة كما تقول: «بعد بيع البسكوت والسجاير، قلت أبيع عدس». لم تكد فكرة العدس تنجح حتى شرعت السيدة فى تحمير البطاطس لرواد مقاهى وسط البلد. وقفتها فى الشارع وقصتها التى تتبرع بحكايتها لكل زبون يُعجب ب«كبشة بطاطس محمرة ومقرمشة»، أغرت ناجى إسماعيل لتحويلها إلى فيلم تسجيلى، لكن يبدو أن الدراما فى قصة السيدة لا تنتهى، فخلال تصويره توفيت الابنة الكبرى أميرة عقب رحلة عذاب بمرض فى القلب، وشاء القدر أن يضم الفيلم تفاصيل رحلتها مع مرض ابنتها حتى الوفاة، وقتها اقترح المخرج إيقاف التصوير حتى تتجاوز السيدة أحزانها، لكنها واجهته: «الحياة مابتقفش عشان أوقف التصوير، كملت عشان أقول للحياة هاتى صدماتك وأنا جديرة بيكى». لم يدُر بخلد السيدة، وهى تواجه الحياة، أن يوماً سيأتى ويكون اسمها «أم أميرة» على أفيش فيلم يرشح لأحد أرقى مهرجانات العالم فى برلين. وقع الخبر كالصدمة المبهجة فى إطار من الأحزان على المخرج وأم أميرة.