صديقى محمد الميكانيكى استوقفنى بالأمس وقال لى: إيه الأخبار؟ قلت له: «نيبال». قال لى: «يعنى إيه؟» قلت له: «يعنى اطلب لى نسكافيه باللبن واحكى لك» وقد كان. قلت له: يا محمد يا صديقى، الشعب المصرى الشقيق يسير فى طريق الشعب النيبالى الشقيق اللى ربنا أكرمه، زى حالتنا، بفرصة ذهبية لبناء دولة عظيمة بعد أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها فى 2006، حين رمى الثوار الماويون (من أتباع واحد اسمه ماوتسى تونغ، بس دى قصة تانية) أسلحتهم وقبلوا بالعملية السياسية وصولا لكتابة دستور. ولكن حتى الآن لم يتفق الفرقاء على كتابة الدستور. وظلوا يطيلون عمر الجمعية التأسيسية، التى كان دوامها لعامين، حتى اليوم. ثم قضت المحكمة الدستورية عندهم أن عام 2012 هو آخر عام لكتابة الدستور. وقرر رئيس الوزراء الماوى إجراء انتخابات فى نوفمبر وثارت الأحزاب عليه وبينها الحزب الشيوعى. رد محمد: «دَستور يا دُستورنا! هو ليه كل حتة تلاقى فيها المشكلة دى، كتابة الدستور؟ وبعدين؟» وبعدين فضلوا شغالين من غير دستور بقالهم 6 سنين، وكل شوية تحصل مشكلة وآخرها من أسبوع انسحبت ثلاثة أحزاب من الحكومة الائتلافية التى يقودها الماويون مع دعوة رئيس الوزراء إلى إجراء الانتخابات عقب الإخفاق فى الاتفاق على دستور جديد لإنهاء سنوات من عدم الاستقرار. ولكن النخبة السياسية فى نيبال شديدة الخلافات السياسية، زى حالتنا، وعليه تفجرت احتجاجات الشوارع وأعمال عنف فى واحدة من أفقر دول العالم الواقعة فى جبال الهيمالايا بين الهند والصين. قال محمد صديقى: «يعنى برضه وقعوا فى حكاية الدستور أولا ولا الانتخابات أولا؟» قلت له: الحقيقة هم قرروا إن الدستور أولا وانتخبوا مباشرة جمعية تأسيسية من 601 عضو فى أبريل 2008، وحتى الآن لم ينجحوا فى إنجاز شىء. يعنى العيب «عيب مصنع» مش عيب تشغيل. ده أولا أو ده أولا ما دام نفس التركيبة دى موجودة، يبقى ولا هينجزوا شىء. «طيب هيحصل إيه دلوقتى ب.....» تساءل محمد مستخدما لغة حادة لم أعتدها منه. قلت له: النخبة السياسية المصرية ضعيفة وليست بقوة الشعب، زى الموتور القوى على الشاسيه الضعيف، يعنى العربية لو مشيت بسرعة عالية ممكن تتقلب. وهذا واحد من أسباب الخلل الذى نحن فيه. لو كانت القوى المطالبة بالمجلس الرئاسى الآن اتحدت من البداية على فريق رئاسى واحد ونزلت الانتخابات موحدة لفازت. ولكن تحميل الشعب أخطاء النخبة ليس من المروءة الأخلاقية ولا الحصافة السياسية فى شىء. «يعنى إنت ضد المجلس الرئاسى اللى بيقولوا عليه؟» سألنى صديقى وهو يرتشف شيئا من النسكافيه باللبن، قلت له: فكرة عبقرية تبنيتها مع آخرين وحاولت فيها فى فبراير ومارس 2011، يعنى من سنة وثلاثة أشهر لملء الفراغ الناتج عن رحيل مبارك، ولكن وجدتها صعبة للغاية بسبب المسافة النفسية الهائلة بين الأسماء السياسية البارزة آنذاك. ولنتذكر كيف انفجرت الجمعية الوطنية للتغيير وكيف انفجر حزب الجبهة الديمقراطية. لكن بعد كل ما أخذناه من خطوات، من المنطقى أن يحدث اتفاق مكتوب بين الدكتور محمد مرسى ورموز الثورة البارزة الأخرى بشأن الحكومة وجمعية الدستور مثل التعهدات التى كتبتها المستشارة الألمانية على نفسها قبل الانتخابات، وما تعهد به كتابة الرئيس الفرنسى الحالى للقوى اليسارية حتى يمنحوه أصواتهم. «يعنى إنت متفائل أم متشائم؟» سالنى صديقى الميكانيكى، قلت له: أنا طبعا متفائل، بس المهم نشتغل وبالمرة نشرب نسكافيه باللبن.