اخبار مصر أكد نبيل فهمي، وزير الخارجية، في كلمته أمام الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء أمس، أن الشعب المصري العظيم الذي نجح في فرض إرادته قادر على القضاءِ على الإرهاب في إطارِ سيادة القانون. وقال وزير الخارجية: "أَستهل بياني بنقلِ رسالة أحملها إليكم ولشعوبِكُم، ليسَ فقط مِن رئيسِ الدولة المصرية، المستشار عدلي منصور، بل مِن الشعبِ المصري، الذي وضعَ أساسَ الحضارةِ الإنسانية، وأَلّْهَمَ شعوبَ العالمِ حديثاً، مضيفًا أن لمصر مكانةً متميزةً في تاريخِ وحاضرِ البشرية، مكانةٌ ودورٌ وتأثيرٌ، تنطلقُ في المقامِ الأولِ من رصيدِها الثقافي والحضاري وما كان ليَتَسِقَ معَ كلِ ذلك، وفي مطلعِ قرنٍ جديد، أَنْ تَظَلَ إرادةُ شعبِ مصرَ مُقيدة، أو أَنْ يُسلَبَ مِن شبابِها حَقُهم في صياغةِ مستقبلِهم، لذا، كان من الطبيعي بأبناءِ مصرَ، أَنْ يخرجوا في الخامسِ والعشرينَ مِن يناير عام 2011، ليُعْلِنُوا عزْمَهُم على بناءِ دولةٍ ديمقراطيةٍ حديثة، تحَقِقُ لأبنائِها الحريةَ، والكرامةَ، والعدالةَ الاجتماعية. وأضاف فهمي: "تلكَ هي معالمُ الوِجهةِ التي اختارها ملايينُ المصريين وهي نفسُ الوِجهةِ التي صَمَمَوا عليها في الثلاثينَ مِن يونيو الماضي، مؤكدين للعالمِ أنْ إرادةَ الشعوبِ لا تَنكسر وهي قادرةٌ على منحِ السُلْطَة وأيضاً على نَزعِها مِمَن يسيئونَ استغلالَها"، مشيرًا إلى أنه لَدَى المصريينَ رؤية مستقبلية طَموحة وتتطلبُ عَملاً منهجياً وفي إطارٍ زمني منطقي، رؤيةٌ سيُكْتَبُ لها النجاحُ بالانفتاح على كلِ التياراتِ السياسية السلمية وعلى التَعدُديةِ التي تَسْتَوعِبُ ثَراءَ كُلِ مُكَوناتِ المُجْتَمع وعلى المُواطنةِ التي يَضْمَنُها حُكْمُ القانونِ والمساواةُ أمامَ العدالة ورؤيةٌ تَتْسِقُ في مبادئِها وممارساتِها مع القواعدِ الأساسيةِ التي تَحْكُمُ الحياة الديمقراطيةِ في مُخْتَلفِ أنحاءِ العالم وأهمها سلمية الحوار، ونبذ العنف، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان.المرحلة الانتقالية في مصر ستنتهي في الربيع المقبل وأوضح وزير الخارجية أنه إيماناً بِحَقِ الشعبِ المصري في أَنْ يَرى تلكَ الرؤيةَ واقعاً ملموساً فَقَدْ تَضمَنتْ خريطةُ المستقبل، التي تَسيرُ مصرُ عليها مُنْذُ الثالثِ مِنْ يُوليو الماضي، مَنْهَجاً وطنياً واضحاً لبِنَاءِ مُؤَسساتِ الدولةِ الديمقراطية، في إطارٍ زمني مُحَدَّدْ معَ دعوةِ جميعِ أبناءِ الوطنِ للمشاركةِ في العمليةِ السياسيةِ بِكلِ مراحلِها طالما التزموا بنبذ العنف والإرهاب، والتحريض علِيهما. واتِسَاقاً معَ تلكَ الخريطة، يتواصلُ العملُ بالفعلِ على عِدَةِ مسارات، أثمرَتْ حتى الآن عن ترسيخِ العدالةِ والحرية والديمقراطية كأساسٍ للحكمِ على أَنْ يَلِي ذلكَ انتخابُ مجلسِ النوابِ ثمَ إجراءُ الانتخاباتِ الرئاسية، بحيثُ تَنْتَهي المرحلةُ الانتقاليةُ في الربيعِ المِقبل. وأشار إلى أنَّ عَزْمَنا الصادقَ على استكمالِ تنفيذِ خريطةِ المستقبلِ يتطلبُ أَنْ نَضعَ نُصْبَ أعينِنَا الحفاظَ على الأمنِ وإنفاذ القانون والتصدي لمُحَاولاتِ الترويعِ والترهيبِ التي تَهْدِفُ إلى إعاقةِ مسار تنفيذِها، ولقد تَعَرَضت بعضُ الأنحاء في مصرَ مؤخراً إلى هجماتٍ إرهابيةٍ يائسةٍ وبائسةٍ لم تُفرٍق في ضحاياها بين رجلٍ وامرأة، شيخٍ وطفلِ، مسلمٍ وغير مسلم من أبناءِ الوطن، إرهابٌ، كَشَف عن وجههِ القبيح يهدِفُ إلى تقويضِ العمليةِ الديمقراطيةِ وتدميرِ اقتصادِنا، مؤكدًا أن الشعبَ المصريَ العظيمَ، الذي نجحَ في فرض إرادته، مصّر وقادر علي القضاءِ علي الإرهاب في إطارِ سيادة القانون. وأضاف وزير الخارجية أنه"وأَثِقُ في أَنَّ المجتمعَ الدولي بِأَسرِهِ، سيَقِفُ بحزمٍ إلى جانبِ الشعبِ المصري في معركتِه لدحرِ العنفِ والداعين إليه ولنْ يَتَقَبّلَ مُحاولاتِ تبريرِه أو التسامحِ معَهُ وفي ذلك الإطار، أود أن أتقدم بخالص التعازي لدولتي وشعبي كينيا وباكستان على ضحايا الحادثين الإرهابيين اللذين تعرضتا لهما مؤخراً، مشيرًا إلى تطلعَ مصرَ إلى تعزيزِ ديمقراطيةِ العلاقاتِ الدوليةِ المعاصرة وإلى مدِ جسورِ التعاونِ بينَ الشعبِ المصري وكل شعوب العالم على أساسِ استقلالِ القرار، والاحترامِ المُتبادل، وعدمِ التدخلِ في الشؤونِ الداخليةِ للدول ووفقَ علاقاتِ تقومُ على النديةِ، وتكون ركيزتها رؤية مستقبلية بناءة وحضارية. وأشار نبيل فهمي، في كلمته أمام الجمعية العامة، إلى أن سياسةُ مصرَ الخارجية، أصبحت تعكسُ الإرادة الشعبية وتُصاغُ على نحوٍ يتَسِقُ مع مصالحِها الوطنية وأمنِها القومي بعيداً عن أي اعتبارات أخرى، مضيفًا: "ولاغُلُوَ في تقريرِ أَنَّنَا نُدْرِكُ، بمسؤوليةٍ تامة، ارتباطَ أَمنِ مصرَ القومى بقضايا وأَمنِ أُمَتِها العربية كما تَلْتَزِمُ مصرُ بِحُكمِ الموقعِ، والتاريخِ، والانتماء بمواصلةِ الدفاعِ عن مصالحِ قارتِها الإفريقية وبالتصدي لقضايا العالمِ الإسلامي، ونشر قيم الاعتدال، وسماحة الإسلام، وتعزيز الحوار بين الأديان السماوية وبتبنِي التحدياتِ التي تُواجِهُ دولَ الجنوب في عالمٍ تَخْتَلُ فيه موازينُ القوى". وأضاف: "بلغَتِ المأساةُ في سوريا حَدَ استخدامِ الأسلحةِ الكيميائية والتي نُدينُ بشدة اللجوءَ إليها ومن ثم نؤيد الاتفاقَ الذي تَمَ التوصل إليهِ بين روسياوالولاياتالمتحدة وكذلك قرار مجلس الأمن رقم 2118 ونحرص على ضرورةِ معالجةِ السياقِ الأوسعِ للأزمة السورية"، مضيفًا أن الدولةُ السوريةُ ذاتها اقترَبَتْ من حافةِ التفكك الأمرُ الذي يستلزمُ التوصلَ إلى تسويةٍ سياسيةٍ عاجلة، تحققُ للسوريينَ الحريةَ والكرامةَ والديمقراطيةَ التي يَصْبُونَ إليها، وتصونُ وحدةَ كيان الدولة وهو ما نأملُ في أَنْ يتَحقَقَ من خلالِ عقدِ مؤتمرِ جنيف الثاني... وصولاً، إلى إنشاءِ سلطةٍ انتقاليةٍ تضعُ حَداً للاحترابِ الأهلي وللتدخلاتِ الخارجيةِ، التي طالما حذرنا من تداعياتِها. وأوضح فهمي أن قضيةُ فلسطينَ تظلُ مصدرَ التوترِ الرئيسي في منطقتَنا، التي مازالت تُعاني من تداعياتِ استمرارِ احتلالِ إسرائيل للأراضي العربية وتكثيفِ الأنشطةِ الاستيطانية حتى كادَ الأملُ في إمكانيةِ تحقيقِ حلِ الدولتين يتلاشى دونَ رجعة، مرحّبًا بالجهودَ التي بَذلَتْها الولاياتُالمتحدة، لدعمِ استئنافِ المفاوضاتِ الفلسطينيةِ الإسرائيلية، ومشيرًا إلى أن حِرصَ الطرفينِ على الالتزامِ بالانخراطِ فى عمليةٍ تفاوضيةٍ مُحددةٍ، بإطارٍ زمنى، يمثلُ تطوراً هاماً، الأمرُ الذي يدعُونا للعملِ على أَنْ تُؤَدِي المفاوضات الجارية إلى تسويةٍ نهائيةٍ لهذه المشكلةِ، والتي تَعُودُ جذورُها إلى القرنِ الماضي.أثق أن المجتمع الدولي سيساند المصريين في مواجهتهم للعنف ودعاته ولفت وزير الخارجية إلى أن مصرُ تستمرُ في دعمِ حقِ الشعبِ الفلسطيني في تقريرِ المصير وإقامةِ دولتهِ المستقلةِ ذاتِ السيادة، وعاصمتُها القدسُالشرقية، على كاملِ أراضي الضِفةِ الغربيةِوغزة وفقَ مبادرةِ السلامِ العربية، وتأسيساً على المرجعياتِ ذاتِ الصلة، مؤكدًا على أن عدم الوفاء باحتياجات سكان قطاع غزة هو أمر لم يعد مقبولاً سياسياً أو أخلاقياً لِذا، نطالب إسرائيل والمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتهما بما يضمن وصول المواد الأساسية للشعب الفلسطيني في القطاع ونؤكد استعدادنا التعاون مع السلطة الفلسطينية، وكل الأطراف المعنية، للتوصل إلى ترتيبات مناسبة، لتوفير هذه الاحتياجات بطرق مشروعة وشفافة. وقال فهمي، إن بناء شرق أوسط جديد لن يتأتي بدون ضمانِ الحقِ في الأمنِ المتساوي والتخلصِ من التهديداتِ التي يُمَثلُها وجودُ الأسلحةِ النوويةِ وأسلحةِ الدمارِ الشاملِ الأخرى في منطقتِنا بما يهدد مصداقية نظام منع الانتشار بل ومصداقية الأممالمتحدة ذاتها، معلنًا عن مبادرة والتي تتضمن دعوة جميع دولِ الشرقِ الأوسطِ، وكذلك الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن لإيداعِ خطاباتٍ رسميةٍ لدى السكرتيرِ العام للأممِ المتحدة، بتأييدِها لإعلانِ الشرقِ الأوسطِ منطقةً خاليةً من أسلحةِ الدمارِ الشامل النوويةِ والكيميائيةِ والبيولوجية، ثانيًا قيام دولَ المنطقةِ غير الموقعةِ أو المُصادِقةِ على أي من المعاهداتِ الدوليةِ الخاصةِ بأسلحة الدمار الشامل أن تلتزم، قبلَ نهايةِ العامِ الجاري بالتوقيعِ والتصديقِ على المعاهداتِ ذاتِ الصلةِ بشكلٍ متزامن وأَنْ تُودِعَ هذه الدولُ ما يؤكدُ قيامَها بذلك لدى مجلسِ الأمن وأدعو السكرتيرَ العامَ للأممِ المتحدة، لتنسيقِ اتخاذِ كل هذهِ الخطوات بشكلٍ متزامن كشرطٍ أساسىٍ لنجاحِها وهوَ ما يَعني تحديداً: أ- انضمامَ إسرائيلَ إلى معاهدةِ منعِ الانتشارِ النووى كدولةٍ غيرِ نووية وتصديقَها على اتفاقية الأسلحةِ الكيميائية وتوقيعَها وتصديقَها على اتفاقية الأسلحةِ البيولوجية. ب- تصديقَ سوريا على اتفاقية الأسلحةِ البيولوجية واستكمالَ الخطواتِ التي تعهدَت بها بشأنِ اتفاقية الأسلحةِ الكيميائية. ج- تصديقُ مصرَ على معاهدةِ اتفاقية الأسلحة البيولوجية والتوقيعُ والتصديقُ على اتفاقية الأسلحةِ الكيمائية، وذلك مقابل استكمال كل دول الشرق الأوسط إجراءات الانضمام للمعاهدات الدولية، لحظر أسلحة الدمار الشامل والمعاهدات والترتيبات المتصلة بها. ثالثاً: مواصلةُ الجهودِ الدوليةِ لضمان سرعةِ انعقاد المؤتمر المؤجل عام 2012 لإخلاءِ الشرقِ الأوسطِ من أسلحةِ الدمارِ الشامل ليتم عقده قبل نهاية هذا العام وكحدٍ أقصى في ربيع عام 2014. وأضاف فهمي أن إفريقيا مازالت بحاجةٍ لتضافرِ الجهودِ الوطنيةِ والإقليميةِ والدوليةِ، لمساعدَتِها على مواجهة التحديات والنزاعات المتعددة، مضيفًا: "أَنَّنَا بصددِ إنشاءِ وكالةٍ مصريةٍ للمشاركةِ من أجلِ التنمية وأَنَّنَا سنعملُ على توجيهِ معظم مواردِ هذه الوكالة إلى الدولِ الإفريقيةِ، بما يتيحُ الاستفادةَ من الإمكانيات والرصيدِ المُتراكمِ للخبراتِ الفنيةِ المصرية. وأوضح فهمي أن الحديثَ عن ديمقراطيةِ العلاقاتِ الدوليةِ الراهنةِ، وسيادةِ القانونِ على المستوى الدولي لا يستقيمُ دونَ تحقيقِ الإصلاحِ الشاملِ والجوهري لمنظومةِ الأممِالمتحدة حتى تكون أكثرَ قدرةً وقابليةً على مواجهة التحديات والاستجابة لطموحات الشعوب، مشيرًا إلى أن السبيلَ المنطقي والسليم، لتحقيقِ هذا الإصلاح المنشود، هو إصلاحُ وتوسيعُ مجلسِ الأمن ومن ثَمَ، تٌجدِدُ مصرُ دعوتَها لإنهاءِ احتكارِ الدولِ دائمةِ العضويةِ لعمليةِ صنعِ القرارِ داخلَ المجلس ولتصحيحِ الظلمِ التاريخي الواقعِ على إفريقيا، جراءَ عدمَ تمثيلِها بفئةِ العضويةِ الدائمة، فضلاً عن ضعفِ تمثيلِها بفئةِ العضويةِ غير الدائمة، فلن تتخلى إفريقيا عن مطالبتِها بالحصولِ على التمثيلِ الدائمِ الذي تستحقُه، وفقَ ما هو محددٌ بتوافقِ أوزولويني، وفى إعلانِ سرت.مصر تعرضت لإرهاب لم يفرق بين رجل وامرأة وشيخ وطفل ومسلم وغير مسلم وأكد فهمي أن أولويات عَملِ مصر ضمن منظومةِ الأممِالمتحدة والتي تشمل: تعزيزُ منظومةِ حقوقِ الإنسانِ الوطنية والدولية معالجةُ مشكلةِ غيابِ الديمقراطيةِ في إدارةِ العلاقاتِ الدولية الإسراع بتنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية، وتحقيق نزع السلاح النووي ومكافحة الفساد بما في ذلك استعادةَ الأموالِ المُهربة والمَنْهوبة لرموز نظم أسقطتها شعوبنا، مشيرًا "عزمنا مواصلةُ العملِ من أجلِ احترام حقوق الإنسان وتمكينِ المرأةِ على المستويينِ الوطني والدولي وإفساحُ المجالِ أمامَ الشباب للمساهمةِ بفاعليةٍ في صياغةِ رؤيتِنا للعالمِ ولمستقبلِ أوطاننا". كما أود التشديد على أهمية تضافر الجهودِ الدوليةِ لمواجهةِ خطر الإرهاب، وتطويرُ دورِ الأممِالمتحدةِ في تنسيقِ جهودِ مكافحتِه ومعالجةِ جذوره، معربًا عن أملٌه أَنْ تكونَ رسالة شعب مصر ورئيسها قد وصلَت للجميع، وفي أَنْ يتَحولَ ما عَبَرتُ عنه من تطلعاتٍ، وآمالٍ، إلى حقائقَ ترتضيها شعوبُنا من أجلِ الرقي والسلامِ، والتنمية وأَنْ نَعودَ في العامِ المِقبل لنَجنِي ثمارَ ما تحققَ من إنجازات".