عندما يتحول اللون الأبيض لفستان العروس إلى أسود يرتديه الأهل حزنا على فراقها ابحث عن الفساد والإهمال. تحول الرداء ذو اللون الأبيض من فستان إلى كفن، بعدما أقنع الطبيب العروس باحتياجها لعملية استئصال الزائدة، ولكنه لم يقم إلا بشق جراحي استهدف منه استنزاف جيوب الأسرة. فتاة كانت على مشارف الزواج، والدها بمنتصف الخمسينات دفع الحزن بسنوات عمره فصار عجوزا، حفرت الدموع في وجهه خطان أسودان متوازيان يتصارع بينهما الشعور بالظلم والقهر والرغبة في عقاب من ضيع منه ابنته. يتحدث ذلك الأب المكلوم "مصطفى عبد الحميد" عن معاناة خمسة شهور بدأت بشعور ابنته هيام 26 سنة بآلام بالبطن لم تتحملها، فذهب بها إلى أحد أطباء المسالك البولية ومنه إلى طبيب آخر يدعى " م . ا " أخبره أن سبب آلام ابنته أن الزائدة الدودية متفجرة بداخلها منذ 10 أيام ومن ثم يستوجب إجراء عملية عاجلة لها. ودخلت هيام إحدى المستشفيات الخاصة وأجريت لها العملية، وبعدها خدعهم الطبيب نفسه وأخبرهم أنه استئصل الزائدة التي كانت ملتفة على القولون والمبايض ويحتمل حدوث جرح بالقولون وخروج ناثور برازي، وكان ذلك تبريرا مسبقا لما سيجد الأهل ابنتهم عليه حيث فوجئت أم الفتاة بعد 3 أيام من العملية بخروج براز بالجانب الأيمن حيث فتحة العملية. وكتب الطبيب في تقريره عن الحالة المرضية "تم دخولها إلى المركز في تمام 6 مارس لإجراء جراحة زائدة ملتهبة وتم عمل استكشاف جراحي، وتم خروج الحالة من المستشفى في تمام يوم 12 مارس، وتحتاج إلى راحة بعد العملية مدتها شهر كامل من تاريخه". لكن آلام الفتاة استمرت ولم تنته، واستمر الجرح بإخراج فضلات الجسم، وخلال تلك الفترة لجأ الأب لعدة أطباء أوهمه أحدهم بقدرته على علاجها شرط أن تدخل بمستشفى خاص يملكه، وخدع الأب المكلوم مرة أخرى فكان على استعداد أن يدفع كل ما يملك ويقترض عليه حتى تستعيد ابنته عافيتها مرة أخرى، ومكثت خلالها 10 أيام دفع فيها الأب 4 آلاف جنيه لم يدر كيف دبرها، لكن حالها تبدل من سئ إلى أسوا، فعاد الأب بابنته مرة أخرى إلى المنزل لكن ما أفسده الأطباء لا يعالجه إلا طبيب السماء. اشتدت آلام ابنته حتى توجهت بها أمها في أحد الليالي إلى مستشفى السويس العام، هناك صادفهم طبيب جراح لديه من الضمير ما يكفيه ليقول الحقيقة حتى لو على حسابه فأخبر والدها أن ابنته في حاجة إلى عملية جراحية وأوصاه بطبيب بالقاهرة وتحدث معه طبيب المستشفى ووصف له حالة الفتاة، فطلب من والدها إجراء إشاعتين مقطعين وأخرى آشعة بالباريوم على أن يحضر بها نهاية الشهر. استجاب الأب وانتقل بابنته التي تنتهي يوم بعد يوم لإحدى المستشفيات الخاصة بالقاهرة وأجريت لها عملية جراحية استغرقت 3 ساعات، فيما أقر الطبيب لوالد الفتاة ما تعرضت له بعد العملية الأولى وذكر في تقريره الطبي أن المريضة نتيجة للعملية الأولى تعرضت لصدمة تسممية أعقبها ارتفاع بدرجة الحرارة وزيادة معدل التنفس ونبض القلب، فضلا عن أن الجراحة خلفت ورائها إصابات بنهاية الأمعاء الدقيقة، وتم استئصال ذلك الجزء من الأمعاء وإخراج نهايتها من جدار البطن لإخراج البراز، وكانت المفاجأة أن الطبيب وجد الزائدة كما هي فتم استئصالها وعثر أيضا على تجمع صديدي بالحوض تم تفريغه، وثقب بالمسقيم تم غلقه بوضع جزء من منديل البطن عليه. لم يتمالك الاب نفسه أمام ما فاجأه به الطبيب، هول الصدمة أفقده القدرة على التوازن فسقط أرضا، وشريط طويل من الأحداث يدور في رأسه يلخص حصيلة ما تعرض له من خداع وابتزاز من أطباء لا يعرفون الرحمة، انتهى برسالة مفادها أن الطبيب شق بالمشرط وأحدث جرحا ثم أعاد خياطته دون أن يخرج شيئا اللهم إلا ما لحق بالجهاز الهضمي من جروح وإصابات. مكثت الفتاة بعد العملية في غرفة العناية المركزة قرابة شهر بالمستشفى الخاص ثم تم تحويلها لمستشفى الدمرداش ومكثت شهر أيضا حيث آن والدها لم يستطع تحمل نفقات مصاريف المستشفى الأولى، لكن المريضة نفسها كانت أقل تحملا لتلك العمليات التي أكلت فيها المشارط أمعائها فتوفاها الله رحمة منه بفتاة وقعت بين أيدي أطباء لا يعرفون معنى الرحمة. والمفاجأة الأسوأ من ذلك أن الأب حينما تقدم بمذكرة لنقابة الأطباء قبل وفاة ابنته بأسبوع يتهم فيها الطبيب الذي أجرى العملية الأولى بالخداع وأنه المتسبب في تدهور حالتها وتلف جهازها الهضمي اكتشف أنه طبيب أطفال ولا علاقة له بالجراحة. قام الأب بتحرير محضر بقسم شرطة السويس يتهم فيه الطبيب بالتسبب بوفاة ابنته، وقيد في النيابة العامة برقم 2666 اداري السويس وبدأ التحقيق فيه تحت إشراف المستشار أحمد عبد الحليم المحامي العام لنيابات السويس.