التعليم العالي: تقدم 28 جامعة في تصنيف التايمز العالمي للجامعات الناشئة 2024    طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان العلوم    المجلس الأعلى للحوار الإجتماعي يستكمل جلساته برئاسة وزير العمل    «الصحفيين» تدعو قيادات الصحف للاجتماع التحضيري للمؤتمر العام الثلاثاء المقبل    مفتى الجمهورية: الالتزام بالقوانين المنظمة للحج ضمن شرط الاستطاعة ويجب عدم مخالفتها    برلماني عن قانون إدارة المنشآت الصحية: من فشل في الإدارة لن يكون كفء في الرقابة    توريد 200 ألف طن من محصول القمح لصوامع البحيرة    وصول 96 ألف طن قمح على متن سفينتين لصالح هيئة السلع التموينية والقطاع الخاص    مؤتمر أخبار اليوم العقاري | أحمد العتال: أسعار العقارات لن تنخفض خلال الفترة القادمة    الرئيس السيسي يهنئ نظيره التشادي بفوزه في الانتخابات الرئاسية    محمد حمزة يهزم لاعب التشيك ويضمن ميدالية لمصر في بطولة الجائزة الكبرى لسلاح الشيش    وسام أبوعلي: سنقاتل للفوز بدوري أبطال أفريقيا    مصدر من نادي إينتراخت فرانكفورت يكشف ل في الجول مصير عملية مرموش الجراحية    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    إصابة طالبة بإعدادية الأزهر بالزائدة الدودية في الشرقية    أمن الجيزة يضبط طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء داخل مدرسة بفيصل    متى تبدأ العشر الأوائل من ذي الحجة 1445 وما الأعمال المستحبة بها؟    السجن 3 سنوات ل حارس عقار و2 آخرين بتهمة «السرقة بالإكراه» في منطقة التجمع الخامس    «دراما الشحاذين» يستهل فعاليات المهرجان الختامي لنوادي المسرح ال31    خفة ظله «سر» شهرته.. ذكرى وفاة الفنان حسن مصطفى    تعرف على النجم الأقل جماهيرية في شباك تذاكر أفلام السينما السبت    «القومي للبحوث» يوجه للأمهات بعض النصائح للتعامل مع الجدري المائي    نصائح مهمة من «الصحة» بسبب الطقس الحار.. تجنبوا الخروج واغلقوا النوافذ    الوقوف فى طابور وحفر المراحيض وصنع الخيام..اقتصاد الحرب يظهر فى غزة    ولي العهد السعودى يبحث مع مستشار الأمن القومى الأمريكى الأوضاع فى غزة    أوكرانيا: القوات الجوية تسقط 37 طائرة روسية دون طيار    المصرين الأحرار عن غزة: الأطراف المتصارعة جميعها خاسرة ولن يخرج منها فائز في هذه الحرب    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    إصابة 4 مواطنين فى مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    رئيس النواب: القطاع الخاص لن يؤثر على تقديم الخدمة للمواطن أو سعرها    رئيس جهاز السويس الجديدة تستقبل ممثلي القرى السياحية غرب سوميد    وزير المالية: حريصون على توفير تمويلات ميسرة من شركاء التنمية للقطاع الخاص    وزيرة التضامن الاجتماعي تشهد إطلاق الدورة الثانية لملتقى تمكين المرأة بالفن    عماد الدين حسين: تعطيل دخول المساعدات الإنسانية لغزة فضح الرواية الإسرائيلية    توقعات الأبراج 2024.. «الثور والجوزاء والسرطان» فرص لتكوين العلاقات العاطفية الناجحة    وزيرة التضامن تلتقي بنظيرها البحريني لبحث موضوعات ريادة الأعمال الاجتماعية    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ترامب ينتقد بايدن مجددًا: «لا يستطيع أن يجمع جملتين معًا»    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    وزير الصحة: التأمين الصحي الشامل "مشروع الدولة المصرية"    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    الأمور تشتعل.. التفاصيل الكاملة للخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    رئيس النواب يفتتح أعمال الجلسة العامة    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    كيف تستمتع بنوم عميق في الطقس الحار؟    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. آمال عثمان تكتب: «الحشاشين» أخطر جماعة سرية في التاريخ الإسلامي
ملحمة درامية تكشف صناعة الوهم والتلاعب بالعقول تحت عباءة الدين

أوغلت الدراما فى صفحات التاريخ، وأطلت على فترة زمنية خصبة من حياة الدولة الفارسية، لتكشف حالة التخبط الفكرى والسياسى الذى ساد العالم الإسلامي، خلال فترة مليئة بالصراعات والاضطرابات والمؤامرات، وما نشأ فيها من انقسامات مذهبية وطائفية متناحرة، انبثقت عنها جماعات وخوارج ومعتزلة وفرق ملتحفة بعباءة الدين، ومكتسية برداء الورع والزهد والفضيلة، وانتقى الكاتب المبدع «عبد الرحيم كمال» أشد الحكايات تعقيداً وغموضاً فى التاريخ الإسلامي، وأكثرها دموية وفتكاً وقساوة، فرقة «الحشاشين» الباطنية الإسماعيلية، ومؤسسها حسن الصباح، أدهى من سار على قدمين فى هذه الدنيا، تلك الفرقة التى بثّت الفزع والرعب فى مشارق العالم ومغاربه، وخرج من غلالتها وبجادها أغلب الجماعات التكفيرية وأعنفها تطرفاً ودموية.
أبدع السيناريست «عبد الرحيم كمال» ملحمة درامية تمتطى صهوة الخيال، وتتأرجح بين شفا الأسطورة وحافة الواقع، ونسج سيناريو تتشابك فيه الحقيقة بكنف الخرافة، ويتصارع فيه الحق مع الباطل، بأسلوب سردى جذاب ومشوق، ولغة سلسة تجمع بين الرقى والبساطة، ليخاطب بها الوعى الجماهيري، ويوقظ غفاة البشر والسائرين نياماً، وإيماناً بأن من يدرك الماضى يقود الحاضر ويشكل المستقبل.
وفّرت الشركة المتحدة للعمل كل عوامل النجاح بالمقاييس العالمية، ورصدت له ميزانية ضخمة، تليق بخطورة قضية تلقى بظلالها على العصر، وقصة حقيقية نالت مساحة جدلية واسعة بين المؤرخين والمستشرقين، وتباينت حولها آراء الكتاب والمؤلفين، بطلها شخصية تراجيدية بامتياز، رجل قادر على أن يُلبس الحق بالباطل، والإيمان بالكفر، وإنسان اختلفت حوله سطور الأقلام، وتضاربت فى وصفه المراجع والأقاويل، واجتهادات المؤلفين من بقايا كتبهم ومكاتباتهم التى أُحرقت على أيدى المغول، وصوّرته تارة داهية ماكرا شديد الذكاء، وسفاحاً دموياً مستبداً يطمح للزعامة، وصاحب عقل راجح وفكر سديد وعقيدة راسخة تارة أخرى، وفى حين يصفه البعض بأنه شخصية قوية ومؤثرة، وعالم فى الهندسة والحساب والنجوم والسحر والفراسة، يرى آخرون أنه ناسك صاحب قدرات خارقة أقرب إلى شخصية «راسبوتين» الذى كان فلاحاً وصار مقدساً وسط الجهلاء الفلاحين!
لذا استحوذ المسلسل على اهتمام الجمهور على امتداد الوطن العربي، وحقق المشاهدة الأعلى من بين الأعمال الفنية المتعددة التى أضاءت شاشة رمضان هذا العام، وشكلت وجبة درامية متنوعة ومتميزة، ترضى مختلف الأذواق والطبقات والأجيال، دون إسفاف أو ابتذال أو استخفاف بعقول المشاهدين، وأستطيع القول -بكل أريحية- أن المخرج «بيتر ميمي» حقق نقلة نوعية فى مسيرة الدراما التاريخية، التى صارت توجهاً عالمياً له جمهوره الواسع، وأحالها من مقاعد المتفرجين إلى حلبة المنافسة، وقدم سطوراً من الماضى بلغة العصر، وعملاً درامياً تاريخياً يفيض إبهاراً وتشويقاً وجاذبية، مع فريقه الفنى والتقني، مدير التصوير «حسين عسر» البارع فى إضاءة الصورة، واختيار الكادرات والزوايا واللقطات والألوان، ومهندس الديكور «أحمد فايز» من نجح فى خلق عالم ينقل المشاهد عبر الزمان والمكان، والمونتير المبدع «أحمد حمدي» الذى كثف الإحساس بالمعنى والأفكار وضبط الإيقاع والحركة، والمؤلف الموسيقى «أمين أبو حافة»، واختيار أغنية التتر من كلمات رباعيات عمر الخيام، بصوت المنشد «وائل الفشني».
كما برع المخرج فى اختيار شخصيات المسلسل، بما فى ذلك الأدوار المساعدة والثانوية، واهتم بكل تفاصيلها، ونجح النجم «كريم عبد العزيز» فى الولوج إلى أعماق شخصية حسن الصباح، مؤسس طائفة دولة الحشاشين الإسماعيلية النزارية، أخطر جماعة دينية سرية تأسست فى العالم الإسلامي، والذى منح نفسه لقب «سر الكون» و «حامل مفتاح الجنة»، وأوهم أتباعه بأن أحلامه إلهام إلهى ورؤاه انحياز رباني، أقام فى قلعة «ألموت»، الحصن الذى يقع فوق صخرة على ارتفاع 6 آلاف متر، استعصت على الغزاة لأكثر من 160 عاماً قبل أن يدمرها المغول، ولم يخرج منها طوال 35 عاماً، وكان ينتقى الصبية ويدربهم على عمليات الاغتيال، بطرق دموية وأساليب شيطانية، وإيهامهم بالفردوس للسيطرة عليهم فكرياً وعقائدياً، ودفعهم للتضحية بأنفسهم طمعاً فى دخول الجنة، عبر أسرع طريق يختصر عقوداً من العبادة!
وجسّد «كريم» ببراعة انفعالات ومواقف الشخصية، دون مغالاة أو مبالغة، ودون إثارة التعاطف أو التماهى معها، أو التعلق بمواقفها وأفكارها، وأمعن الفنان المتألق «فتحى عبد الوهاب» فى تجسيد شخصية الوزير «نظام الملك»، وأجاد الفنان «نيقولا معوض» فى تصوير شخصية الشاعر عمر الخيام، أما اختيار الفنان «أحمد عيد» لأداء شخصية «زيد بن سيحون» فيُعد مفاجأة المسلسل، وصفحة جديدة يكتب بها تاريخاً فنياً جديداً لنفسه، بعد التحول الكبير فى اختيار نوعية أدواره منذ العام الماضي.
منذ سنوات لم استمتع بعمل فنى تاريخي، مثلما آسرت واستغرقت فى مسلسل «الحشاشين»، بداية من التتر الساحر الخلاب، كلمات رباعيات عمر الخيام، بصوت المنشد «وائل الفشني»، والموسيقى الملهمة للموسيقار «أمين أبو حافة»، والولوج من بوابة التاريخ من خلال إشارات خاطفة، منذ بداية رسالة الإسلام لإصلاح أحوال الناس وأرواح العباد، مروراً بالخلفاء الراشدين الأربعة، وصولاً إلى الخلافة الأموية، ثم العباسية التى حكمت نصف الكرة الأرضية، ثم تدهورت بغداد وساءت أحوالها عند القرن الحادى عشر، وظهور مجموعة من الرعاة الأتراك أسسوا الدولة السلجوقية، وأعدوا لها أكبر جيوش الأرض، وفى المقابل كانت الدولة الفاطمية فى مصر والمغرب فى أضعف حالاتها.
تحية لكل من شارك فى هذا العمل الفنى الذى أمتعنا وأحترم عقولنا، ووضع أعمالنا التاريخية على أبواب المنافسة العالمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.