يبدو أن السحر انقلب على الساحر، فالسينما الأمريكية التى ظلت دائما تتنبأ بانهيار أنظمة ودول وشعوب من الداخل، بل وفناء عوالم وأن الولاياتالمتحدة تبقى الاستثناء الوحيد القوى والمتماسك، تواجه وبنفس السلاح «السينما» نبوءة بالتفكك والانهيار وأن كثيرا من ولاياتها سوف تعلن العصيان والاستقلال عن وطنها الأم. النبوءة الجديدة تتكشف ملامحها قريبا، عندما يفجرها فيلم الإثارة الجديد «الحرب الأهلية» Civil War للمخرج الإنجليزى أليكس جارلاند أحد أكثر الأفلام المنتظرة بشغف خلال عام 2024، حيث يقدم صورة قاتمة للولايات المتحدة «المنقسمة» على نفسها. الفيلم الذى تقدر ميزانيته ب 75 مليون دولار، ويقوم ببطولته كيرستن دانست، فاجنر مورا، كايلى سبايني، ستيفن ماكينلى هندرسون، جيسى بليمونز، نيك أوفرمان، يصور الولاياتالمتحدة فى خضم الصراع، تغرق فى حرب أهلية مميتة بين مواطنيها. مع انفصال 19 ولاية وتواجه الحكومة الأمريكية جيشًا من تكساس وكاليفورنيا يسمى «القوات الغربية». الوصف الرسمى للفيلم الذى أطلق عليه هو «سباق إلى البيت الأبيض فى المستقبل القريب لأمريكا متوازن على حافة الهاوية». فيلم المخرج أليكس جارلاند الذى تدور أحداثه فى المستقبل القريب مع دخول الولاياتالمتحدة فى صراع عنيف، يضع المشاهدين فى خضم حرب أهلية أمريكية جديدة ، يبدأ المقطع الدعائى بمشاهد الدمار فى جميع أنحاء البلاد، إلى جانب تقارير إخبارية تفيد بانفصال حقيقى ل 19 ولاية. نيك أوفرمان، الذى يجسد دور الرئيس الأمريكى، نراه فى المقطع الدعائى يقول بتعال كعادة تصريحات المسئولين هناك: «إن مواطنى أمريكا، ما يسمى بالقوات الغربية فى تكساس وكاليفورنيا، عانوا من هزيمة كبيرة للغاية على يد جيش الولاياتالمتحدة». تلعب كيرستن دانست دور مصورة فوتوغرافية توثق الفظائع التى حدثت أثناء الغزو الهائل الذى حدث فى 4 يوليو فى واشنطن العاصمة، يجب عليها السفر عبر الطرق السريعة التى تم قصفها وتفادى الرصاص للقيام بعملها، الأمر الذى يثير إحباطها كثيرًا. بينما تستخدم الغارات الجوية الحكومية ضد المدنيين ويتم إطلاق النار على الصحفيين بمجرد رؤيتهم فى مبنى الكابيتول. فى المقطع الدعائى أيضا نرى أمريكا خيالية وسط صراع مسلح، الانقسامات السياسية المتصاعدة تظهر مشاهد الدمار فى الولاياتالمتحدة، إلى جانب تقارير إخبارية عن الحرب الأهلية التى تظهر فى الخلفية، نسمع مذيع الأخبار يقول فى تعليق صوتي. «لقد انفصلت 19 ولاية وأصدر البيت الأبيض تحذيرا للقوات الغربية وكذلك لتحالف فلوريدا.» ليس من الواضح ما الذى يتقاتل من أجله كل جانب وخاصة تكساس وكاليفورنيا التى تبدو كدولة متمردة واحدة. هناك أصوات يبدو أنها انزعجت من تلك الرؤية السينمائية وقالت «يجب ألا يكون لهذا الفيلم أى أساس فى الحياة السياسية الواقعية خاصة إذا تعاونت هاتان المنطقتان لكن علينا أن نتعامل مع صعود الفاشية الشعبوية، والانقسامات السياسية المتصاعدة». إنها نبوءات السينما ولننتظر إلى أى مدى يمكن ان تتحقق.