إذا كانت الأحداث والأزمات تظهر معادن البشر فإن الحروب التى تتعرض لها الشعوب هى التى تؤكد معدنهم وتقدمه للعالم بكل وضوح وهذا ما أثبته الشعب الفلسطينى لكل الدول وسيسجل التاريخ فى صفحات من نور موقف الشعب الفلسطينى الأصيل خلال ما واجهه وما زال سواء فى دفاعه عن وطنه أو فى صموده وصبره واحتسابه أمام العدوان الإسرائيلي» التتارى «الذى وصل إلى حد ارتكاب جرائم حرب تجرمها القوانين الدولية وتحرمها الشرائع السماوية من قصف متواصل وتدمير شامل للمدارس والمستشفيات والأبنيه المدنية بل أن الأبنية التابعة لمنظمات الأممالمتحدة الإغاثية لم تسلم ايضا من هذا القصف غير الإنسانى مما اضطر ثلاثة أرباع سكان غزة إلى الفرار من منازلهم والنزوح إلى مراكز الإيواء والخيام تهددهم مخاطر الأوبئة بعد انهيار القطاع الصحى بالكامل وبالمجاعة فى غياب مياه الشرب والمواد الغذائية وحرب التجويع التى تقوم بها إسرائيل . وأمام كل هذه المعاناة من الإبادة الجماعية وشلالات الدماء ومحاولات التهجير القصرى ماذا وجدنا من الشعب الفلسطينى قتال شرس من أفراد المقاومة الذين يقومون بأعمال فدائية فى مواجهة الجيش الإسرائيلى وصلت إلى حد التلاحم مع الجنود المسلحين بأحدث العتاد الحربى والتفوق عليهم .. وعلى الجانب الآخر مدنيون يضربون أروع الأمثلة للصمود والصبر والتمسك بأرض الوطن لأخر نفس وقطرة من دمائهم..ويأتى المراسل الصحفى لقناة الجزيرة « وائل دحدوح» نموذجاً يختزل الرواية الفلسطينية، حيث فقد خلال القصف الإسرائيلى الشرس زوجته وابنته وحفيده و20 آخرين من عائلته أخرهم منذ أيام ابنه الكبير المراسل الصحفى «حمزة دحدوح» الذى استشهد هو وزميله «مصطفى ثريا» فى استهداف صاروخى لسيارتهما وهما فى طريقهما لأداء عملهما لتغطية الأحداث ليرتفع عدد الشهداء من الصحفيين الذين فقدوا أرواحهم خلال العدوان الإسرائيلى حتى الآن إلى 109 شهداء فضلاً عن استشهاد 142 من موظفى المنظمات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة وهو أكبر عدد يقتل فى أى حرب من قبل . اما آن الاوان لأن يستيقظ الضمير العالمى وتقف مجموعة «الكبار» مع الحق والإنسانية وصوت الشعوب وتوقف المهزلة التى تقوم بها إسرائيل وتقدم حلاً جذرياً للمعاناة المتواصلة للشعب الفلسطينى الأبى الصامد الذى أثبت بالفعل أنه شعب من معدن نفيس.
