تفاقمت الصعوبات والمعاناة بشكل كبير بالنسبة لآلاف المرضى في قطاع غزة، حيث انقطعت الخدمات الطبية بشكل شبه كامل في القطاع منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر، وتعرضت المستشفيات والمستوصفات والعيادات لضربات متكررة مما جعل الوضع الطبي يزداد تعقيدًا بالنسبة لهؤلاء المرضى. واليوم يعيش المرضى في غزة حقيقة مريرة، إذ يجدون أنفسهم في قلب صراع دامي آخر، حيث يتعرضون لخطرين متزامنين، الأول هو خطر القصف المتواصل الذي لا يعرف توقفًا والذي يهدد حياتهم بشكل مباشر، والثاني يتعلق بمعاناة مرضهم وصعوبة الوصول إلى العلاج، بالإضافة إلى صعوبة التحرك والوصول إلى المستشفيات نظرًا للأوضاع الاستثنائية في القطاع وضغط العمل الكبير الذي تشهده المستشفيات والمرافق الطبية. وأصبحت معاناة المرضى في غزة تزيد بشكل كبير بسبب التدهور المستمر للوضع الصحي في المستشفيات، وتصاعدت أعداد الجرحى بشكل كبير، مما تسبب في ضغط هائل على الموارد الطبية والكوادر الصحية في القطاع. تعقيد المشهد ل«مرضى الكلى» وكانت وزارة الصحة في قطاع غزة دائمًا تعمل بجد لتوفير الخدمات الطبية الحيوية للمواطنين، وكانت في كثير من الأحيان تستفيد من دعم المؤسسات العربية والدولية لتقديم مساعدة لمرضى الكلى، حيث كانت توفر وسائل النقل لحمل مرضى الكلى إلى المستشفيات لإجراء جلسات غسيل الكلى المهمة، والتي كانت تتكرر مرتين في الأسبوع لكل مريض، ولكن الحرب الأخيرة على غزة أدت إلى توقف هذه الخدمات الحيوية، وهذا التوقف جعل أهالي المرضى يبحثون عن بدائل صعبة للوصول إلى المستشفيات بمعاناة كبيرة بالنظر إلى انعدام المواصلات العامة تقريبًا، حسبما أفادت "فرنس برس" الفرنسية. ومع تفاقم الأوضاع في غزة، يزداد تعقيد المشهد لمرضى الكلى الذين يعانون من مشقة الوصول إلى المستشفيات، فالأولوية الآن تذهب للجرحى والمصابين الذين يحتاجون للعلاج الفوري، وهو ما يجعل الوصول إلى المشافي والحصول على علاج الكلى مهمة شاقة وتستغرق وقتًا طويلًا. وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة "الأونروا"، إنها تواجه تحديات كبيرة في تقديم الدعم للنازحين في قطاع غزة، حيث تكون الموارد محدودة والاحتياجات كبيرة بالنظر إلى العدد المتزايد من النازحين إلى مدارس الإيواء. معركة جديدة لمرضى السرطان وفي يوم 30 أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، عن وقوع هجوم من قبل طائرات الجيش الإسرائيلي على مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، للمرة الثانية، وهذا المستشفى كان يقوم بعلاج مرضى السرطان، وقد أدى الهجوم إلى توقف المستشفى عن العمل بالكامل، وهو الجهة الوحيدة في القطاع التي توفر علاجًا لمرضى السرطان، مما أدى إلى تفاقم معاناة المرضى بشكل لا يُحتمل، فهم ليسوا فقط يقاتلون السرطان بحد ذاته، بل يتعين عليهم أيضًا مواجهة صراع مع عدم الاستقرار والحرب. وفي وقت سابق، حذرت منظمة الصحة العالمية، من تفاقم الأزمة التي تواجه أصحاب الأمراض المزمنة في غزة، حيث يوجد أكثر من 1000 مريض يحتاجون إلى جلسات غسيل الكلى للبقاء على قيد الحياة، بالإضافة إلى ذلك، هناك أكثر من 2000 مريض يتلقون علاجًا لمرض السرطان، وحوالي 45 ألف شخص مصاب بأمراض القلب والأوعية الدموية، وأكثر من 60 ألف مريض يعانون من مرض السكري. زيادة معاناة المرضى وفي صباح يوم الاثنين 6 نوفمبر، كشفت وزارة الصحة في غزة عن تعرض مستشفى الطب النفسي الوحيد في القطاع إلى هجوم من قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى استهداف مستشفى العيون، تلك الأحداث وقعت وسط قصف محيط المستشفيات في غزة، مما يزيد من تفاقم الأوضاع والصعوبات التي يواجهها المرضى ومقدمي الرعاية الصحية في القطاع. القصف الذي طال مستشفى الطب النفسي في قطاع غزة يأتي في إطار حملة استهداف المستشفيات والمراكز الصحية العديدة في القطاع، وتلك الهجمات تستهدف القطاع الصحي وسيارات الإسعاف، مما يعرض حياة المرضى والمصابين للخطر، وتقول تقارير سابقة للأمم المتحدة، إن هناك أكثر من 100 هجوم على منشآت طبية في غزة منذ بداية الصراع. أما المستشفيات التي تختص برعاية النساء الحوامل والأطفال لم تفلت من الاستهداف الإسرائيلي أيضًا، فقد صرح المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، بأن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتف بإلحاق أضرار بالمنشآت الطبية وقطع الإمدادات والوقود، بل وقام بقصف مستشفى الدكتور ثروة الحلو، ما ترتب عليه تعريض حياة النساء في أقسام الولادة والطواقم الطبية لخطر كبير. وأكد القدرة، فيما يتعلق بالأوضاع الصحية في القطاع، أن الصعوبات تزداد يومًا بعد يوم، حيث تفتقر المنشآت الطبية للمياه والأدوية والكهرباء، وهذا يعني وجود كارثة صحية قد تكون وشيكة، خاصة بالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة، حيث يتعرضون للخطر بشكل خاص في حال انهيار البنية الصحية بشكل كامل. ويشير الأطباء في غزة إلى أن هؤلاء المرضى، بحاجة ماسة للعناية الطبية والعلاج، وهم اليوم لا يجدون هذه الخدمات المتاحة بسبب الحرب المستمرة. ومن خلال هذه الظروف الصعبة، يجد المرضى أنفسهم في قلب صراع مزدوج في قطاع غزة، ويتعين عليهم التصدي للأمراض المستمرة بينما يجدون أنفسهم أيضًا معرضين لتداعيات الاحتلال الدائم، مما يجعل الصعوبات والتحديات التي يواجهونها أكثر تعقيدًا، وتزيد من خطورة وضعهم أكثر. ومنذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة وصل عدد الشهداء الفلسطينيين إلى الآلاف في حصيلة تزداد بشكل كبير يوميا، بينما واصل جيش الاحتلال استهداف المدنيين والمستشفيات والكنائس وأي مكان يمكن أن يحتمي به سكان القطاع. واعتبر بنيامين نتنياهو، في أول خطابٍ له بعد اندلاع المواجهات، أن ما حدث يوم السبت 7 أكتوبر هو يوم قاسٍ غير مسبوق في إسرائيل، لتبدأ إسرائيل في قصف مكثف على القطاع وقال نتنياهو، في كلمةٍ له، "هذا يوم قاسٍ لنا جميعًا"، مضيفًا: "ما حدث اليوم لم يسبق له مثيل في إسرائيل وسننتقم لهذا اليوم الأسود". وأشار نتنياهو إلى أن فصائل المقاومة فهي المسؤولة عن سلامة الأسرى، مضيفًا أن إسرائيل ستصفي حساباتها مع كل من يلحق بهم الأذى، وذلك حسب قوله. وشهد يوم 17 أكتوبر نقطة فاصلة بعدما أقدم الاحتلال الإسرائيلي على ضرب مستشفى الأهلي المعمداني في قطاع غزة في جريمة سقط فيها مئات الشهداء من الجانب الفلسطيني.