كلما أقدمت الدولة على تنفيذ مشروع تطوير شامل لأحد المرافق العامة تقوم الدنيا ولا تقعد على صفحات السوشيال ميديا تشكك فى نواياها وتتصاعد الاتهامات أن هذا التطوير يخفى وراءه نية مبيتة لبيع هذا المرفق أو ذاك لجهة أجنبية.. وبمرور الوقت وتعدد هذه الحالات يترسخ لدى الرأى العام اعتقاد أن الدولة بصدد بيع جميع مرافقها وأصولها.. وهذا أمر غير متصور وبعيد عن أى منطق. آخر هذه الحالات ما أثير حول مشروع التطوير الشامل لحديقتى الحيوان والأورمان.. الاتهامات انطلقت وتصاعدت دون أن يكلف أحد نفسه مشقة البحث عن أسباب توجه الدولة لتنفيذ هذا المشروع وما هى ملامحه وشروطه وما سيعود على مصر من ورائه. وقبل أن أدخل فى التفاصيل أتساءل: هل من يعترضون على هذا المشروع سعداء بما وصل إليه حال حديقة الحيوان على الأخص من تدهور على جميع المستويات حتى أنها خرجت منذ عام 2004 من عضوية الاتحاد الدولى لحدائق الحيوان رغم أنها ثانى حديقة فى العالم من حيث تاريخ إنشائها والذى تزامن مع إنشاء حديقة حيوان لندن حيث بدأ إنشاؤها عام 1871 فى عهد الخديو اسماعيل وافتتحت عام 1891 فى عهد الخديو توفيق وفى عام 1875 كلف الخديو اسماعيل الفنان العالمى جو ستاف إيفل بعمل كوبرى معلق فى الحديقة قبل أن يقوم بتصميم وإنشاء برج إيفل فى باريس ب 12 سنة وعام 1949 تم افتتاح الاستراحة الملكية فى عهد الملك فاروق والتى ضمت غرفة نوم مصنوعة بالكامل من العاج والذهب لكنها أغلقت عام 1986 وعام 2013 تم اكتشاف سرقة غرفة نوم الملك فاروق ووضع بدلاً منها غرفة نوم مستعملة! وفى عام 2018 ظهرت الغرفة الأصلية وهى تباع فى مزاد علنى على الإنترنت بالولايات المتحدة بمبلغ 984 ألف دولار! بعد ثورة يوليو 52 وقعت الحديقة أسيرة البيرقراطية والفساد والإهمال ولم تشهد أية عمليات تطوير للبنية التحتية للحديقة والطرق الداخلية بها وبيوت الحيوانات والطيور ولم يتم تعويض الحيوانات والطيور التى ماتت أو سرقت حتى أنه لم يعد بالحديقة حالياً أى زرافة أو فيل! هنا كان ضرورياً أن تنتفض الدولة وتبحث عن حل لتطويرها تطويراً شاملاً يعيدها إلى عضوية الاتحاد الدولى لحدائق الحيوان ويعيد لها رونقها وجمالها المفقود. طرحت الدولة مشروع تطوير الحديقتين «الحيوان والأورمان» فجاءت أغلب العروض تستهدف فى الأساس الاستثمار والربح ثم تقدمت إحدى شركات الإنتاج الحربى بمشروع استعانت فيه بشركات استشارية وهندسية من أكبر مصممى حدائق الحيوان فى العالم وشركة متخصصة فى مجال التدريب على رعاية الحيوانات وتربيتها. ملامح مشروع التطوير شرحها محمد رجائى رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوانات بوزارة الزراعة فى مداخلة مع برنامج «كلمة أخيرة» حيث أكد أن التطوير يستهدف تغيير البيئة الحيوانية من النظام المغلق إلى النظام المفتوح بمعنى تحرير الحيوانات من الأسر إلى أنظمة مفتوحة وليست سفارى وإنشاء عدد كبير من الكافيتريات ومناطق التنزه والترفيه مع ضمان الحفاظ على الأشجار والمبانى الأثرية بالحديقتين وشدد على أنهما ستظلان مملوكتين لوزارة الزراعة.. والمشروع لا يتعدى منح حق الإدارة والتشغيل لشركة متخصصة مقابل حق انتفاع لمدة 25 سنة وإيراد سنوى لمصر مع ضمان ألا يزيد سعر تذكرة الدخول عن 20 جنيهاً ليتاح التمتع بالحديقتين لكل فئات المجتمع.