ماذا فعل ضيوف الرحمن فى بقايا الذبائح التى زادت عن حاجتهم فى أيام التشريق فى عصر الحبيب المصطفى - عليه الصلاة والسلام - ؟! هل تركوها لتتلف قبل اختراع الثلاجات والديب فريزرات - وفكرة صكوك الهدى ؛ وترتب على تلفها تلوث بيئى وأمراض فتاكة ؟ الحبيب المصطفى - عليه أفضل الصلاة والسلام - يقول: « أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله» وأيام التشريق الثلاثة عقب عيد الأضحى سميت بهذا الاسم لأن ضيوف الرحمن كانوا يذبحون الذبائح فى منى - ثم يسلخونها ويقطعونها قطعا صغيرة - ويرشونها بالملح ، ويربطونها ببعضها ، ويعلقونها فى اتجاه شروق الشمس ، إلى أن يسقط منها الماء تماما - وتصبح جافة مثل قوالب الطوب ؛ فهذه الطريقة تحفظ اللحم من التعفن - ليستخدموه طوال العام بعد نقعه فى الماء عند اللزوم - ليزول منه أثر الملح ويصير طريا قابلا للطهى ، وعلى هذه الطريقة تبنى صناعة البسطرمة فى العصر الحديث ؛ لأنها من أفضل الطرق لحفظ اللحوم ، فالملح ليس له أضرار جانبية مثل المواد الحافظة ولضيوف الرحمن آداب جميلة تفوت الكثيرين من حجاج عصرنا الحاضر ؛ حيث يقول الإمام الأعظم أبوحنيفة النعمان : « فاتنى فى الحج خمسة أشياء نبهنى إليها حلاق - عندما جلست أمامه قلت : بكم تحلق لى ؟ قال ماتدفعه ؛ فلا مساومة فى النسك ، ولما رآنى صامتا قال : سم الله كى نبدأ - ولما أعطيته الجانب الأيسر من رأسى - قال : فلنبدأ بالأيمن فمن السنة التيمن فى النسك ، وعندما عدت إلى صمتى ، قال : اذكر الله فإنك فى نسك ، ولما انتهى وقمت لأركب دابتى ، قال : احمد الله واشكره لأنه وفقك لأداء النسك ؛ فقلت له : أخبرنى بالله عليك .. من علمك هذه الآداب ؟ قال : الإمام عطاء بن أبى رباح ، أفقه الناس بعد الإمام مالك ، جلس أمامى مثلك وعلمنيها فأخذت أعلمها للآخرين من يومها « شكر الله سعى المرأة المصرية المعيلة فى صورة السيدة هاجر أم سيدنا إسماعيل ؛ بأن فجر لها بئر زمزم ، وجعل السعى بين الصفا والمروة شعيرة من أهم الشعائر التى يؤديها المسلمون حتى قيام الساعة ، وفى هذا إعلاء لقيمة السعى والحركة والعمل فى كل زمان ومكان .