بدا له الشعر كحسناء تصحبه إلى العوالم الخيالية، وتعرفه على مفاهيم جديدة عن الدنيا التى يعيشها، كذلك تعلق الشاعر محمود عبد الصمد زكريا بفن الشعر وافتتن به، فأخلص له حتى فاز مؤخرا بجائزة أمير شعراء العصر الحديث صلاح عبد الصبور، مما منحه إحساسا بالتقدير لتجربته الإبداعية، واعتبر هذه الجائزة تتويجا لمنجزه الشعرى ويحدثنا زكريا عن رحلته عبر السطور التالية. - كيف بدأت رحلتك مع الكتابة ؟ بدأت منذ مرحلة الدراسة الثانوية ، ثم عرفت قصر ثقافة الحرية منتصف سبعينات القرن المنصرم حيث ندوة الشعر الأسبوعية كل يوم أحد ، وهناك التقيت بثلاثة أجيال من الشعراء : جيل الآباء - كما أحب أن أسميه - ويضم عددا من الشعراء البارزين، ولم يكن مسموحًا لنا نحن الجيل الجديد بالمشاركة فى النقاش أو قول الشعر فى الندوات ، وكنا نستمع فقط ، ونعرض كتاباتنا على الأساتذة بالمقاهى بعد الندوة. ونستمع لآرائهم وتوجيهاتهم حتى استوينا شعراء وبدأنا بالفعل فى نشر أولى قصائدنا،وكانت أول قصيدة تنشر لى فى حياتى بمجلة الكاتب المصرى التى كانت تشرف برئاسة الشاعر الرائد الكبير صلاح عبد الصبور فى النصف الثانى من السبعينات وكانت بعنوان (هاتِ كفيكِ لأبدأ) وشعرت أنه رحمه الله ينشر قصيدتى فى هذه المجلة الغراء بجانب قصائد كبار الشعراء فى مصر،وكأنه قد لبى النداء وأخذ بيدى ووضعنى على أولى درجات سلم الشعر الطويل، وهمس لى : هيا اصعد يا بنى فأنت شاعر حقيقى . - حدثنا عن ديوان سرى جدا ؟ هو واحد من ثلاثة دواوين ما زالت مخطوطة تنتظر فرصة النشر ، وتتسم قصائده بتضفير الهم العام بالهم الخاص ، وقصر القصائد ، واتساع الرؤية - إن جاز لى القول - وعصارة الخبرة. إقرأ أيضاً| ياسمين تروي موقفًا طريفًا مع سوزان مبارك بقصر ثقافة الأنفوشي - وكيف استطعت أن تواجه الإحباط والاكتئاب حيث إن فنون السرد تسود الساحة الأدبية المصرية الآن مما يؤثر على حضور الشعر؟ عفواً لا أوافق على هذا التعبير،إن السرد محتل للساحة الثقافية المصرية، ربما اتسعت رقعة السرد على قماشة المطروح الثقافى أكثر من ذى قبل، وهذا نتيجة انتشار للقصة القصيرة والقصيرة جداً، واتجاه أكثر إلى كتابة الرواية بعد حصول أديبنا الكبير نجيب محفوظ على جائزة نوبل، وتخصيص الكثير من الجوائز الكبيرة ذات المكافآت المالية الكبيرة لها، ولكن هذا لا يعنى أن الشعر تراجع أو أصيب بالاكتئاب،ربما أوافق على تعثر جواد الشعر المنغوم خصوصاً شعر الفصحى أمام المد السردى وقصيدة العامية،ومزاحمة قصيدة النثر، لكنه لم يكب أو يحتضر، مازال وسيظل الشعر هو فن العربية الأول بدليل أننى - على سبيل المثال - نشرت ثلاثة دواوين بالهيئة المصرية العامة للكتاب ،وديوانًا بالشارقة الثقافية الرقمية (مجلة الرافد الرقمية أو الإلكترونية) خلال خمس سنوات ،أصدرت ثمانية دواوين قبل ذلك على مدى أربعين عامًا،فأى اكتئاب وأى إحباط؟، يا عزيزى أنا مؤمن أن الله سبحانه وتعالى يقيد للحقيقى فرصته مهما كانت الصراعات، وهى فى الحقيقة ليست صراعات بالمعنى الحرفى، ولكنها اختلافات ولنا أن نختلف فمن الاختلاف ينتج الابتكار. - وما مشروعك الأدبى الجديد؟ ما زال لدى ثلاثة دواوين مخطوطة أتمنى أن ترى النور أولها طبعاً هو هذا الديوان الفائز (سِرى جداً- قصائد بصيرة لمن يهمه الأمر) وآخر بعنوان (من إرهاصات الربيع المخاتل) وقد كتبت قصائده قبل هذا الديوان الأخير ، وثالث بعنوان (مدارج الفتنة) ، وقد أوشكت على الانتهاء من تجربة ديوان جديد هو عبارة عن نصوص قصيرة جداً منها المنغوم، ومنها النثرى بعنوان (قالت لى) ومازلنا نكتب وسنظل حتى يقضى الله أمراً كان مفعولا، وكل ما أتمناه وأطمح إليه الآن هو أن يتوج مشوار حياتى مع الشعر الذى أخذ عشقه عمرى بجائزة الدولة سواء التشجيعية أو التفوق.